أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المشاكل العقلية - مثل الاكتئاب - من بين أكبر المخاطر التي يتعرض لها المراهقون، فقد بيّنت إحصائياتهم بأن الانتحار هو المسبب الثالث للوفاة عند المراهقين من عمر 10 إلى 19 سنة. وركز التقرير على أن تهتم الأنظمة الصحية أكثر بصحة المراهقين.
تتصدر الأمراض والوفيات المرتبطة بالصحة العقلية والنفسية Mental Health الدول ذات الدخل المرتفع في الشرق الأوسط وفي أنحاء آسيا.
لا يُلتفت عادة لاكتئاب المراهقين، ولا يُكتشف الخطر إلا بعد فوات الأوان عندما يهم المراهق أو ينجح بالانتحار. ففي دراسة من وزارة الداخلية بعام 2008م بيّنت أن معدل الانتحار قفز إلى 185% خلال 12 عاماً.. وتوافقت نتائج الدراسة نسبياً مع بحث قُدم من جامعة الملك سعود بالرياض بعام 2012م أعدته طالبة ماجستير في مستشفى الصحة النفسية بالأحساء، حيث كان غالبية من أقدم على الانتحار نساء سعوديات، وبنسبة 30% لمن تقع أعمارهم بين 15 و20 عاماً.
كما لُوحظ تزامن حالات انتحار المراهقين مع الإجازة الصيفية، وقد يحتاج هذا لدراسة لمعرفة الأسباب التي تدفع أولئك المراهقين للتخلص من حياتهم والتي يرجح أن أحد أكبر مسببات ذلك هو الاكتئاب.
يُصاب 5% من المراهقين بالاكتئاب خلال حياتهم، وغالبيتهم لا يتلقون العلاج بسبب عدم معرفتهم بأن ما يعانون منه مرض يتطلب العلاج.
لست بصدد ذكر أعراض الاكتئاب وتشخيصه، لأن هذا يستحق أن نخصص له حديثاً مسهباً، ولكن أردنا التسليط على أهمية تناول مشكلة صحة المراهقين من ناحية طبية وتعليمية وسلوكية.
ففي مجال الصحة هناك تُخصص طبي يُسمى بـAdolescent medicine (طب المراهقة) بحاجة لكوادر وطنية تفهم حاجات المجتمع، وتُعنى بصحة المراهق العضوية والنفسية والسلوكية، ولعل فتح باب الابتعاث لدراسته في الخارج، وإنشاء مراكز محلية تدريبية أحد الحلول التي يمكن من خلالها إنشاء برنامج مبني على أسس قوية يُعنى بصحة الشريحة الأكبر من المجتمع لتنشئة جيل صحي عقلياً ونفسياً وعضوياً.
كما يُشكر لوزارة التربية والتعليم اهتمامها بإنشاء برنامج التّنمر للقضاء على ظاهرة العنف في المدارس، ونتمنى أن تركز أيضاً في برامج الصحة المدرسية على تعزيز صحة المراهق وتوعية الكوادر التعليمية بمشاكل الاكتئاب عند المراهقين.
ولا ينتهي دورنا كمهتمين بالتوعية الصحية بأن نُعنى بتقديم برامج توعوية مناسبة لاحتياجات المراهق وتُعنى بصحته، وأن نهتم بتوفير قنوات تواصل للمراهق أو أسرته أو المتعاملين معه مثل الكوادر التعليمية لتوفير الاستشارة عن كيفية التعامل مع مشاكله، فالوقاية دائماً خير من العلاج.