من قبل قلنا لمدّعي الثقافة من أصحاب «الشهادات الوهمية» التي غازلوها من الجامعات الوهمية في الخارج، واصطفوا خلف الدال! دعوا عنكم تهييج الرأي العام بمقالات سخيفة لا تسمن ولا تغني من جوع بهدف الإثارة، واقلعوا عن الخوض في تقسيمات الوطن لمناطقية في كتاباتكم تسوقها «شنوفينياتكم» البغيضة، التي سكنت نفوسكم، رغم محاولات بعضكم نفيها. وقلنا لكم صراحة، نحن لا نؤمن لكم، ولا نسلّم بادعاءاتكم، أنكم (إصلاحيون وناشطون حقوقيون وسياسيون واجتماعيون)، لأننا نؤمن بأن لدينا حكومة رشيدة -وفقها الله- ولديها خطط شاملة تنموية، وجهود إصلاحية تقوم بها أجهزتها الرسمية، فلسنا بحاجة إلى من يأتي إلينا ليدخل في سوق المزايدات العلنية، أو ينصب اسمه (ملتحفاً بلقب ناشط أو حقوقي أو إصلاحي) ثم يقوم بالتعبير باسم المجتمع السعودي، ولم يكلفه أحدٌ، موفِّراً بذلك «مادة دسمة» يتغذى عليها أعداء الوطن، ليتدخلوا، ويدسّوا بأنوفهم في قضايا المجتمع الداخلية، هؤلاء مدعّو الثقافة من هواة تأليف الكتب «التجميعية» عليهم أن يتعلموا كيف يكون النقد موضوعياً بدون محاولات الإسفاف والتجريح والازدراء لأحد ممن لا يتفق معهم، وعليهم أن يدركوا بأن المجتمع واع إلى درجة أنه يقرأ جيداً ما بين سطورهم، ويحللّها، ولا يمكن خداعه بالمزايدات، وعبارات الإثارة الممجوجة، ولا يقبل بسهولة عبارات الانتقاص والسخرية من الآخرين، المجتمع واع ببدوه الذين يشكلون أساس المجتمع وبحضره؛ ووصمهم البدو بصفات بذيئة وهم يعلمون أن البدو أساس المجتمع، فهم لا يعلمون بأن البدوي ذو أصالة، وأن المجتمع يعتز بوصفه مجتمعاً بدوياً في أساسه، لأن البداوة هي الأصل؛ لذا سميت البداوة من البداية، ووصمه بالبداوة لا تعد مسبّة، وأن الشيم والقيم العربية الأصيلة هي طعام البدوي وشرابه، فهو يعتز بقيمه وشيمه، ويعشق تراب وطنه حد الجنون، لا يعرف المراوغة ولا الزيف، ولا يتلون وفق مصالحه، لديه وفاء، وشجاعة، وكرم، وعروبة غير مصطنعة. ولو سألوا البدوي عن زاده في الصبر، والسفر، وفي الحضر، لوجدوا فيه شموخ الجبال وأنفتها، وصبر الصحراء وكبرياءها، ولعلموا أنه لا يمكنه التنازل عن مبادئه، ولعلموا بأن البدوي أقرب إلى الفطرة النقية، والتدين الصافي، والتحفظ من الوقوع في فاحش القول والزلل، بعكس بعض من تلوث بالمدنية، فقد لا يجد حرجاً من نزع الحياء في قول وفعل، كما ذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته، وأنهم أقرإلى الخير من سكان الحضر، أقول لهؤلاء المدعيّن الذين حينما يكتبون يظنون أنهم من يملك الحقيقة وحدها، وأنهم المعدن النفيس وغيرهم الرخيص، أن ينظفوا قاموسهم من عبارات الانتقاص والازدراء، وألا يعمدوا إلى تقسيم المجتمع إلى فئات ومناطق عند الحديث عن الوطن، فالوطن هو الوطن شرقه وغربه، شماله وجنوبه ووسطه، وأن يتحلوا بإشراقات التفاؤل والأمل بدلاً من العيش في محيط النقمة، والنقد السطحي، والبحث عن مكامن الأخطاء والزلل، وأن يشتغلوا بأخطائهم وقصورهم، وأقول لهم: لا تسألوا عما يمكن أن يقدمه وطنكم لكم وقد أعطاكم الكثير، أعطاكم الأمن، بل اسألوا عما يمكن أن تقدموه أنتم لوطنكم كما قال جون كينيدي.