في دراسة مميزة للدكتور سعيد الصديقي الأستاذ المشارك في القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات العربية المتحدة بعنوان «الجامعات العربية وتحدي التصنيف العالمي: الطريق نحو التميز» نشرت في مجلة رؤى إستراتيجية (أبريل 2014م).
أشار في دراسته إلى مجموعة من المعايير الخاصة بالجامعات وتحديد مراتبها وفقاً لضوابط محددة يفترض أن تكون واضحة المعالم في الجامعة وركزت دراسته بشكل أساسي على التصنيفات التي تعتمد على المخرجات العلمية بشكل أساسي, واستعرضت الدراسة تسعة مبادئ يمكن أن تشكل أعمدة لخطة عمل لأي جامعة تريد أن تكون في مصاف جامعات النخبة العالمية, وقد استخلصت هذه المبادئ من أهم الدراسات وأحدثها في المجال, ومن هذه المبادئ مبدأ خاص بالقيادة وذكر فيه:
«يُعدُّ رئيس الجامعة الركن الركين في مخطط أي جامعة تريد أن تنضم إلى نادي الصفوة في العالم. وتنبع أهمية قيادة الجامعة، ولا سيما رئيسها، باعتبارها عنصراً أساسياً جداً في تطوير الجامعة ورقيها، من التأثير العميق في سلوك الجامعة ومسارها، فرئيس الجامعة هو نافذتها على العالم. وقد كان وراء الجامعات الكبرى دائماً رؤساء كبار...».
ويستكمل القول بـ «وتشير إحدى الدراسات المهمة التي أجريت حول علاقة خصائص قيادة الجامعة بمركزها الدولي إلى أن الجامعات الأفضل في العالم هي التي يقودها رؤساء يجمعون بين المهارات الإدارية الجيدة وسيرة بحث ناجحة. وخلصت الدراسة إلى أنه كلما كان الترتيب العالمي للجامعة مرتفعاً، كان من الأرجح أن الاستشهادات العلمية لرئيسها سوف تكون مرتفعة أيضاً. وبرغم أن هذه الدراسة لم تجزم بوجود ارتباط تلقائي بين الجامعة ومسار بحث رئيسها، فإنها استنتجت مع ذلك من المعطيات التي يحصل عليها أن رئيس الجامعة إذا كان باحثاً جيداً فهناك احتمال كبير أن يكون أيضاً قائداً ومسيراً جيداً. أهمية رئيس الجامعة جعلت بعض المهتمين يدعون إلى جعله عنصراً مهماً في الترتيب العالمي، وذلك بتصنيف رؤساء الجامعات أيضاً باعتبارهم أحد مؤشرات جودتها».
إن مثل هذا المعيار الذي يصدر وفقاً لهذه الدراسة من أهم المعايير في تصنيف الجامعات يطبق على نحو دقيق في الجامعات الأجنبية والجامعات المتقدمة, فليس من مدير إلا وله تجربة علمية واسعة, وله مكانة بارزة قبل توليه منصب الإدارة, وله نتاج علمي مشهور ومتداول ومن ثم كان نجاح أغلب هذه الجامعات نتيجة التجربة الواسعة والمكانة العلمية المرموقة للمدراء.
و هذا ما تفتقر إليه كثير من الجامعات السعودية التي يكون فيها معيار الاختيار غير العلمي أغلب الأحيان يعتمد على عناصر لا تمت بحال من الأحوال إلى جانب من الجوانب التي أشرنا إليها في معايير اختيار المدراء في الجامعات الأجنبية.
ومن ثم فإنني أتمنى أن يلتفت إلى مثل هذا المعيار وغيره من المعايير التي تساند الارتفاع والرقي بالجامعات وتضعها في مكانة متقدمة جداً في التصنيف وفي واقعها العملي والحقيقي.