تصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وسلفه الرئيس السابق علي عبدالله صالح وطفت إلى السطح بعد أن ظلت تستعر بخفاء خلال العامين الماضيين على نار هادئة.
وانقسم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، ويشغل هادي فيه منصب الأمين العام، إلى جناحين اطلقا عليهما جناحي الحمائم والصقور.
أحدهما يقف إلى جوار صالح ويتهم هادي بالانقلاب على سلفه بعد أن سلمه السلطة سلمياً بموجب المبادرة الخليجية، فيما الطرف الثاني يؤكد أحقية هادي بأن يمسك بزمام الحزب باعتباره يتولى رئاسة الحزب رئيسا للجمهورية، ويوجه اتهامات مبطنة لصالح بأنه يعرقل العملية السياسية ويعمل على التحريض على الرئيس هادي وهو ما ينفيه صالح.
وترجع الخلافات بين هادي وصالح إلى العام 2012 بعد أن اتهمت قيادات مؤتمرية الرئيس هادي بإصدار أوامر بتجميد اموال حزب المؤتمر التي تقدر بملايين الدولارات على هيئة وديعة في البنك المركزي وأصول واسهم في شركات ومؤسسات يمنية ومزارع، غير ان الفريق الآخر أبدى موافقة ضمنية على تلك الخطوة ورأت فيها حفاظاً على أموال الحزب وعدم صرفها في غير ما يخدم الحزب.
ويخشى مراقبون سياسيون من انعكاس الخلاف بين الرجلين على العملية السياسية في البلاد وعودة الاوضاع الى المربع الأول في ظل الانفلات الامني في ظل انعدام الخدمات الأساسية والعمليات التوسعية لجماعة الحوثي الموالية لإيران في شمال اليمن وتنامي المطالبة الانفصالية في جنوب اليمن وانهيار الاقتصاد بسبب العجز الكبير في الإيرادات بسبب الاعتداءات المتكررة على انابيب النفط التي تعتمد عليها البلاد لتغطية أكثر من 80 % من موازنتها.
وعلى الرغم من التصاريح التي دأب هادي وصالح على إطلاقها والتي تؤكد عدم وجود خلاف بينهما، إلا ان الحقائق على الارض أظهرت أكثر من مرة وجود حالة من المقاطعة والجفا بين الرجلين، فيما تتحدث تقارير سياسية واعلامية عن سعي صالح وفريقه الى عقد مؤتمر عام لانتخاب قيادة جديدة للحزب لا يكون هادي من ضمنها.
كما أن التعديل الأخير في حكومة الوفاق الوطني الذي أجراه هادي الاربعاء المنصرم أجج الخلاف بين الفريقين بعد اعلان المؤتمر الشعبي العام عقب اجتماع رأسه صالح تبرئه من تلك القرارات كونها لم تتم بالتشاور مع قيادة الحزب.
واعتذر أحمد شائع عن قبول منصب وزير النفط والمعادن ضمن التعديل الأخير، ليصدر هادي قراراً جديداً بتعيين حسين الرشيد الكاف، ليكون خامس وزير يتولى حقيبة وزارة النفط في حكومة محمد سالم باسندوة خلال أقل من ثلاث سنوات.
من جهة أخرى هاجم مسلحو حوثيون أمس الثلاثاء قرية الظفير الواقعة في مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، واستحدثوا عددا من النقاط الخاصة بهم فيها.
وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين: إن الحوثيين قاموا بتطهير قرية ظفير من جميع مليشيات الإصلاح. واعتبر ذلك رداً على الاختراقات التي ارتكبتها جماعة الإخوان من خلال استحداث نقاط في مناطق متفرقة في عمران شمال صنعاء، وقال: «نص الاتفاق على عدم استحداث أي نقاط جديدة أو إطلاق أي أعيرة نارية»، وأضاف: «لقد فشلت الهدنة التي أجريت منذ عدة أسابيع ما بين اللواء 310 وأفراد الحوثيين».
ومع انتشار الحوثيين في عدد من جبال همدان، خرجت تعزيزات عسكرية للمديرية، تحسباً لأي توسع للحوثيين باتجاه العاصمة. ورفضت الجهات الأمنية في همدان الإدلاء بأي تصاريح خاصة حول ما يحدث هناك، معتبرة ذلك جزءاً من احتياطاتها الأمنية التي لا يجب الإفصاح عنها. وانسحبت الشرطة العسكرية مساء أول أمس الاثنين من نقطة اسحب الواقعة على طريق عمران - صنعاء بعد هجوم شنه مسلحو حوثيون عليها.
وكان تم تسليم هذه النقطة للشرطة العسكرية من قبل الحوثيين الذين كانوا يسيطرون عليها، وذلك بعد الهدنة التي أجرتها اللجنة المكلفة من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي لإيقاف الاشتباكات الدائرة هناك في مطلع حزيران/يونيو.
وصرح مصدر من غرفة عمليات الأمن في عمران بأن الأوضاع الأمنية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، الأمر الذي ساهم في زيادة عدد النازحين من مناطق الصراع.
من جهته، قال محمد طريق مدير أمن عمران لـ(د.ب.أ): إن الحوثيين لم يلتزموا بأي اتفاقات سابقة لوقف اطلاق النار، مشيراً إلى أن جميع الأطراف الحزبية لم تعد ملتزمة بالقوانين في الوقت الذي لم تعاقب به الدولة الأطراف التي تسعى لنشر النزاع.
وقال زيد الشامي رئيس كتلة الاصلاح في البرلمان: إنه من الصعب على الحوثيين الزحف إلى صنعاء، مشيراً إلى أن القبائل اليمنية لن تسمح بذلك.
وأوضح الشامي أن الدولة أصبحت عاجزة عن إيقاف المعارك الدائرة في عمران وهمدان، وقال: «يجب على الدولة أن تقوم بدور أكبر وأن تجبر الجميع على الالتزام بمخرجات الحوار الوطني، وإلا فإن الوضع سيزداد سوءاً».