عندما نشرت جريدة الجزيرة العزيزة مقالي الأول (حكايتي مع خالد البلطان) يوم الثلاثاء12 رجب 1435هـ، تلقيت الكثير من الانطباعات والردود التي تشيد بالمقال وفكرته. الأستاذ الإعلامي القديرحاسن البنيان أحسن الظن كثيراً بكاتب المقال فقال: «أهنئك على أسلوب السرد الرشيق لقصة العلاقة مع خالد البلطان، يبدو أن في داخلك صحافيا متمكنا، يخالف الانطباع عن معشر الأكاديميين، ومنهم من هو محسوب على الصحافة خصوصاً».
أحد الزملاء الأكاديميين أرسل رسالته «لم أعهدك مطبلاً، ولكوني عرفتك بتلك الخصلة مع خصال كثر، فلذلك أجزم بأن الرجل يستحق نثارك، فأنا أعتبرها مقالة تنبض بالوفاء».
طالبت كثير من الردود بكتابة المزيد من الحكايات والذكريات التي تحتفظ ذاكرتي بها مع رجل أصبح أحد فرسان رياضتنا في الوقت الحاضر ألا وهو الأستاذ خالد بن عمر البلطان. وفي الجانب الآخر - وحتى أكون منصفاً - وردتني بعض ردود قليلة لم يعجبها المقال، وذلك انطلاقاً من هوى أو تعصب رياضي، ومع ذلك أقدر لهؤلاء جميعاً آراءهم.
أيها القراء الكرام: أعود هنا للحديث عن إحدى الذكريات، ولن أتقيد بعنصر التسلسل الزمني، بل هي خواطر قد تعجب بعضكم، وكثير منكم لا تعني له شيئاً.
هذه الحكاية وقتها ليس بعيداً، بل هي من سنوات لا تتجاوز الخمس، ففي أثناء أخذنا جولة في النادي، لمح الأستاذ خالد البلطان أحد الزائرين للنادي وهو يدخن فناداه وطلب منه الامتناع عن التدخين داخل أسوار النادي. كنت أعرف جيدا - من طول الصحبة - أنه يحارب التدخين ويدعو إلى تركه. وهنا قفزت فكرة عمل مسابقة للتحذير من التدخين والدعوة للإقلاع عنه، وللأمانة كان مهندسها عضو لجنة المسؤولية الاجتماعية الزميل الأستاذ راشد الشعلان. اجتمعنا وتدارسنا الفكرة مع الزملاء في اللجنة وخرجنا بتصور مبدئي وذلك بعمل مسابقة تحمل عنوان (اتركوه) تتكون من جزأين: رسم يحذر من التدخين، وكتابة عبارة موجزة تدعو للإقلاع عن التدخين.
عرضت الفكرة على الأستاذ خالد البلطان في إحدى الجلسات، فوجدته مشجعاً وداعماً، وطلب مني تصوراً تفصيلياً للمسابقة. عدت إليه بعد أيام بالتصور مكتملاً، وأكدت على ضرورة فتح المجال لجميع شباب وشابات الرياض للمشاركة في عمل اللوحات والرسومات التحذيرية بالإضافة إلى تقديم العبارات، على أن يتم منح العشرة الأوائل في كل فرع جوائز قيمة، فوافق مشكوراً على مبدأ الجوائز التشجيعية، ثم إني طمعت أكثر فقلت: «صاحب المركز الأول لابد أن تكون جائزته ثمينة، وذلك تحفيزاً للمشاركين»، وطلبت بإصرار أن تكون جائزة الفائز الأول هي «قطعة أرض» فأعطاني موافقته، وانطلقنا لعمل وتقديم المسابقة وإعلاناتها. وخلال أيام المسابقة تفاجأت وزملائي بوصول ما يزيد على (2500) لوحة من مختلف مدن ومحافظات المملكة، وليس الرياض فقط. ما العمل مع هذه اللوحات الكثيرة؟! عندها قررنا الاستعانة بمتخصصين في التربية الفنية لفرز الخمسين لوحة الأولى، واستغرق منا ذلك وقتاً ليس باليسير، وبعد فرزها من خلال لجنة مستقلة وجدت الفرصة سانحة؛ حيث تقرر زيارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان للنادي خلال تلك الفترة، وذلك للاحتفال بفوز النادي في إحدى البطولات. فعرضت على الأستاذ خالد البلطان إقامة معرض في مدخل النادي يتضمن لوحات الفائزين والفائزات، ويتم افتتاح المعرض بحضور وتشريف الأمير خالد بن سلطان، واستلام الجوائز منه مباشرة. أعجبته الفكرة، ومن ثم انطلقنا وبدأنا في العمل لترتيب وتنسيق المعرض في مدخل النادي الغربي. الزمن يسرقنا، والأيام تقترب، والعمل ليل نهار. حان يوم الحفل فحضر الأمير وشهد الأمراء افتتاح المعرض؛ حيث تجول الأمير وأشاد وبارك ودعم وشجع. وفي أثناء الحفل استلم الفائزون وأولياء أمور الفائزات جوائزهم من يدي الرئيس الفخري، واستلم الفائز الأول إثباتات فوزه بقطعة الأرض وانطلق للمنطقة الشرقية.
انتهينا جميعاً، وبعد الحفل قال الأستاذ خالد البلطان نفوز في كرة القدم، ونحارب التدخين! هنا فوز وهذا نجاح. توادعنا في المساء، ومن ظهر الغد «هاتفي يرن»، واسمه يظهر على الشاشة، أتلقى صوته وكلماته تواصل الحديث عن نجاح المعرض (اتركوه)، ولا تتركوا خالد البلطان يغادر العمل الاجتماعي والرياضي.
هنا أتوقف وربما أعود!