نعم كلمة خادم الحرمين الشريفين تمثلني وتمثل كل عربي أصيل تلك الكلمة المدرجة في رسالته -حفظه الله- المهنئة لفخامة الرئيس المصري الجديد، نعم تمثلني لأنها جاءت هذه الكلمة لتضع النقاط على الحروف فبها تجسيد حقيقي للوضع السياسي الراهن، ومنها تنبثق روابط دينية وتاريخية عظيمة، فقد جاءت تلك الروابط الدينية من منطلق ما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين من مضامين إسلامية منطلقها قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً}، وأيضاً، حرصاً منه، حفظه الله، على بيان المكانة العظيمة والعالية، والاهتمام البالغ والكبير، من قبل المملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً، لشقيقتها الكُبرى مصر ولشعبها العظيم، وبيان أهميتها أمام العالم أجمع وتنظر إلى واقع الأحداث في مصر الشقيقة النظرة الباحثة عن استقرارها، مصر الحضارة والتاريخ، مصر الرجال والمواقف، ولأهمية هذا الموقف التاريخي المتضمن بهذه الكلمة العظيمة ولما لها من دلالات مهمة بهذه الدوائر المكثفة المعاني مضموناً ورسالةً وسياسة دولة، فقد جاءت أيضاً لتؤكد أن الرفض الجماعي لأي اعتداء على أمن مصر لن يكون شفهياً أو يتوقف عند التنديد فقط والشجب والاستنكار، وهذه الآلية المطلوبة هي التي ستحدث استقرار الرأي العام من مرحلة التذبذب التي تمر ببعض فئاته حاليا وتبعدهم عن العقلانية في الطرح لذلك أن المسؤولية الملقاة على عاتق الرئيس الجديد ليست يسيرة.. ولقد عبرت تلك الكلمة المباركة أن استقرار مصر الكنانة استقرارللجميع فالجميع في خندق واحد ولهذا لابد من توحيد الجبهة العربية الداخلية ثقافيا وتربويا وعدم إتاحة الفرصة لأي تيارات ثقافية تكفيرية أو حتى متطرفة فالحدان خطيران ومرفوضان في أي مجتمع وليس فقط في مجتمعنا وأرضنا التي تحوي الحرمين الشريفين، فلقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- دائماً ما يشدد بشكل متواصل على أهمية استقرار الوطن ووحدته التي يرى -حفظه الله- إنها صمام الأمان «بعد الله» وعدم سماحه -حفظه الله- بأي حال من الأحوال بأي شيءٍ يشكل تهديدا للوحدة الوطنية وأمن المجتمع، نعم فكلمة الملك عبدالله تمثلني فمن قبلة المسلمين ومن خادم البيتين يأتي موقف تاريخي يساند استقرارمصر في مواجهة من يحاول زعزعة أمنها واستقرارها، نعم لقد صدع- أيده الله- بكلمة عربية أصيلة فاجأت العالم بأسره تجاه أرالكنانة، واقفاً فيها مع أشقائنا المصريين وقفة تنم عما يكنه خادم الحرمين الشريفين شخصياً وشعب المملكة من محبة وتقدير عظيمين لمصر العروبة والشموخ والإباء ولشعبها العظيم، مصر التي طالما كانت بلسم الأمة إذا زادت جراحها، وعندما يغيب الأشقاء تجد مصر هي الشقيقة الكبرى برجالها يتصدون لكل قضايا الأمة بكل صدق وأمانة دون مراوغة أو تسويف، فقد كان لهذه الكلمة الشاملة النافعة أثر عالمي وانطباع بالاستقرار المحلي فقد اعتبر الأشقاء المصريون من سياسيين وعلماء ومواطنين أن كلمة خادم الحرمين الشريفين تجاه بلدهم أشعرتهم بالاطمئنان، وان هناك من أشقائهم الحقيقيين من يقف معهم في هذه الأوقات العصيبة تجاه محاولة فئة معينة من اختطاف البلاد وجعلها رهينة للعنف والتشدد، نعم فلا غريب في هذا مع قائدٍ جعل نصب عينيه أن المملكة الشقيقة لمصر هي حصن العروبة والإسلام، فقد عبّر خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله - وأيده بالحق في طيات هذه الكلمة المباركة الضافية الشافية، عن موقف العقل والحكمة، عندما تُثار وتُوقد الفتنة، وذلك لأن كلماته ومواقفه دائماً مبنيةٌ على معطيات ومعلومات تعتمد على الصدق والصراحة والعدل والشجاعة، ولا يخاف في الله لومة لائم، كما أن وضوح الموقف السعودي اكتسب الكلمة نوعاً من الصرامة والشدة، ولقد جاء حديثه -حفظه الله- في رسالته لفخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي شافياً وافياً وحكيماً، ناصحاً لأخيه في رؤيته لتقبل الرأي الآخر حيث قال: «ليكن صدرك رحباً فسيحاً لتقبل الرأي الآخر مهما كان توجهه، وفق حوار وطني مع كل فئة لم تلوث يدها بسفك دماء الأبرياء، وترهيب الآمنين، فالحوار متى ما التقى على هدف واحد نبيل، وحسنت فيه النوايا، فإن النفس لا تأنف منه ولا تكبر عليه».. لأنه -حفظه الله- يؤمن بالرأي الآخر ويتقبله ولأنه واحد من أبرز دعاة الحوار والسلام وصناع التاريخ فمواقفه العربية والإسلامية والعالمية خير دليل..
جاء ذلك كله لأن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- يدرك تماما بحنكته الرائدة أن مصر العروبة والإسلام عمق استراتيجي مهم في استقرار المنطقة لحفظ وسلامة وأمن الشعوب من توجيه ومنطلق ديني بحت، نعم فمصر تمثل العمق الاستراتيجي للمملكة ودول الخليج، ومصر لها أهمية بالغة من هذه الناحية، كما وجه -حفظه الله- نداءه لرجالات مصر والأمتين العربية والإسلامية الشرفاء من العلماء وأهل الفكر والوعي والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد وقلب واحد في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة مثل مصر لها في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء، حيث قال: «إنه لا مكان بيننا لمن لا يدعم مصر». إيماناً منه أن من ليس به خير لمصر ليس به خير لأمته العربية.. نعم إنه نداء الحق من زعيم عربي عظيم أدرك أهمية الوحدة الوطنية ويدرك أهمية الالتفاف العربي والإسلامي انطلاقاً من قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى) كما يدرك -حفظه الله - المخاطر والمنزلقات التي تتعرض لها مصر الشقيقة وهي تقبل على مرحلةٍ جديدة بها سيكون المجد والاستقرار والأمن وقد وضع -أيده الله- النقاط على الحروف وعلى الجميع الاستجابة لهذا النداء الصادق الصادر من القلب والذي يجب أن يكون مستقره القلب والعقل والفكر من الجميع، به تكمن متطلبات الحياة الرغيدة والسكنية والاستقرار المهمين في عملية التعايش داخل أبناء الوطن الواحد، كما أن خادم الحرمين الشريفين ضرب أروع الأمثال الإنسانية مادياً ومعنوياً من خلال دعوته -أيده الله- إلى عقد مؤتمر المانحين لدعم الاقتصاد المصري، فتلك الدعوة إنما هي خطوة عملية مطلوبة من شأنها أن تترجم المساندة الحقيقية من خادم الحرمين الشريفين لمصر وللشعب المصري في مواجهة الظروف الصعبة التي خلفتها أحداث السنوات الأربع الماضية، فرسالة خادم الحرمين الشريفين وضعت النقاط على الحروف في موقف سعودي راسخ لا يقبل الجدل في الانحياز التام لاستقرار مصر وسيادة شعبها على أرضها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتصديها لقوى العنف والإرهاب. دمت يا خادم الحرمين الشريفين ذخراً وسنداً وعوناً للإسلام والمسلمين، وحفظك الله بحفظه ومتعك الله بوافر الصحة والعافية.