شاهدت مقطع يوتيوب عرض مجموعة من الشباب كانوا يشاهدون مباراة بين فريقين أوربيين (اتلتكو مدريد وريال مدريد) وحينما جاءت أهداف التعادل والفوز عمت الفرحة لدرجة أن هناك من أغمي عليه، ومن خر ساجداً ومن غلبته عيناه فانهارت الدموع ومن أخذ يرقص ويهز وسطه!! كنت أظن أن هذه الظاهرة خاصة بالمنتخب أو الفرق المحلية، ونسيت أننا في زمن العولمة، حتى التشجيع تعولم!
صحيح أن الصور الراقصة التي تعقب المباريات وتلتقطها كاميرات الإعلام ليست عامة، ولا كل الشباب على هذا المنوال لكن مشكلة الإعلام أنه يبث الغث أحياناً ويواري الصور الإيجابية!
لا ألوم الناس فيما يشجعون ولا في تعبيراتهم الفرائحية ولا الحزنية، اللوم حينما تخرج هذه التعبيرات خارج المألوف!!
أظل أحلم بالزمن الذي يأتي على شبابنا وقد صرفوا ولو عُشر اهتماماتهم بالكرة إلى مجالات أخرى، تخيل لو ذلك التسمر على المباريات بالساعات الطوال، والمتابعات الدقيقة لكل شاردة وواردة رياضية وتاريخ اللاعبين، تخيلها في مجال علمي ما، كيف سيكون وضعنا بين الأمم وكيف يكون ترتيبنا بين الدول؟!
الشباب في أمتنا في عصور مضت كانوا يضعون اهتماماتهم ويصرفون جل وقتهم فيما يفيد وفي الأفضل، فهم يتسابقون ويتنافسون لكن في العلم وفي النهوض.
فعبد الله بن عباس رضي الله عنه، وهو أحد رواة الحديث ومتخصص في التفسير حينما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره 13 سنة يقول عن نفسه: كان يبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب فيخرج ويراني... فأسأله الحديث!
وعمرو بن حزم الخزرجي استعمله الرسول الكريم وهو ابن 17 سنة على أهل نجران يعلمهم ويفقههم!
وربيعة الرأي تابعي جليل رغم صغر سنه كان متحدثا بارعاً وفقيهاً وكان مجلسه يغص بالكبار من أمثال مالك بن أنس وأبو حنيفة وسفيان الثوري ...الخ
وأحمد بن حنبل نشأ يتيماً، وبدأ في طلب العلم وهو ابن 15 سنة! ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وهو شاب ابن 22 عاماً... إلخ تلك الأمثلة الرائعة من صفحات تاريخنا المشرق.
حري بخطباء الجمعة والإعلام الهادف نشر تلك الصور التاريخية لعلها توقظ عقليات الفارغين والعاطلين من شبابنا نحو التغيير!
* أصنام سياسية..
كانت لدى قريش أصنام حجرية يسجدون لها.. اليوم هناك أصنام سياسية، كالتي نراها في نشرات الأخبار حينما يسجد الناس لصور القائد الملهم والمنتظر!! ويل لهم ضلوا الطريق وأضلوا عباد الله!