متابعة - فيصل العواضي / تصوير - عبد المعين عبد الله زهير:
اهتمت المنتديات الثقافية الخاصة في العاصمة الرياض بتسليط الضوء على سيرة الراحل الدكتور عبد العزيز الخويطر- رحمه الله- الذي فقد الوطن برحيله واحدا من أبر ابنائه وأسخاهم عطاء حيث خصص منتدى سبتية مركزالشيخ حمد الجاسر ندوة عن»الراحل الاستثنائي معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر- رحمه الله-, بعنوان: «مدرسة الخويطر.. شخصية واحدة وسمات متعدِّدة», وذلك في «دارة العرب», وشارك في الندوة كلٌّ من الأستاذ حمد القاضي والدكتور عبدالرحمن الشبيلي والدكتور عبدالعزيز الثنيان.
وتُعَدُّ هذه الندوة أول ندوة موسعة تُقام عن الدكتور عبدالعزيز الخويطر الذي وافته المنية مطلع الأسبوع الماضي.
وقد بدأ مدير الندوة الأستاذ حمد القاضي –أمين عام مجلس أمناء المركز- بالحديث عن مكانة الفقيد, مُشِيْدًا بما قدَّمه لدينه ووطنه ولمؤسسة حمد الجاسر الخيرية التي كان رئيسًا لمجلس أمنائها, وتحدَّث عن علاقته بالشيخ حمد الجاسر رحمهما الله تعالى، كما استعرض بعض مؤلَّفات الفقيد.
وافتتح الدكتور عبدالرحمن الشبيلي مشاركته بتحليل موضوعي لمفاتيح شخصية الفقيد، وتطرَّق إلى سماته الاجتماعية والإدارية والثقافية, وأشار إلى أنَّ منهج الخويطر في كتابة التاريخ شبيهٌ بمنهج ابن خلدون, فهو يعتمد على تتبُّع الأسباب والنتائج ولا يُعنى برواية الأحداث وتعدادها.
وأوضح أنَّ النزاهة هي أبرز سمات الراحل, إذ شهد له الرأي العام بذلك وبمحافظته على المال العام بكل ما يعنيه هذا الحُكْم من مدلولات.
وقال: إنَّ شخصيته تجمع بين الحزم والرِّقَّة، فجاز أن يسمِّيه بـ»القوة الناعمة»، من خلال معرفته الإدارية به واتِّصافه بسرعة الحسم واتخاذ القرارات دون تأخير الأعمال.
كما تحدَّث الدكتور الشبيلي عن الجانب الثقافي في شخصية الخويطر- رحمه الله-, وخصَّ بالذِّكركتاب «وسم على أديم الزمن»، فقد كان الخويطر يدوِّن منذ طفولته ولم يكن الآخرون يعرفون هذا الأمر إلا بعد أن فاجأهم بظهور هذا الكتاب.
وأوضح بأن الدكتور الخويطر –رحمه الله- كان بعيدًا عن الأضواء, وقد عزف عن التكريم, باستثناء تكريمه من قِبَل المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وقد تلقَّى محاولاتٍ عدَّة لتكريمه في موطن رأسه لكنَّه اعتذر.
وركَّز على أنَّ الفقيد لم يكن يؤمن بالمناطقية, ومَن يقرأ كتابه «دمعة حرَّى» يجد أنه رثى العديد من أصدقائه وأساتذته من مختلف المناطق, ومجلسه يشهد على ذلك أيضًا, كما أنه يمثِّل «المتديِّن المستنير المعتدل».
وجاءت المشاركة الثانية للدكتور عبدالعزيز الثنيان الذي وصف الخويطر بالرجل النموذج الفريد، وتحدَّث عن ذكرياته مع الخويطر في وزارة المعارف حيث كان الثنيان في إدارة المناهج, وتوصياته الإدارية للثنيان، وعن اهتمام الخويطر بالمدارس والتعليم.
وأشار إلى أنه يتَّسم بالبساطة والتواضع وكتمان السر.
وفي الإدارة كان يمنح الصلاحيات والتفويض ولا يعتمد على المركزية.
وتحدَّث عن حزم الخويطر- رحمه الله-, فهو كان يمنح موظَّفيه الثقة في العمل ويفوِّض وكلاءه ولكنَّه لا يقبل التهاون أو التقصير.
واختتم مشاركته بالدعاء للراحل بالمغفرة والرحمة.
ثم فُتح المجال للمداخلات التي شارك فيها مُحِبُّو الفقيد, وتحدَّثوا عن ذكرياتهم معه وعن صفاته التي اتَّسم بها ومنحته الريادة.
فيما كان منتدى اثنينية الشيخ عبد المحسن الحكيرالثقافي وعلى اثر اعلان وفاة الفقيد الكبير الدكتور عبد العزيز الخويطر- رحمه الله- قد خصص جلسته للحديث عن مآثر المرحوم وتحدث الاستاذ ماجد عبد المحسن الحكير عن الدكتور الخويطر
باعتباره نموذجا للمثال والقدوة التي يجب التأسي به، وبالذات من قبل الشباب، فالرجل رغم المناصب التي تقلدها والثقة الكريمة التي نالها من ولاة الامر طيلة أكثر من خمسة عقود من الزمن ظل مثالا للتواضع والوفاء لمعارفه وقرابته وكان بسيطا قريبا من الناس فعاش سعيدا ومات مشكورا حميدا.
