تشير الدراسات الإحصائية إلى أن المجتمع السعودي ينفق قرابة 40 مليار ريال على السياحة الخارجية في السنة الواحدة فقط.. إذا صحت هذه الأرقام الإحصائية فإنه يمكن القول أن تكاليف السياحة الخارجية لسنة واحدة قد تكفي لبناء مدينة سياحية جديدة متكاملة.. وربما أن ارتفاع التكاليف يعود إلى تدني مستوى الوعي السياحي لدى البعض وأن السياحة أصبحت عند البعض عادة لا متعة وأسلوباً للمباهاة أكثر من كونها وسيلة للراحة والاسترخاء بعدما يتعب الركب من عناء الطريق.
آمل من القارئ الكريم التحلي بالصبر وسعة الصدر عند قراءة مقال اليوم فهو - على خلاف مقالاتنا السابقة - يمثّل نوعاً من الخيال الاقتصادي الساخر.. ولكن قد يقول قائل: طالما أنه يمثّل ضرباً من الخيال، فلماذا تقحم قراءك ومحبيك فيما قد يُعتبر إضاعة للوقت؟.. ولماذا هذا التغيير الجذري في الكتابة؟.. وأقول ببساطة إننا في وقت لم نعد نميز فيه بين الخيال والحقيقة ولم يعد هناك خيال يستحيل رؤيته على أرض الواقع.
عصرنا عصر الواي فاي، كل شيء ممكن.. ومن هذا المنطلق فإنه يسعدني طرح السيناريو التالي:
1 - يتفق السعوديون الذين يعتزمون السياحة في الخارج للعام 2015 على عدم السفر والبقاء صيفاً في المملكة لتلك السنة فقط.. مع إيداع المبلغ الذي تم اعتماده من قِبل كل منهم والمخصص للمصاريف السفرية في صندوق استثماري يتولى إدارته مجموعة يختارها المودعون (الجمعية العامة).
2 - يتم اختيار موقع أكثر في أفضل المناطق السياحية داخل أو خارج المملكة.
3 - يتولى الصندوق إنشاء مدينة أو مدن سياحية في أحد المواقع المناسبة داخلياً أو خارجياً وربما في أكثر من موقع.
4 - يتم توزيع حصص الصندوق وفقاً للمبالغ المودعة.
5 - يتمتع المساهمون بحق الاستخدام وفق أسلوب المشاركة (sharing).
6 - يتفق هؤلاء المساهمون على إلغاء كلمة فقط (الواردة في الفقرة 1 أعلاه) والعمل على تكرار التجربة في العام 2016 والعام الذي يليه ثم الذي يليه وفي كل عام يعتزمون فيه السياحة في الخارج... إلخ.
وبذلك يكون السائح السعودي عنصراً فاعلاً في التنمية الحضرية وزيادة المعروض من الخدمات السياحية وداعماً للادخار لا للاستهلاك.
ويساهم السياح السعوديون في تخفيض تكاليف السياحة العالمية وإصلاح ما نتج عن سلوكهم الترفي من رفع لأسعار الخدمات السياحية والكماليات.. كما سيساهم ذلك في الحد من الاستهلاك الترفي ومن عادة المباهاة في النفقات النثرية والسكن والمركب، هذا فضلاً عن تشجيع الادخار والسياحة الداخلية وما فيها من حفظ للنفس والمال والولد.
وهذا بالطبع قد يتطلب صرف جزء مما تم توفيره على مهدئات تساعد على التعايش مع سلوكنا في قيادة المركبات مع شدة وهج الصيف!!!!
هي مجرد دعوة للمصطافين بأن يستقطعوا جزءاً من أوقاتهم التي يقضونها في الاستهلاك الترفي في التفكير في الإنفاق الرشيد وفي إعادة ترتيب ملفاتهم وبرامجهم السياحية وفي الاقتصاد الادخاري على حساب الاستهلاكي.. ذاك لأن النعم لا تدوم.. إنها سنن الكون؟.. ودعوة أيضا لهيئة السياحة بوضع برامج لتوعية السائح السعودي بالسياحة الحضرية الراشدة.. والله من وراء القصد.