كثر الحديث في (الجزيرة) وغيرها عن أمور التربية والتعليم وبالرغم من الميزانية الهائلة التي تدفع لتطوير التعليم إلا أن المخرجات ضعيفة ولا توازي آلية الصرف على هذا القطاع وذلك لسبب بسيط هو أننا أهملنا الجوهر وقدمنا التنازلات المتوالية في سبيل نجاح الطالب بغض النظر عن تثقيفه وتعريفه بحقوق مجتمعه، ومن ذلك عملنا على تخريج من يتمرد على نفسه ولا يلقي بالا لحقوق مجتمعه، فما الذي يجعل طالبا لا يكاد «يخرج من البيضة» - كما يقولون - يقدم على تمزيق كتبه وعلى مرأى من الجميع وأمام مدرسته، بل تعدى ذلك إلى سب مدرسته والتعليم علنا، وكذلك التعدي على المارة ومضايقتهم والتضييق عليهم دون خوف أو وجل، هل سيحدث ذلك لو كان الطالب يعرف ما هو المقابل الذي سيدفعه تجاه هذه السلوك غير المقبول؟ نعم، لم نغرس في الطالب من الأساس واجب المحافظة على كتبه وأنه سيدفع كثيرا في مقابل إتلافها أو عدم المحافظة عليها، كذلك لم نزرع فيه حب المواطنة كما يجب، وماله من حقوق وواجبات، وكذلك ما للمجتمع عليه من حقوق وواجبات وما سيدفع في مقابل الإخلال بتلك الحقوق والواجبات، سلبنا كل حق للمعلم والمدرسة في تقييم الطالب كما يجب، وأملينا عليهما بعض القواعد المنظمة للسلوك وهي عبارة عن درجات يمكن للطالب استردادها، هذا إذا كان يلقي لها بالا؛ لأنها لا تقدم ولا تؤخر فليس من المستغرب أن نشهد مثل هذا التمرد، قد يتشدق البعض ويقول إن ما حدث لا يعدو كونه تصرفا فرديا لا يمثل الجميع فنقول لذلك الشخص: هل شاهدت ما يحدث في الشوارع الخلفية لبعض المدارس من مشادات وعراك والتجمعات التي تستدعي تدخل الجهات الأمنية في بعض الأحيان؟ هل شاهدت ما يحدث من تعدي بعض الطلاب على معلميهم في محاولة لإلحاق الضرر بهم، بل تعدى ذلك إلى إتلاف مركباتهم؟ لذا يجب علينا أن نعمل على إصلاح حال الطالب قبل إصلاح حال التعليم، فليس الهدف أن نخرج كمبيوتر يحوي الكثير من المعلومات، بل الهدف أن نخرج إنسانا صالحا يعرف حقوقه وواجباته تجاه نفسه ومجتمعه، يجب أن نعطي المدرسة والمدرس جميع الصلاحيات في إصلاح حال الطالب، يجب أن نترك للمدرسة إدارة شؤون طلابها ويكون التنافس في تكوين مدارس نموذجية تصلح من حال الطالب وتغرس فيه القيم والأخلاق وتعزز الوازع الديني وتنمي فيه حب الوطن والمحافظة على ممتلكاته، يجب أن يقتصر التقويم المستمر على الصف الأول والثاني وأن تعاد الاختبارات بهيبتها اعتباا من الصف الثالث وحتى التخرج من المرحلة الجامعية فهي تنمي وتزرع الثقة وتعطي للمدرسة وللكتاب قيمتهما، يجب أن نعمل على تحسين البيئة المدرسية لتكون بيئة جاذبة للطالب وأن نستشير ونطلب رأي المعلم وما يحتاجه في تلك المدرسة وألا نصمم صندوقا من الأسمنت يفتقد مقومات البقاء ونقول عنه « مبنى مدرسيا» يجب أن نؤسس لمدارس إصلاحية في كل حي يحال إليها كل طالب يحتاج لذلك وهذا بالتالي سيخفف من تمرد الطلاب وسيخلق بيئة مناسبة للتعليم، كذلك يجب أن توضع مكافآت رمزية للطلاب تزيد وتنقص بحسب سلوك وتفوق الطالب، كذلك تغذية مدرسية مناسبة للطلاب، والمجال في ذلك خصب والأفكار المتواردة في ذلك كثيرة ولكن هذا غيض من فيض، والله الموفق.