بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربا *** وما أحسن المصطاف والمتربعا
الطائف قد ميّز الله موقعها وأجواءها بالاعتدال عن كثير من الأجواء على مدار الأعوام منذ القدم بصفة عامة، أذكر ونحن من طلاب دار التوحيد عام 1371هـ الواقعة في حي «قروى» غربي مدينة الطائف نبيت بالمهجع القسم الداخلي سكن الطلبة المغتربين عن أهليهم تحت سقفه صيفاً وشتاءً بغطاء واحد.. وهذه حال أهالي الطائف وما حولها.. كما أن معظم مباني البلد -آنذاك- ليس لها درج ولا مبيت بأسطحها لعدم الحاجة إلى ذلك، كما أن تبريد مياه الشرب بواسطة «الأزيار» الفخارية الكبيرة والصغيرة يُبرد ماؤها في غالب الأحيان بدون ظل؛ للطافة الأجواء في تلك الأزمان، ولا يوجد وسائل تكييف في المنازل لعدم توافر الكهرباء في كل موقع..، وقد عاش المواطن في هناء وبساطة في حياته إلى أن أشرقت شمس الحضارة المادية على أرجاء هذا الوطن الحبيب إلى قلوبنا في ظل ولاية حكامنا -رحم الله من غابوا عنا- وأسعد الوالي الكبير الحبيب إلى قلوب شعبه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعضديه المخلصين سلمان ومقرن -متعهم الله جميعاً بكامل الصحة والسعادة، وسدد خطاهم في دروب الخير على أحسن حال، وحَفِظ بلادنا من كل مكروه:
هم الملوك وأبناء الملوك لهم *** فضل على الناس في اللأواء والنعم
وبهذه المناسبة السعيدة التي أُطلق على مدينة الطائف في هذا العام 1435هـ (الطائف عاصمة المصايف العربية) سعدت بتلقي دعوة كريمة من معالي الأستاذ الفاضل فهد بن عبدالعزيز بن معمر محافظ الطائف لحضور الحفل الذي أقيم برعاية صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكة المكرمة، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الذي ألقى كلمة ضافية رحب فيها براعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة مكة المكرمة، وبالحضور عموماً، كما ألقت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة بمملكة البحرين الشقيقة كلمة أشادت فيها بالعلاقة الودية المتينة بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين رحبت فيها براعي الحفل أمير مكة المكرمة، وبالحضور عامة منوهة بالدور الريادي الذي تضطلع به مملكتنا الحبيبة إلى قلوبنا ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على مختلف الأصعدة، ولمِّ الصدع بين الإخوة الأشقاء فيما لو يحصل جفاء أو فتور بينهم..، فيتم على يديه بتوفيق من المولى، سدد الله خطاه ووفقه لمساعي الخير والفلاح، بعد ذلك ألقى معالي الدكتور بندر بن فهد الفهيد رئيس المنظمة العربية للسياحة كلمة وافية وهادفة حيا فيها راعي الحفل صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة، وجميع الحضور، ثم نهض راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة مكة المكرمة مختتماً الحفل الخطابي، ومنوهاً بما قام به أمير منطقة مكة المكرمة -سابقاً- صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وما تحقق على وقته من إنجازات وأعمال جليلة، ومشروعات جبارة تطويرية ومتابعة منه مستمرة، في ظل حكومتنا الرشيدة -أعزها الله بطاعته- كما شكر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان على اهتماماته البالغة بتطوير السياحة في كثير من البلدان والأرياف والمدن المطلة على البحار، وبالعناية والحفاظ على آثار من سبقونا إلى مراقد الراحلين، فهي موروث جميل لنعتبر ونحمد الله على ما نحن نتنعم به من ترف باذخ وأمن مطّرد -بحمد الله ونعمته-.
وما من شك أن السياحة ذات أهمية تثري حصيلة الإنسان العلمية والأدبية، وموسِعة لآفاق المعرفة، وفيها ترويح للنفوس، ولأصحاب الأعمال وللشباب خاصة على اختلاف مراحلهم العمرية، ولقد أجاد الشاعر حيث يقول:
سح في البلاد إن أردت تعلماً *** إن السياحة في البلاد تفيدُ!!
