بعد حملة مراقبة لصيقة أمكن للوحدات الأمنيَّة إيقاف عنصر متشدد تبيّن أنّه يعمل بورشة سرية لصنع الأسلحة بإحدى مدن محافظة جندوبة (150 كلم شمال غرب العاصمة تونس) حيث عثر أعوان الأمن على كمية من الأسلحة المعدة للاستعمال ومواد مصنعة من متفجرات ومناظير ليلية ومواد أولية لصنع القنابل اليدوية التقليدية.
وذكر مصدر مأذون أن الأسلحة التي تَمَّ حجزها محليَّة ولم تعهد مشاهدتها وهي معدة للاستخدام في الظروف المناخية المعقدة كالضباب والمطر والثلج.
وكان العنصر الموقوف قد أقر بتصنيعه رفقة مجموعة من رفاقه لكل الأسلحة الموجودة إلا أن الأوامر باستخدامها في عمليات إرهابية لم تصلهم بعد حسب اعترافاته، فيما تنشط الفرق الأمنيَّة في شكل دوريات للقبض على بقية عناصر العصابة الإرهابيَّة.
وفي تصريح مثير جدًا، عدّ رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي أن الحملة التي تَمَّ الإعلان عنها لمقاومة التهريب ليست أكثر من مُجرَّد ذرّ رماد على العيون، مؤكِّدًا أن بارونات التهريب تغلغلوا في مفاصل الدَّوْلة التي أصبحت تحميهم ولا تحاربهم.
وأضاف الميساوي أن الحكومات المتعاقبة لم تقم بالإجراءات اللازمة لمقاومة هذا الخطر بالرغم من أن أصابع الاتهام تتجه مباشرة إلى التهريب عند الحديث عن تمويل الإرهاب أو عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
سياسيًّا، يبدو أن الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس ورئيس الحكومة الثانية بعد الثورة، في طريقه إلى رأب الصدع نهائيًّا بين مختلف التيارات التي تتنازع قيادة الحركة، وذلك بعد إقراره عقد اجتماع للمجلس الوطني للنداء عوضًا عن مؤتمره الأول يوم 15 يونيو الجاري.
وتشير كل الدلائل إلى أن السبسي بمقدوره النجاح في مهمته هذه بفضل حنكته في فض الخلافات العالقة بحيادية ظاهرة تضمن التوازنات الداخليَّة للروافد المشكلة للنداء.
ويتكون المجلس الوطني لنداء تونس من 450 عضوًا ليسوا منتخبين وهو ما يزيد في مخاوف أطراف الصراع المتأجج صلب الحزب الذي ستضبط قيادته غدًا جدول الأعمال التي ستوضع على طاولة النقاش والمداولات، وتكمن أهمية جدول الأعمال في كونه سيحدّد مهام المجلس الوطني الذي سيكون إزاء 3 فرضيات ممكنة وهي إمّا تعيين قيادة جديدة أو المصادقة على قائمة توافقية معدّة مسبقًا تضمّ الروافد الأربعة (اليسار، والنقابيون، والدساترة - التجمعيون، والمستقلون)، أو المرور إلى الخيار المرّ إلا وهو إجراء انتخابات قد تفضي إلى الإطاحة ببعض الوجوه البارزة داخل حركة النداء.
ولكن الثابت أن الأزمة التي يعيشها النداء منذ أكثر من شهرين لا بُدَّ أن تخلف «بقايا تصدع» سيظلُّ تحت الرماد إلى ما بعد الانتخابات بما يمكن أن يشكل صداعًا مستمرًا لزعيم الحركة الذي يقر بنفسه أن تنوع انتماءات القيادات هو الذي يميز نداء تونس بفسيفسائه الفكرية عن باقي الأحزاب السياسيَّة الأخرى.
إلا أنه اتضح أن هذا التنوع الذي يحمل اختلافات جوهرية من حيث المنطلقات الفكرية وآليات العمل الحزبي الميداني، هو سبب البلية، حيث أصبحت التيارات المتصارعة تتنافس في استمالة أكبر عدد ممكن من قواعد الحركة مما زاد رقعة الخلاف اتِّساعًا وعمقًا يصعب معه إيجاد حل نهائي وجذري له.
وفي سياق متصل وبخصوص السباق الانتخابي المعطل على خلفية فشل الحوار الوطني في الحسم في أسبقية الانتخابات التشريعية على الرئاسية أو العكس، شبه أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية قيس سعيد الخلافات بين الفرقاء السياسيين بـ»النقاشات البيزنطية» والمشهد السياسي ككل بـ«الكاريكاتوري»، مشددًا على أن المسألة أضحت شبيهة بالحوار الذي يدور بين طرفين متنازعين حول معظلة «البيضة والدجاجة» وأيهما جاء قبل الآخر.
وأوضح سعيد أن جوهر الخلاف سياسي محض وليس قانونيًّا مفسرًا ذلك برغبة كلّ طرف من الأحز اب الكبرى في الاستقطاب والتأثير على الناخب بهدف كسب الأصوات وتصدّر النتائج النهائية، مقترحًا تنظيم الاستحقاق الانتخابي بالتزامن في مرحلة أولى مع استكماله بدورة ثانية بالنسبة للانتخابات الرئاسية أن اقتضى الأمر ذلك.