تصدر خبر أداء الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية، أمس وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ووسائل الاتِّصالات الحديثة، وهو قد تسلّم مقاليد الحكم لفترة رئاسية تمتد لأربع سنوات، بعد خروجه من المعركة الانتخابية بـ 96.9 في المئة من الأصوات متفوقًا بنسبة ساحقة على منافسه الخاسر، مؤسس التيار الشعبي، حمدين صباحي.
لكن قبل نحو ثلاث سنوات لم يكن اسم اللواء عبد الفتاح السيسى معروفًا إلا لقلة قليلة من المتابعين والخبراء والقريبين منه، وهو كان رئيسًا للمخابرات الحربية، ثم اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، ثم بدأ يتردَّد اسمه على استحياء في وسائل الإعلام باعتباره أحد أعضاء المجلس العسكرى الذي أدار مصر عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم انتهت الفترة الانتقالية التي أعقبت حكم مبارك وجرت في نهر الحياة بمصر مياه كثيرة، حتى وصل الرئيس المعزول محمد مرسي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين لحكم مصر ... من هنا بدأت حياة السيسي تتغيَّر بشكل غير مسبوق فالرجل بات على موعد مع التاريخ حيث اختاره مرسي وزيرًا للدفاع ليكون الرجل رقم واحد في الجيش المصري.
أقل من عام قضاه السيسي على رأس الجيش المصري استطاع خلاله أن يعيد ترتيب أوراق الجيش ويرفع من كفاءته التدريبية، فيما كان الشارع المصري يغلي من سوء إدارة مرسي وتسلّط جماعته، وتحالفهم من الإرهاب، حتى كانت اللحظة سانحة والظروف مواتية، وخرج الشعب المصري في 30 يونيو الماضي هاتفًا بإسقاط مرسي في ثورة لم يحدث لها مثيل في التاريخ إِذْ خرج نحو 25 مليون مصري إلى الشوارع، وهنا لم يجد السيسي بدًا من سماع صوت الجماهير الهادر، وقام بإجراءات 3 يوليو التي عرفت بخريطة المستقبل.. وتوالت الأحداث حتَّى طالبه الشعب بالترشح للرئاسة، ثمَّ صوت له الملايين في الانتخابات حتَّى أوصله إلى عرش البلاد.
ولد السيسي في نوفمبر 1954 في حي الجمالية بقلب القاهرة لأسرة متوسطة، بعد أقل من شهر من محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على يد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وفي 1977 التحق بالكلية الحربية التي تخرج فيها في، بينما كانت مصر تعيش أجواء ما بعد انتفاضة يناير من العام نفسه، وفي 2003 حصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية، وفي 1992حصل السيسي في الخارج على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان البريطانية وفي 2006م تبعها حصوله على زمالة كلية الحرب العليا الأمريكية، والسيسي متزوج ولديه أربعة أبناء بينهم ثلاثة ذكور، وبنت واحدة. تدرج في المناصب من رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامَّة لوزارة الدفاع، ثمَّ قيادة كتيبة مشاة، وملحق دفاع بالسعودية، إلى قائد لواء مشاة ورئيس أركان المنطقة الشماليَّة العسكرية، وحتى إدارة المخابرات الحربية.
وفي العام 2012 أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي قرارًا بترقية السيسي من رتبة لواء إلى رتبة فريق أول وتعيينه وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، خلفًا للمشير محمد حسين طنطاوي، وكان وقتها يشغل منصب رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع وكان أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة سنًا قبل اختياره لمنصبه، وفي يوليو 2013، قام السيسي بعزل مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه، ليتصدر المشهد وتتزايد شعبيته ودفعت شعبية السيسي، الكثيرين إلى المطالبة بترشحه لمنصب الرئيس، بينما يواصل أنصار الإخوان المسلمين هجومهم عليه، وفي 27 يناير الماضي تمَّت ترقيته لرتبة مشير بقرار من الرئيس عدلي منصور، وكان قد سبقه اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن فيه أنه يوافق على «التكليف الشعبي» لوزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسي بالترشح للرئاسة.
في 26 مارس 2014 انتظر المصريون بفارغ الصبر إعلان «قائد الجيش» استقالته وترشحه لانتخابات الرئاسة رسميًا، وذلك بعد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حضره الرئيس عدلي منصور، وتمت خلاله ترقية الفريق صدقي صبحي إلى فريق أول وتَمَّ تعيينه وزيرًا للدفاع خليفة للسيسي في اليوم التالي. وتعين على السيسي الاستقالة من الحكومة، والتخلي عن صفته العسكرية، كي يدرج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، وأمس 8 يونيو 2014: أدَّى المشير عبد الفتاح السيسي اليمين الستوري ليصبح رئيسًا لأكبر دولة عربيَّة في الشرق الأوسط.