كما لا يُنسى ما يقوم به معالي محافظ الطائف الأستاذ فهد بن عبدالعزيز بن معمر من نشاط ومتابعة مستمرة جعلت مدينة الطائف تُضاهي مصايف ومتنزهات العالم نظافة وجمالاً واتساعاً عمرانيا..، فَجَوّها في مواسم الصيف يعبق أريجه برياحين الورود..، كما أن أسواقها تغصُّ بأنواع الفواكه الجيدة حلوة المذاق من كروم، وسفرجل، ورمان حلو لا يُضارعه شيء من أنواع الرمان «لذوبانه في الفم» بحيث لا يُحسُّ ببزره، وقد انفرد بهذه الصفة عن غيره -على ما أعلم- وفي مساء يوم الأربعاء 16-7-1435هـ افتتح صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله فعاليات مهرجان الورد الطائفي العاشر الذي ينظمه مجلس التنمية السياحية بالطائف.. وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل معالي محافظ الطائف الأستاذ الفاضل فهد بن عبدالعزيز بن معمر، وأمين محافظة الطائف المهندس محمد بن عبدالرحمن المخرج، ومدير شرطة مكة المكرمة اللواء عبدالعزيز الصولي، وعدد من كبار المسؤولين بالمنطقة.
وفور وصول سمو أمير منطقة مكة المكرمة قام بجولة على قسم المأكولات العربية بعدها تجول على خيمة الحرفيين والحرفيات، ثم شاهد سموه عرض للإنزال المظلي والقفز الحر..، واستعراضاً للخيالة والأفراد وهم يحملون علم المملكة وصور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي عهده الأمين حفظهم الله، كما شاهد عروضاً استعراضية لفريق الصقور.. نالت إعجاب الحضور، كما مر بسجادة الزهور التي أضفت على ذلك المهرجان جمالاً ازدانت بها جنبات المتنزه، والبالغ مساحتها ما يقارب 750م، ثم بدأ الحفل في تلك المناسبة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى أمين محافظة الطائف نائب رئيس مجلس التنمية السياحية بالمحافظة المهندس محمد بن عبدالرحمن المخرج كلمة رحب فيها بسمو الأمير مشعل بن عبدالله والحضور في عاصمة المصايف العربية مدينة الورود والثقافة والسياحة.. ونوَّه فيها بما تشهده مدينة الطائف من نشاط سياحي ومشروعات تنموية جبَّارة.. مما جعلها مقصد لكل سائح ومتنزه في ظل حكومتنا الرشيدة، ولكي تتم الراحة للمصطافين والمتنزهين لا بد من تقليل التحويلات الطويلة.. التي أصبحت مصدر إزعاج، وإضاعة الوقت لسالكي الطرق الرئيسة..، كما أن الحفر العميقة والأخاديد الواقعة في قلب المدينة بجوار مسجد الهادي من أكبر الأخطار على الأطفال والمارة، ولقد سعدت بالحديث مع أمين محافظة الطائف الرجل الحاذق النشط أثناء تناول طعام الغداء المعد على شرف أمير منطقة مكة المكرمة بحي الشفاء في مزرعة محافظ الطائف، ودار الحديث حول كثرة الحفريات التي قللت من الاستمتاع بتلك الأجواء اللطيفة، مطعماً حديثي معه بهذا البيت:
ولم أرى في عيوب الناس شيئا **** كنقص القادرين على التمام!!
فرد علي بكل لطف: قائلاً اعترض المشروع (كيبل) ضخماً، وسينتهي ما أشرت إليه في أقرب وقت ممكن بحول الله، وخشية من الإطالة والإطناب بهذه الكلمة الوجيزة لا يفوتني أن أقدم الشكر الجزيل لأمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز على تشريفه الطائف عاصمة المصايف العربية، وحضور الكثير من المواقع الجميلة المعروفة، وافتتاح كثير من المهرجانات المحببة للحضور وللشعب السعودي..، مثنياً بالثناء الجميل للأمير المحبوب سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، كما لا أنسى أن أنوّه بكرم الضيافة، وبحسن استقبال محافظ الطائف الأستاذ الفاضل فهد بن عبدالعزيز بن معمر لجميع الحضور في تلك المواقع والمناسبات..، وعلى اهتمامه بي اهتماماً خاصاً، وللضيوف الكرام عامة.. مردداً هذا البيت:
فلا برحت مدى الأيام في دعةٍ *** يَمُدك المسعدان السعد والعُمُرُ