أصبح مديرو الصناديق الإسلامية في الخليج يفضلون اللجوء إلى مراكز خارجية لطرح منتجاتهم نظرا لكفاءة التكاليف والسمعة الطيبة للمناخ التنظيمي هناك في ظل رغبة المستثمرين في تجنب شبهات غسل الأموال والتهرب الضريبي.
وكانت السنوات القليلة الماضية صعبة على قطاع صناديق الاستثمار الإسلامية في الخليج عموما، فقد انسحبت شركات غربية من المنطقة بعد تضررها بالأزمة المالية العالمية وبعد أن أدى تراجع أسواق الأسهم إلى تدني شهية المستثمرين.
وتركز غالبية الصناديق المنشأة حديثا في الخارج على عملاء الخليج والشرق الأوسط وتختار العمل من مراكز خارجية لأن المناخ التنظيمي العالمي أصبح أكثر صرامة. وقال منير خان الشريك بمكتب سيمونز اند سيمونز للاستشارات القانونية «رعاة الصناديق لديهم حساسية تجاه انطباعات عن بعض هذه الصناديق بأنها متراخية من وجهة النظر التنظيمية أو أنها ملاذات ضريبية».
وأضاف: «المديرون الإقليميون بدأوا يتجهون إلى أسواق منظمة لها سمعة أفضل لإطلاق الصناديق وإدارة الاستثمارات لأنهم يريدون الارتقاء لمستوى توقعات المستثمرين ومعالجة مخاوفهم بشأن الحوكمة والرقابة».
وحسب بيانات ليبر أطلقت شركة سدكو كابيتال التابعة لسدكو القابضة السعودية خمسة صناديق في لوكسمبورج عام 2012 جمعت من خلالها 345 مليون دولار حتى نهاية 2012. وفي نوفمبر 2012 قالت سدكو: إنها تخطط لإطلاق صندوق إضافي وتوقعت تضاعف الأصول التي تديرها إلى المثلين خلال خمس إلى سبع سنوات.
وأطلقت الأهلي كابيتال السعودية صندوقين في أيرلندا في ديسمبر 2012 وقالت: إنها تخطط لإطلاق صناديق أخرى في السنوات المقبلة منها صندوق للسندات الإسلامية.
وقال مديرو صناديق: إن جهود الهيئات التنظيمية الأمريكية والأوروبية لتطبيق القواعد بشكل صارم عززت ميل المستثمرين إلى أسواق لها سمعة طيبة في مجال الضرائب ومكافحة غسل الأموال.
وهذا يبدو مفيدا لأسواق في أوروبا ودول الكاريبي على حساب الخليج.
وقال خان لرويترز «الانطباع الدولي عن بعض الجهات التنظيمية المحلية في الشرق الأوسط أنها ليست نشطة وليس من السهل التعامل معها.. وأن الحصول على تراخيص منها يستغرق وقتا طويلا وأن قواعدها التنظيمية غير واضحة أو متطورة بما يكفي».
وذكر لوران مارليير المدير العام لمؤسسة أي.إس.إف.أي.إن وهي شبكة عالمية لمكاتب الاستشارات القانونية في مجال التمويل الإسلامي أن القانون الأمريكي الجديد للامتثال الضريبي في الحسابات الخارجية يلزم شركات إدارة الصناديق حول العالم بتقديم معلومات أكثر تفصيلا عن الدخل الذي يحققه أصحاب الحسابات الأمريكية لديها وإلا فستواجه عقوبات قاسية.
وقال مارليير «بعض الوجهات الخارجية كانت أذكى من غيرها في جذب الاستثمارات الإسلامية. فمثلا جزر كايمان أتاحت التسجيل باللغتين العربية والإنجليزية».
وفي 2011 أطلق بنك رسملة الاستثماري ومقره دبي وشركة تبيان القطرية لإدارة الأصول صناديق للصكوك والأسهم من جزر كايمان. وأطلقت شركة كيو إنفست لإدارة الثروات التابعة لبنك كيو إنفست القطري أربعة صناديق من جزركايمان منتصف 2012.
وقال بشر شبلاق مدير مكتب شركة ارنت اند مدرناخ للاستشارات القانونية في دبي إنه إضافة إلى عامل الجذب المتمثل في السمعة التنظيمية القوية للمراكز الخارجية هناك عامل طرد محتمل في منطقة الخليج يتمثل في أن بعض مديري الصناديق بالمنطقة مجبرون على التكيف مع تغييرات تشريعية داخلية كالقواعد التنظيمية الجديدة لهيئة الأوراق المالية والسلع في الإمارات العربية المتحدة.
وتعمل مراكز أوروبية مثل أيرلندا ولوكسمبورج تحت نظام «تعهدات الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل» الأوروبي الذي يتيح للشركات بيع صناديق الاستثمار في أنحاء أوروبا ودول أخرى، ووفقا لبيانات شركة ليبر يوجد الآن 33 صندوقا إسلاميا مقره أيرلندا أو لوكسمبورج.
وقال شبلاق: إنه مع تزايد صعوبة جمع الأموال يسعى مديرو الصناديق الإسلامية لجذب قواعدهم الحالية في الخليج والاستفادة من أسواق جديدة عبر نظام «تعهدات الاستثمار الجماعي في الأوراق المالية القابلة للتحويل».
وتعد إمكانية إطلاق عدة منتجات عبر صندوق جامع واحد ميزة كبيرة في هذا النظام الأوروبي. وقال خان: إن مراكز دولية مثل لوكسمبورج وايرلندا وكايمان وجيرزي تسمح بإنشاء هذه الصناديق الجامعة بينما يفرض الخليج قيودا أكبر على هذه الخيارات، وأضاف خان أن جهات تنظيمية في الخليج بدأت تدرك عناصر قوة هذا النظام الأوروبي وتدرس كيفية دمجه في أسواقها.