وتلاه في الحديث الدكتور عبد الله الدايل الأستاذ في قسم اللغة العربية - جامعة الملك سعود الذي حصر حديثه على النزاهة في شخص الدكتور عبد العزيزالخويطر التي هي محل إجماع كل من عرفه وتعامل معه سواء كان هذا التعامل على الصعيد الشخصي او الرسمي وسيظل رمزا وقدوة تتذكره الأجيال بكل تقدير واحترام.
واختتم الحديث الشيخ عبد المحسن الحكيرالذي دعا الى الاستفادة من مآثر الدكتور الخويطر ورجال الوطن الذين تركوا مآثر لا تنسى في حياة معاصريهم ولكن تبقى مسألة الاجيال الجديدة التي لم تعرف عنهم سوى انهم اسماء كانوا في مواقع مسئولية وقد يكون من الواجب علينا ان نقدم هؤلاء عبر أكثر من وسيلة لجيل الشباب.
أما منتدى اثنينية رجل الأعمال حمود الذيب فقد خصص أمسية عن المرحوم الخويطر في منزله بحي الغدير الذي يحتضن منتدى ثقافياً مساء كل اثنين، ورعت الندوة قناة المرقاب التلفزيونية وتناولت الندوة التي أدارها الإعلامي مناحي الحصان الكثير من الجوانب المتميزة وما تركه الفقيد من بصمات في مجتمعنا وخاصة لدى ولاة الأمر، وكان أبرز ضيوف الندوة هم: الدكتور عبدالله الجحلان أمين عام هيئة الصحافيين السعودية، والأستاذ حمد بن عبدالله القاضي الكاتب والإعلامي، عضو مجلس الشورى سابقا وعدد من الذين عايشوا الفقيد.
واستعرض الضيوف ما يتسم به الراحل من البساطة والتواضع ونجاحه في كافة الأعمال الإدارية والمالية التي تقلدها، وبعده عن المركزية، حيث يعد عميد الوزراء السعوديين ورجل دولة وسياسيا محنكا، وساقوا بعضا مما قال عنه الملوك الذين عاصرهم حيث عاصر خمسة من ملوك المملكة العربية السعودية بدءا بالملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد والملك فهد وأخيرا الملك عبدالله، ويروى إن الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله- قال عنه «الخويطر ثروة وطنية فلا تفرطوا فيها».
وقد تناول الأستاذ حمد القاضي صوراً من حياة الفقيد بحكم معايشته له منها تواضعه الجم وضرب أمثلة لذلك منها انه كان ذات مرة في جده وزاره حمد القاضي ووجد معه شخصا وهم يطبخون العشاء.وخص المتحدثون شخصية الفقيد بتحليل حيث كان الفقيد الخويطر رغم مشاغله ومناصبه يطبخ لنفسه، ومنها انه كان يأتي اليه ببعض الكتب وهي كمية ويحملها بنفسه ولا ينتظر حتى يتم إرسال من يحملها من السيارة الى المكتب، كما استعرض الاستاذ حمد القاضي الكثير من مؤلَّفات الفقيد التي أوكل اليه الفقيد مهمة متابعة طباعتها ابان كان القاضي في المجلة العربية، ومن أهمها: (أي بني) وهي بمثابة الموسوعة التراثية الكاملة، ومن مؤلفاته أيضا كتاب (وسم على أديم الزمن) وهو عبارة عن سيرة ذاتية، وأصدر مؤخرا كتاباً تحت عنوان (النساء رياحين) تحدث فيه عن تأثير المرأة وخصوصا والدته والتي ينقل القاضي عن الفقيد أن دموعه اختلطت بحبر هذا المؤلف الذي خص به والدته وما تحمله من مزايا عظيمة.
اما الدكتور عبد الله الجحلان فقد تحدث عن مواقف عايشها مع الفقيد أو رُويت له وكلها مواقف تدل على عظمة الفقيد في تواضعه وحزمه ونزاهته وجمعه بين الكرم في محله والحرص في محله.
وتحدث الضيوف أيضاً عن حياة الفقيد العلمية وكيف أنه يعد أول سعودي يحصل على شهادة الدكتوراه من بريطانيا، وكان ذلك عام 1960م.
وفي نهاية الندوة فُتح المجال للمداخلات التي شارك فيها الحضور من مُحِبي الفقيد، حيث تحدَّث الباحث والمؤلف والمؤرخ فهد بن عبدالعزيز الكليب عن ذكرياته مع الفقيد وعن صفاته التي استملت على الكرم دون إسراف، والكثير من الشمائل التي اتَّسمت بها شخصية د. الخويطر ومنحته الريادة في كافة الأعمال التي تقلدها،كما شارك الزميل فيصل العواضي بمداخلة عن تجربة صحيفة الجزيرة التي خصصت للفقيد عددا من الصفحات على امتداد الأسابيع الماضية مستشهداً بتجربته حيث جرت العادة انه عندما تخصص صفحة أو صفحات للحديث عن شخص ما يتم الاتصال بأشخاص يتم استكتابهم وأخذ آرائهم الا في حالة الدكتور عبد العزيز الخويطر ومن قبله الدكتور غازي القصيبي اللذين اندفع الكثير من الناس سواء كتابا معروفين أو عاديين للكتابة عنهما وبحيث لو خصص للحديث عنهما شهور لما كان هناك عناء في الحصول على الكتابة واختتم الجميع الندوة بالدعاء للراحل بالمغفرة والرحمة.