جدَّد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أمس التأكيد على بقاء سياسة ربط الريال السعودي بالعملة الأمريكية، وأنه لا يوجد نوايا لدى المملكة لفك هذا الارتباط. وأضاف العساف بأن الدولار يلعب الدور الأساسي في المعاملات الدولية، وأن دعوى فك الارتباط بين الريال والدولار ليست رسمية. مبيناً أن الموقف الرسمي هو الارتباط بينهما.
وأكد وزير المالية خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخزانة الأمريكي جاكوب في جدة أمس أن إجراءات الحد من تمويل الإرهاب بالمملكة قوية «وسبقنا الكثير من الدول في الحد من ذلك». مبيناً أن هناك تعاوناً وثيقاً جداً بين مختلف القنوات الرسمية في المملكة والولايات المتحدة، وأن البنوك السعودية ملتزمة تماماً بالمعايير التي وضعتها مؤسسة النقد، وهناك تعاون مستمر بينهم.
من جهته، كشف وزير الخزانة الأمريكي جاكوب لو عن مناقشته أمس مع وزير المالية العساف حول مكافحة الإرهاب وتمويله، ليس على مستوى العراق وسوريا، وإنما في أفغانستان كذلك، إضافة للجهود الدولية المشتركة بين البلدين. كما أفصح خلال المؤتمر الصحفي عن جهودهم مع السلطات السعودية في تعزيز الشفافية المالية من خلال مكافحة غسل الأموال، إضافة لمناقشة تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتطرق جاكوب لو إلى أن محادثته مع المملكة لتنويع مصادر دخلها، مشيداً في الوقت ذاته بجهود المملكة التي حققتها، ومن ضمنها مساعدة اليمن، مبيناً رضاه عن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين التي استمرت عقوداً، وأنهم يسعون لتنويع النطاق الاقتصادي. كما أشار إلى أن هناك العديد من التهديدات التي تتم مراقبتها بشكل دائم، ومحاربتها؛ كي لا يستفيد الإرهاب من النظام التمويلي البنكي وغيره. مبيناً مواصلتهم العمل مع الحكومة السعودية في هذا الإطار، ولافتاً إلى أن لقاء الأمس عكس العلاقات العميقة بين وزارته ووزارتي المالية والداخلية السعودية، مبدياً مواصلة تطلعه لذلك. كذلك أوضح أن مسؤولية مكافحة تمويل الإرهاب «نتشاطرها مع السعودية والبلدان الأخرى؛ فهناك مسؤولية تقع على عاتقنا مع حلفائنا، ونسعى من خلالها لتحقيق نظام مصرفي لا يسهل للآخرين الاستفادة منه، وذلك بفرض مصالحنا الأمنية».
وعن المطالبات بفك الارتباط التدريجي بين الريال والدولار بيّن جاكوب أن ثقة العالم في الاقتصاد الأمريكي كبيرة، وأن الولايات المتحدة لها أكبر سوق سيولة في العالم، مبيناً ثقتهم بقيمة الدولار، وتقديرهم للتعاون الذي تحتفظ به مع عملائها وأشقائها حول العالم. وعن التدابير الموجودة التي تم اتخاذها لمكافحة التهرب من الضرائب «قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية للمواطنين الأمريكيين» بيَّن وزير الخزانة الأمريكي أن هناك مناقشة مع السعودية للوصول لاتفاق حول هذا الشأن، ومبدياً تفاؤله بتلك المحادثات.
وفيما يختص بالاستثمار في أمريكا واهتزاز ثقة المستثمر الأجنبي فيها بعد أزمة الديون بيّن أن الاقتصاد الأمريكي يعدُّ من أقوى الاقتصاديات، مشيداً بالتقارير التي صدرت في الربع الأول وعودة قوته في إبريل، ومفصحاً عن أن هناك تغيرات في النهج الحكومي، ومبدياً ثقته بأهمية الاقتصاد الأمريكي حول العالم، وأن العالم ينظر له بتفاؤل.
وبدوره، أفصح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» فهد المبارك عن عدم وجود تغيير في الاستثمارات المالية، وأن المملكة تحافظ على عملاتها الخارجية وفئات الأرصدة.
وقال المبارك إن «ساما» ستبقي على استراتيجيتها الحالية لإدارة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي؛ ما يشير إلى استمرار التركيز على الأصول الدولارية. مضيفاً «ما زال لدينا تخصيص متوازن للأصول، سواء من حيث العملات أو التوزيع الجغرافي أو الفئات الأخرى». وردًّا على سؤال إن كانت المملكة ما زالت مهتمة بشراء السندات الأمريكية؟ قال: «لا تغيير في سياساتنا الاستثمارية الحالية. ذلك سيستمر؛ لأننا نبني احتياطياتنا».
وكان العساف قد بحث مع الوزير الأمريكي تطورات تطبيق قانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية للمواطنين الأمريكيين «فاتكا»، كما تم استعراض الأوضاع الاقتصادية في المملكة وفي الولايات المتحدة، وآفاق الاقتصاد العالمي على ضوء الأوضاع في أوروبا وآسيا. كذلك تناول اللقاء أهمية النمو الاقتصادي العالمي المستقر للأوضاع الاقتصادية في البلدين، واستعرض أيضاً الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، وسبل التعاون التي تكفل استعادة النمو الاقتصادي وتحسين فرص التوظيف في الدول التي تمر بمراحل تحول، وتم التنسيق في المواقف حول القضايا والموضوعات المطروحة على جدول أعمال الاجتماعات المالية الدولية.