سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طالعت وقرأت ما تناوله الزميل الأخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في زاويته (شيء من)، مقالاً بعنوان « التربية أولاً وقبل التعليم» في العدد 15219 المنشور يوم الجمعة 1شعبان 1435هـ والموافق 30 مايو 2014م، والذي أشار في خلاصة مقاله إلى أهمية التربية التي يتلقاها الطالب منذ نعومة أظفاره في المدرسة، وحيث طالب كاتبنا إلى ضرورة الوقوف على أبعاد هذه الظاهرة (تمزيق الكتب) وغيرها من الظواهر السلوكية التي ينفرد بها المجتمع السعودي، فإني أود أن أضيف وأعلق على ما ذكره بإيجاز، فقد أرغمت نفسي بالاكتفاء بالتعليق بـ500 كلمة عوضاً عن 2000 كلمة، ليس لما أعرفه حول الموضوع فقط، بل لأهمية ما طرح، والله أسأل أن يوفق الجميع لكل خير :
أخ محمد التربية ليست مسئولية المدرسة فقط، فهناك دراسات تؤكد أن 70% من شخصية الطفل تتشكل في سنين عمره الأولى أي ما بين 3 إلى 6 سنوات وهي ما تسمّى الطفولة المبكرة، وهو في هذه الفترة يعيش في كنف أسرته وتحديداً مع والديه، فيتعلم خلالها وعن طريق التقليد والمحاكاة (الحب والتعاطف والتسامح والاحترام والاعتدال والاتزان والأدب والتقدير)، وغير ذلك من العادات والقيم والأخلاقيات الاجتماعية. وهذا معروف وملاحظ، فعندما تريد التمييز بين شخصيات الطلاب ومدى الفرق بين سلوكياتهم وأخلاقهم تعرف مدى اهتمام الأسر بأبنائهم من خلال أخلاق وجدية وأدب الطالب أو العكس وخاصة في الصف الأول ابتدائي. ثم يتبع ذلك مرحلتا الطفولة المتوسطة من 6 إلى 9 سنوات ومرحلة الطفولة المتأخرة من 9 إلى 12 سنة، وهي مرحلة دراسته في الابتدائية وهي مرحلة مهمة إذ يبدأ الطفل بالخروج من التمحور حول والديه إلى مجتمع أكثر اتساعاً وتنوعاً من معلمين وأصدقاء وغير ذلك، لكن لنقيسها بالمنطق والملاحظة :
طفل نشأ في أسرة متماسكة، مبادئها الحوار والتعاطف والكرم والتسامح والتشجيع لا يرى سوى التعاون والحب والهدوء، وآخر نشأ في أسرة تعاني من التوتر النفسي فهو لا يرى في لقاءاتها وحواراتها واجتماعاتها سوى التزمت والتذمر والتعصب والكراهية اتجاه أحد الزوجين للآخر. كيف سيكون تأثير كل بيئة على سلوك ابنها من جهة السلوك والفكر والطبع.. ؟ هذا المثال لندرك مدى تأثير الأسرة.
أما بخصوص الحلول التربوية (العلاجية) لظاهرة تمزيق الكتب ولمثلها من الظواهر وحددتها بالعلاجية، إذ إن البرامج التربوية تنقسم إلى ثلاثة اتجاهات
1 - بنائية
2 - وقائية
3 - علاجية يمكن تلخيصها فيما يلي:
- إعادة الثقة في المعلم من قِبل المجتمع ليعيد الثقة بنفسه، ولإشعاره بدوره التربوي.
- دعم المدارس (بأساتذة نشاط) وخاصة المرحلة الابتدائية والمتوسطة، ليتاح لهم إعداد وتقديم البرامج البنائية والوقائية والعلاجية النوعية.
- مضاعفة الميزانية التشغيلية للمدرسة التي يكثر فيها الملاحظات التربوية، لتمكين الإدارة من التخطيط وتنفيذ البرامج والأنشطة التربوية (فالمال قوة).
- مساندة الإعلام المرئي والإلكتروني للمعلم.
- قيام الأسرة بواجبها وعدم إلقاء عبء التربية والتعليم على كاهل المدرسة واقتصار مهمتها على توفير الغذاء والدواء والترفيه.
ما أود التأكيد عليه، هو أنّ تأثير المدرسة كان في الوقت الماضي فاعلاً ومؤثراً ورئيسياً لقلة المؤثرات الخارجية، أما اليوم فالتربية تواجه تحدياً كبيراً سواء على مستوى الفكر أو السلوك، بسبب تعدد وسائل التأثير الخارجية مع ما يقابله من ضعف المتابعة والتوجيه الأسري، فالتربية في نهاية الأمر جهد تكاملي وليس اعتمادياً.