إن من سنن الله عزّ وجلّ ابتلاء عباده بالخير والشر وبالغنى والفقر وبالصحة والمرض وبالحياة والموت وذلك كله لحكم لا يعلمها إلا الله عزّ وجلّ وهو القائل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.
ألا وإن من أكبر المصائب وأعظم الفواجع فقد الكرام والأفاضل من الناس، وخصوصاً إذا كان ذلك على حين فجأة من الزمان ولمثل هذا المصاب حق للدمع أن يسيل وأعذر فيه بالوجد الشديد والعويل.
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بموته خلق كثير
وفي أيام خلت فجعنا جميعاً بوفاة الشيخ عبدالله بن محمد اليوسف (أبو فهد).. والذي وافته المنية في مدينة الرياض عن عمر ناهز 78 عاماً.. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
فالحمد لله على قضائه وقدره وله ما أخذ وله ما أعطى.. ألا وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا أبا فهد لمحزونون {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} كيف لا..؟ والموت حق كتبه الله تعالى على كل حي في هذه الحياة الدنيا.. يقول عزّ وجلّ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالصبر عند المصائب والثبات حال البلاء وتذكر المصاب بوفاته عليه الصلاة والسلام حيث يقول: (إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب.
وإن مما يخفف وقع المصيبة على الإنسان حينما يكون ممن قضى الله عليه الوفاة قد عرف بالسيرة العطرة والخصال الكريمة والسجايا الحميدة.. وقد عرف الفقيد -رحمه الله- بكثرة العبادة والدعوة إلى الله تعالى والأخلاق الفاضلة والتواضع الجم ولين الجانب وأعمال الخير والدلالة عليها والشفاعة الحسنة والإصلاح بين الناس.. ولذلك بكت لفقده العيون وحزنت من أجله القلوب وتألمت لرحيله النفوس. ولعل هذا يكون سابق بشرى المؤمن عند ربه جلّ وعلا. واليوم وقد انتقل الفقيد من عالم الوجود إلى عالم الخلود نجم أفل وشمس غابت.. وهل هناك مصيبة أعظم فجيعة وأشد من فقد الأفاضل من الناس. ولكنها سنّة الله في خلقه.. أجيال تتعاقب وأمم تحل محل أخرى.. ولم يبق للفقيد لدينا إلا الدعاء الخالص والذكرى العطرة التي ستظل منقوشة في قلوبنا وسيظل شذاها يفوح بين كل من أحبه.. فاللهم اغفر لأبي فهد وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونوّر له فيه.. والحمد لله رب العالمين..