الحوار هو وسيلة اتصال فعالة بين الفرد والمجتمع حيث انها تقود إلى تعدد الآراء واختيار الرأي الأصح منها، فالحوار في أساسه مطلب إنساني بين الجميع سواء على صعيد الأديان كما فعل ملك الإنسانية الملك عبدالله بن عبدالعزيز في حوار الأديان أو بين الأبناء الذين من المفترض أن تسهم كل أسرة في تفعيل ساحة الحوار داخل محيطها الأسري لتتعدى تلك المساهمة إلى المجتمع الخارجي بالأثر الإيجابي، فهو يساعد الفرد على تحقيق الاستقلالية بأن له رأياً يخص تلك القضية التي يتم التحاور فيها، ولكن البعض تعد له تلك الساحة وكأنها حرب لابد أن ينتصر فيها فنجده في كثير من الأحيان يتكلم أكثر مما يسمع ويتحدث بصخب وكأنه يريد أن يثبت رأيه ويلغي آراء الجميع والسبب هو تزمته برأيه ومواجهة الحوار بتعصب شديد. فهناك من البشر من نجده محترماً لقواعد الحوار السليم وهذا الصنف نجده هادئ البال متمتعاً براحة نفسية عالية، أما الصنف الآخر وكأنه نار حميم لا يكاد يستمع للكلمة من الطرف الآخر إلا اشتعل لسانه بتلك الكلمات التي يرمي بها دون أن يعي تلك العقبات التي سوف تكون جراء ما تفوه به لسانه فنجد أن هذا النوع من الحوارات وكأنه مبتور ينتهي بقضية مفتوحة للمشاهدين دون الوصول إلى نتيجة تجدي نفعاً لهم فهذا الصنف نجده في كثير من الأحيان قلقاً متوتراً ولا يكون في محيطه إلا عدد محدود جداً من العلاقات الاجتماعية والتي إما أنها مجبرة لتكون بجانبه أو أنها مكتسبة نفس خصائصه أو مقاربة لها.
فحتى تكون حواراتنا ناجحة علينا أن نلتزم بقواعدها السليمة وأن يكون لدى الفرد معرفة ودراية حول الموضوع الذي يتم التحاور فيه وندرك مدى أهمية هذا الحوار وانعكاسه على ذواتنا وعلى الآخرين.
هل استطعنا أن نطور تلك اللغة داخل منازلنا مع أبنائنا حتى نكسبهم الثقة والقدرة على إدارة الحوارات والقدرة على التعبير عن مشاعرهم وعدم غياب تلك اللغة عن منازلنا حتى لا ينشأ الطفل المنطوي على نفسه ويحب العزلة أو لا يستطيع أن يتقبل وجهة النظر الأخرى إلا من باب العنف!
الحوار لا يكون برفع الأصوات إنما من المفترض أن يكون حواراً هادئاً يقوم على الأخذ والعطاء من كلا الطرفين حتى نكون بذلك قد استطعنا أن ندرك أهمية هذا الحوار وتكون لنا الرغبة في الحصول على نتائج فعالة فهو لغة هذا العصر التي تساعدنا في الوصول إلى المعرفة والحقائق، فكلما كان الحوار هادفاً كلما كانت النتائج من هذا الحوار أجدى وأنفع لكلا الطرفين، وهذا ما نريده أن يكون في مجتمعنا وفي تلك البيوت التي أصبحت تهدد وتقمع أبناءها عندما تبدي لها رأياً يخلق لها كياناً خاصاً في المستقبل.