أبرمت المملكة والإمارات أمس، اتفاقية إطارية للتعاون الإستراتيجي في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة. ونظمت مراسم التوقيع في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحضور سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث وقَّع عن الجانب السعودي رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم عبد الله يماني، فيما وقَّع عن الجانب الإماراتي وزير الدولة رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» الدكتور سلطان أحمد الجابر.
وتهدف الاتفاقية إلى دراسة فرص التعاون في الأبحاث والتطوير المشترك في مشاريع الطاقة المتجددة وتوليد الكهرباء النظيفة، كما تدعو الاتفاقية إلى إنشاء لجنةٍ توجيهية تضم أعضاء من الجانبين لدراسة وتقييم جدوى كل مجال من مجالات التعاون المحتملة وإعداد التوصيات المناسبة بشأنها.
وأوضح يماني، أن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تهدف من وراء هذه الاتفاقية إلى بناء قطاع جديد لتسهم في تنويع مصادر الطاقة في المملكة، متطلعاً إلى أن تسهم في تسريع انتشار مشاريع وحلول الطاقة المتجددة في منطقة الخليج ومختلف أنحاء العالم، لا سيما بعد أن أثبتت الطاقة المتجددة جدواها التجارية.
من جانبه، أبدى الدكتور الجابر سروره بإبرام هذه الاتفاقية بين «مصدر» ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، قائلاً: كنا على تواصل خلال الفترة الماضية وجرى تبادل العديد من الزيارات التي لمسنا خلالها تقارباً كبيراً في الأهداف التي نسعى لتحقيقها، كما أن هذا التقارب ينبع من امتلاكنا لرؤيةٍ مشتركة نابعة من الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة في بلدينا الشقيقين، والهادفة إلى بناء مستقبل مستدام لأجيال الغد، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية تأتي لتضع إطارٍ رسمي يحدد أوجه التعاون المحتملة بما يسهم في تحقيق أهدافنا، ومنوهاً ببناء علاقة تكاملية بين «مصدر» ومدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة بما يقدمُ نموذجاً تحتذي به بلدان مجلس التعاون الخليجي للتعاون في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة.
ولفت الجابر، إلى أن هناك الكثير من مجالات التعاون بين المملكة والإمارات في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، حيث يمتلك البلدان الشقيقان الكثير من العوامل المشتركة بجانب كونهما من كبار مزودي الطاقة للعالم، ويسعيان إلى تعزيز هذه المكانة مع العمل في الوقت ذاته على مواكبة تنامي الطلب المحلي على الطاقة الذي يأتي نتيجة النهضة الاقتصادية والاجتماعية والنمو السكاني الكبير، وضرورة توفير موارد إضافية من الطاقة لتحلية المياه، عادّاً الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة السبيل الأمثل لمواكبة هذا النمو والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وأن التعاون مع مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة سيسهم في تحقيق أهدافنا المشتركة.
وتشمل مجالات التعاون المحتملة العمل المباشر بين الطرفين في التطوير المشترك لمشاريع الطاقة المتجددة وتوليد الكهرباء وتحلية المياه، وفرص التطوير المشترك في قطاع التقنيات ذات الصلة بقطاع الطاقة المتجددة، علاوة على التعاون في مجال الأبحاث والتطوير والتكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك الطاقة الشمسية والرياح وإدارة المياه.
كما سيبحث الطرفان مجالات التعاون المحتملة للتطوير المستقبلي للتخطيط العمراني من خلال الخبرات المكتسبة من تطوير مدينة مصدر، والتي تتضمن استخدام مواد البناء الخضراء للمدن المستدامة، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، فضلاً عن إجراء دراسة إمكانية تبادل الخبرات في مجالات التعليم والتوعية بالاستدامة.
يُشار إلى أنه تم تأسيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2010 بهدف مساهمة الطاقة الذرية والطاقة المتجددة في تنويع واستدامة مصادر الطاقة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في المملكة بالاعتماد على العلوم والأبحاث والصناعات المتقدمة، وبما يسهم في الحفاظ على موارد النفط والغاز وإطالة أمد استثمارها لتستفيد منها أجيال المستقبل.
وقد نفذت المدينة عدداً من المبادرات كان أبرزها مشروع قياس مصادر الطاقة المتجددة (أطلس) وتقييم مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة تحويل النفايات وطاقة باطن الأرض) والذي يتكون من 74 محطة لقياس الإسقاط الشمسي العامودي والمنتشر والكلي، وكذلك 40 محطة لقياس سرعة واتجاه الرياح على ارتفاعات تصل إلى 100 متر موزعة بشكل دقيق ومدروس على مختلف مناطق المملكة، وذلك لبناء قاعدة بيانات يستفيد منها القائمون على تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة كافة في مجال الكهرباء وتحلية المياه وفي النواحي البحثية.
في حين، تُعد شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، مبادرة أبو ظبي للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، حيث تم تأسيسها في عام 2006 من خلال شركة مبادلة للتنمية، التي تركز على أن تحقق مشاريعها فوائد للمجتمع إلى جانب الجدوى الاقتصادية.
وتسعى «مصدر» للمساهمة في تنويع مصادر الدخل والانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، والمساهمة في بناء مزيج متنوع من مصادر الطاقة من خلال بناء القدرات في قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وتطوير وتطبيق الحلول والمشاريع من خلال منهجية متكاملة تغطي مختلف جوانب ومراحل سلسلة القيمة في القطاع.
وتنفذ «مصدر» مجموعة من مشاريع توليد الطاقة النظيفة، وخفض انبعاثات الكربون في الإمارات والخارج بالاعتماد على مختلف المصادر بما فيها الطاقة الشمسية - بنوعيها الكهروضوئية والحرارية - وطاقة الرياح.