على أديم هذه الصحراء الممتدة كخيال شاعر صعلوك أفضى به جنونه إلى فلسفة عجيبة ومريبة وتلحف صبرًا معلولاً يقاوم به الموت.. من هذه التضاريس المتنوعة وفصولها المتعاقبة وإيحاءات ليلها الخاص حيث عشب المواعيد ورياح الأماني المقلقة.. على هذه الصحراء تذبل أمنيات لتزهر أخرى.. وتصمت قلوبا بسبب الحب لتنبض قلوب أخرى لذات السبب وعليها قد يتحالف الضد مع الضد في غفلة وحين تبدو الشمس تعود الأشياء إلى طبيعتها.
الشعراء وحدهم أجمل الناس صدقاً وكذبًا وإن قلت أكثرهم فأنت على مرمى حجر من الحقيقة!.. الشعراء أقدر الناس على قلب الحقائق.. ربما للأجمل.. وأبلغ الناس على تقديم الأشياء على أنها الأنبل ! الشعراء سحرة في خلط الأشياء حتى تتمازج ومن ثم فرزها وتقديمها بشكل جديد يحرضنا على التصفيق.. الشعراء يبالغون..وإن قلت يكذبون فلن تخطئ الهدف.. الشعراء يخاتلون ويخادعون ويقاتلون.. مطاياهم تلال من ثلج.. مطامعهم طفولية موجعة لا تستدعي الخوف بمعناه القصي فالاحتراس كاف لتفتيش كل الحقائب والأمتعة !.. يحارب الشعراء فيستوردون أسلحتهم الخضراء والصفراء والبيضاء من مصانع لا يعرفها الأهم...يفجرون قنابلهم فلا يموت أحد. هم وحدهم ينزفون ويطلقون آهاتهم.. ثم يلملمون أشياءهم ويذهبون!!.
استوى الكرم وتدلت العناقيد دعونا نتفحصها لا.حبة.. حبة بل عنقودًا عنقودًا.. هل الشعراء عصابة خطرة يجب الحيطة والحذر منها..؟!.
هل الشعراء قبيلة من الصعاليك تغرق بيومها بمعزل عن الغد والأمس.. تمارس رقصا محموماً على إيقاع اللحظة؟!.
هل هم فئة ذات قدرات خاصة وأسلحة خفية قادرة على تشكيلنا وفق أهوائهم ورغباتهم؟؟ هل الشعراء أطفال مختلفون يمارسون عبثهم في نسق لم نألفه؟! أليسوا هم من أقنعنا بأن وجه الحبيبة مثل القمر. فكذبنا العلم أو تجاهلناه وصدقنا ما قالوا لنا ؟!.