في يوم الأحد الموافق 26-7-1435هـ حمل لنا في جنباته خبراً كان كالصاعقة، ولكن عزاءنا أن هذا القضاء والقدر وهذه سنة سار وسيسير عليها كل من على هذه البسيطة. ففي ذلك اليوم رحل عن هذه الدنيا أهم أعمدة الأدب والثقافة في الوطن العربي الدكتور الأديب/ عبدالعزيز الخويطر رحمه الله وأسكنه فسيح جناته حيث يعد الراحل من رموز الثقافة والأدب وأول سعودي يحصل على الدكتوراه في التاريخ من بريطانيا في عام 1380هـ ثم أنه شغل العديد من المناصب التي برز من خلالها وأثراها بخبرته كان أولها عندما عُيّن أمينٍ لجامعة الملك سعود ثم عُيّن وكيلاً بعد ذلك للجامعة في عام 1381هـ حتى عام 1391هـ لينتقل بعد ذلك رئيساً لديوان المراقبه لمدة عامين ثم عُيّن بعد ذلك وزيراً للصحة لمدة عامين تقريباً ثم عُيّن وزيراً للمعارف حيث شغل المنصب لمدة (21) عاماً سخّر لها كل ما يملك من خبره وجهد في سبيل تطويرها والسير بعجلة التعليم للأمام مستعيناً لذلك بعد الله بخبرته ودراساته التطويرية إلى أن عُيّن بعد ذلك وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء في عام 1416هـ كما أن الراحل يعد عضواً في كثير من اللجان والهيئات الوطنية العليا علاوةٍ على ذلك فالراحل يعتبر عميد الوزراء السعوديين.
قدم لنا من خلال مسيرة الخمسة عقود الماضية كل ما يستطيع في سبيل إثراء المكتبة الثقافية بما يفيدنا ويفيد الأجيال القادمة من علم ومعرفة وثقافة، حيث لا زالت مآثرة بيننا وبصمات جليلة من ذلك الأديب الجليل والكاتب المهم الذي ضخ للثقافة عدداً من الإصدارات التي تجاوزت (66) إصداراً علمياً وثقافياً كما أن الإصدار الموسوم (وسم على أديم الزمن) يعتبر من أهم الوثائق الوطنية التي أهداها لنا الراحل، حيث إنه امتد إلى ما يقارب الخمسة والثلاثين جزءاً من سلسلة مذكراته ولمحات حياته وذكرياته في جميع رحلاته التي قادها في سبيل العلم في تسلسل تاريخي ممتع وشيق ومثير كما أن له من المقالات الجميلة والمثرية أدبياً وفكرياً.
إن لرحيل قامة من قامات الثقافة أو ثروة من ثروات الأدب في المملكة يعد خسارة كبيرة ورحيل عميد الوزراء والأدباء السعوديين من تلك الخسارات التي يصعب أن نجد من يشغل لهم مكاناً، فقد كان الراحل يحمل في نفسه شغف العلم وحبه، حيث يكتنز العلم الجم كما أنه يمتاز بتواضعه ونزاهته ووفائه وعطائه اللامحدود؛ وقد التمست ذلك شخصياً، حيث إنه لم يهمل أي رسالة أبعثها إليه أو أي إصدار أبعثه له إلا ويكون الرد منه مشجعاً ومشيداً وداعماً معنوياً.
رحل ذلك الأديب الذي سيبقى نبراساً يحتذى به من الأدباء والمثقفين الذين سيسيرون على نهجة وعلى خُطاه، رحل وقد خلّد أسماً كتبة التاريخ بماء الذهب بين صفحاته ليبقى عميد الوزراء السعوديين بعد رحيله (وسماً على أديم الزمن) لننهل من علمه الذي تركه لنا ونسير على دربه لنكمل النهضة الثقافية في وطننا العربي على درب السؤدد والتقدم والنجاح، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.