في الفضاء الواسع والحياة الكبيرة جداً تجد فئة تحمل في قلوبها القليل والكثير بما يسمى الزعل أو الحقد أو الضجر أو الغضب... إلخ، هي أمور دنيا تجعل الحياة أكثر صعوبة مما هي عليه الآن، نريد الصفح والتسامح ولا نريد قبل حلول الشهر الفضيل أن نحمل بداخلنا فضاء واسعا من الغضب أو القهر من أي شخص، نبادر بصلة رحم، وزيارة الصديق، وتلاشي أي شعور يعوق الوقوف بين نفسك وبين غيرك من الأرحام، لا بد علي وعليكم النظر في أنفسنا وتجديد نقاء النفوس، ونعلم جميعاً أنه تأتي لنا أمور لا طاقة لنا بها، وكذلك نعلم أن ابن ادم مخلوق ضعيف، إذا أصابه ألم جزع وإذا تعافى نسي ما كان به، هو قليل الصبر والتحمل، نعم هي حقيقة مذكورة بالقرآن أيضاً قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا}. حتى أن القرآن ذكر الصفح الجميل، {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وهو الصفح الذي لا أذية فيه بل يقابل إساءة المسيء بالإحسان، وذنبه بالغفران، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب، فإن كل ما هو آت فهو قريب، ونحن نسعى دائماً وأبداً لطلب من عند لله لا لمصلحة أو حاجة تجبر رضا مخلوق فوق رضا الله، نحن بشر نخطئ ونصيب، والأفضل من اعترف بالخطأ، نحن بشر ننجرف مع المشاعر ونرى بأننا على حق والغير ليس لهم حق، نرى بداخلنا كبرياء الحق الذي نراه حق هو بالأصح خطأ وقد يكون في بعض الحالات صحيح، هناك أمور واضحة لا تطلب أي تبرير ولا حجة كي تظهر لنا الحقيقة، أجمل ما في الإنسان جمال روحه ونقاء قلبه، دائماً جدد البقاء مع الأحباب واترك النوايا لله هو من يحاسب ليس أنا أو أنت، نعترف أن هناك بشرا لا نطيق التحدث معهم لسوء التعامل وصعوبة الفهم لديهم، لكن البعد هنا هو خير لنا نبعد عنهم، فالنفس لها حق كبير علينا، نريد الصفح والتسامح لكل من وقفة الدنيا بينك وبينهم، خير ما فيه الدنيا الصفح عمن أساء إليك، قال تعالى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران، ورسولنا صلى الله عليه وسلم ألّف حول دعوته القلوب، وجعل أصحابه يفدونها بأرواحهم وبأعز ما يملكون بخُلقه الكريم، وحلمه، وعفوه، وكثيراً ما كان يستغضب غير أنه لم يجاوز حدود التكرم والإغضاء، ولم ينتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.
قبل شهر رمضان تذكر أن الحياة أخذت الغالي والنفيس وأنها لن ولم تدوم لأي مخلوق على وجه الأرض حافظ على قلوب أحبتك قابلهم بالصفح واذكرهم بالدعاء، فالحياة لنا تبقى وكم من حبيب ذهب ولم يبقَ منه سوى الأثر، وكم من صديق ذهب ولم يبق منه سوى معروف لم ينسَ، هي حياة تتجرع الفقد وهي عجلة لا تقف عند باب أحد، أسأل الله أن يجعلنا من أصحاب هذه الآية {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وأسأل الله أن يبلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين وأن يمدنا بالعافية والصحة وجميع من لهم قدر بقلوبنا، وأن يرحم من لم يدرك خير الشهور، وأن يكتب نية الأجر له ويسكنه فسيح جناته، والحمد لله رب العالمين.