لا مراء بأن كل ما يعمله الإنسان من عمل أو قول أو فعل فإنه سوف يحاسب عليه إن خيراً فخير وإن شراً فشر، قال سبحانه وتعالى {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، وقال سبحانه {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وقال صلى الله عليه وسلم (لن تزل قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به).
وما أحببت الإشارة إليه بهذا الصدد هو أنه حري بنا إخوتي وأحبتي في الله أن نحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسب وأن نتدارك ما فاتنا ونعمل كل ما من شأنه أن يقربنا إلى الله تعالى ورحمته وجنته جلّ شأنه، فعلينا أن نعوّد أنفسنا على: محاسبة النفس، ففي كل يوم علينا أن نأخذ من وقتنا على الأقل ساعة واحدة من خلالها نستعرض نستذكر كل ما عملناه من خلال ذلك اليوم من خير ومن غيره ومن ذنب ومن تقصير، فإذا كنا قد عملنا الخير فإننا حينها نحمد الله تعالى على ذلك ونستمر كذلك على هذا العمل الطيب، وكذلك العكس فإذا كنا قد عملنا غير ذلك وقصرنا في حق من الحقوق وفي واجب من الواجبات، فإنه علينا أن نبادر فوراً إلى التوبة إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار وبالندم على هذا العمل وهذا التقصير، نعم أحبتي في الله حري بنا محاسبة أنفسنا قبل أن نحاسب ما دمنا في هذه الحياة الدنيا، لأن الدنيا دار عمل وليست دار جزاء والآخرة هي على النقيض تماماً فيه أي الآخرة دار جزاء وليست دار عمل، نعم، ولكي لا نندم يوم القيامة يوم الجمع الأكبر ويومها لا ينفع الندم، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا: فإذا قصرنا في أدائنا لفرض من الفروض أو أنستنا مشاغلنا ومصالحنا وغاياتنا الدنيوية وعن الزيارة للأقارب وصلة الرحم، فعلينا فوراً الندم والإقلاع عن ذلك التقصير ولنبادر إلى التوبة إلى الله تعالى ونصل أرحامنا ونعمل كل ما من شأنه أن يقربنا إلى رضا الله تعالى.