تستأنف جلسات الحوار الوطني اليوم بعد رفعها الاثنين لعدم توافق الأحزاب المشاركة فيه حول الانتخابات التشريعية والرئاسية ذلك أنها شهدت تطورات مثيرة في آخر لحظة مما أسقط بوادر الاتفاق حول تقديم التشريعية على الرئاسية إثر تغيير الحزب الوطني الحر موقفه الداعم لرأي حركة النهضة المتمسكة بضرورة إجراء التشريعية أولا.
فبعد أن كان واضحا أن النية تتجه إلى تغليب موقف أسبقية الانتخابات التشريعية، باعتبار أن 11 حزبا من جملة 19 عبروا في جلسة الحوار الوطني عن دعمهم لإجراء الانتخابات التشريعية قبل الرئاسية ، انقلبت الموازين لتتحول الأغلبية لفائدة سبق الانتخابات الرئاسية بعشرة أصوات مقابل تسعة أصوات للتشريعية. وهكذا تطورت الأمور نحو المأزق السياسي الجديد لعملية الانتقال الديمقراطي في تونس حيث يخشى المحللون السياسيون أن نشهد سيناريو قريبا من سيناريو البحث عن «المهدي المنتظر» لرئاسة الحكومة مع الإشارة إلى أن النهضة هددت بتوجيه الأشكال إلى المجلس التأسيسي وحسم الخلاف هناك وهو ما قد ينسف آخر أمل في إجراء الانتخابات في موعدها وفق ما ينص عليه الدستور الجديد للبلاد.
وأعلن هنا أن المجلس التأسيسي قرر أخيرا إجراء جلسة مساءلة لرئيس الحكومة المهدي جمعة اليوم أو غدا وفق بيان صادر عن مكتب المجلس. ويذكر أن جلسة المساءلة هذه قد تم تأجيلها بعد أن كانت مقررة للأسبوع الماضي لتزامنها مع زيارة العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس إلى تونس.
أمنياً يبدو أن الجماعات المسلحة التي تتخذ من العمليات الإرهابية منهجا وسياسة وسلوكا يوميا ومن الاغتيالات وسيلة تعبير عن الوجود ومن ممارسة العنف على الشعب المتسامح مبدأ في الحياة، اختارت منحى آخر برز في شكل الحرب النفسية، حيث كثف عناصرها من الظهور البرقي والفرار الإستراتيجي لإرباك القوات الأمنية والعسكرية التي تتصدى لها والدلالة على حضورها الخفي في كل الجهات بلا استثناء..
فبعدما برز للعيان عدد من هذه العناصر التي قصدت أحد البيوت بريف محافظة جندوبة طلبا للمؤونة الغذائية التي نفذت، وأثر نجاتها من الكمين الذي أحكم وضعه الأمنيون الذين حاصروا البيت، أصبح من اللافت العثور على مواد قابلة للانفجار في قارعة طرقات بعض المدن التونسية، مما يؤكد أن العناصر الإرهابية لا تتحصن بالجبال فحسب كما ذهب إلى ظن الجميع، بل إنها متخفية داخل المدن ذاتها ولكن تنكرها هو الذي حال دون إلقاء القبض عليه.
كما اندلعت حرائق متفرقة بغابات قرطاج إحدى الضواحي الشمالية للعاصمة مساء أول أمس الاثنين دون سبب واضح مما يرجح كفة وقوف العصابات المسلحة وراء نشوبها خاصة وأن الطقس كان باردا وكانت الأمطار تهطل وقتها ..وغير بعيد عن قرطاج وتحديدا بميناء حلق الوادي، ألقت قوات القمارق القبض على سائق سيارة كانت قادمة من مرسيليا وعلى متنها عدد من بندقيات الصيد. ونشرت بعض وسائل الإعلام مساء خبرا مفاده أنّ المتهم اعترف بكونه قد تلقى 1000 أورو (حوالي أكثر من ألفي دينار) لنقل البندقيات من فرنسا إلى القصرين الجنوبية التي تشهد استنفارا أمنيا غير مسبوق إثر عملية اغتيال حراس بيت وزير الداخلية منذ أسبوع، لتسليمها إلى شخصين أحدهما جزائري الجنسية.
وكان الناطق باسم النيابة العمومية قد صرح بأن هذا الشخص لا يزال محلّ استنطاق من الباحث الابتدائي لدى وحدة مكافحة الإرهاب ، داعيا إلى عدم التشويش على المسار البحثي، وشدد على أهمية سريّة التحقيق لاسيما خلال طور الاستنطاق الأولي في وحدة مكافحة الإرهاب ، مشيرا إلى أنّ تسريب معلومات غير دقيقة أو خاطئة من شأنه أن يربك القضية ويشوّش على البحث خاصة وأنّه يمكن أن يستفيد الجناة من هكذا معطيات بطريقة تمكنهم من الإفلات والفرار تجنبا للملاحقة القضائية.
إلى ذلك أفاد العميد السابق بالجيش الوطني مختار بن نصر بأن تكتم وزارتي الداخلية والدفاع إعلاميا عن العملية الأمنية الجارية بمنطقة الفوازعية بريف مدينة فرنانة التابعة لمحافظة جندوبة الشمالية، يعود إلى ضرورة الحذر من تسرب أي معلومة عن غير قصد، يستفيد منها الطرف المقابل وتفشل بالتالي جميع مجهودات المؤسستين الأمنية والعسكرية في الإطاحة بالعناصر الإرهابية المتواجدة بالمكان.