لَكَ اللهُ يَا عَبْدَالعَزِيز الخُوَيطرُ
تَرَكْتَ لَنَا إِرْثاً عَظِيْماً يُؤَطَّرُ
يُؤَطَّرُ بِالإِحْسَاسِ حُبّاً بَثَثْتَه
نُعَلِّمُه لِلنَّشْءِ فَهْوَ يُسَطَّرُ
يُسَطَّرُ فِي التَّارِيْخِ مَعْنَىً وُصُورَةً
بِضَوئِهِمَا فِيْمَنْ يُضَاءُ تُؤَثِّرُ
تُؤَثِّرُ فِي الأَجْيَالِ نَهْجاً وَسِيْرَةً
تُؤَدِّبِهُمْ فِيْهَا رُؤَىً وَتُسَيِّرُ
تُسَيِّرُ نَحْوَ المَجْدِ مَنْ يَرْسِمُونَه
بِأَفْعَالِهِمْ فَالمَجْدُ فِيْهِمْ يُصَوَّرُ
يُصَوَّرُ فِي أَلْوانِه وَطَنٌ لَهُمْ
بِكُمْ قَدْ سَمَا بَلْ عَنْكَ فِيْهِمْ يُعَبِّرُ
يُعَبِّرُ عَنْ مَعْنَى النَّزَاهَةِ قِيْمَةً
عُرِفْتَ بِهَا إِذْ فِيْكَ قَامَتْ وَتُنْشَرُ
وَتُنْشَرُ فِي كُلِّ المَعَانِي عَدَالَةً
بِسيْرَتِكُمْ أَرْسَيْتَهَا حَيْثُ تَظْهَرُ
فَتَظْهَرُ فَيْكُمْ حِكْمَةً قَدْ تَحَكَّمَتْ
بِمَنْهَجِكَ السَّامِي فَلا تَتَعَثَّرُ
فَإِنْ أَنْسَ لا أَنْسَى لِذَلِكَ مَوقِفاً
بِه أَنْتَ قَدْ أَنْصَفْتَنِي وَيَقَدَّرُ
يُقَدَّرُ مِنِّي مَا حَيِيْتُ فَحِيْنَمَا
تَأَخْوَنَ مَسْؤُولُونَ فَالدِّيْنُ مَظْهَرُ
وَقَفْتُ لَهُمْ لَكِنْ لَقِيْتُ لِوَقْفَتِي
مُحَارَبَةً فِيْهَا عَلَيْهَا أُكَفَّرُ
فَكُنْتُ لَه كَيْمَا أُدَافِع كَاشِفاً
مَسِيْرَةَ مَنْ تَقْصِيْرُه تَتَبلْوَرُ
فَخَاطَبْتَكُمْ فِيْهَا خِطَاباً موثَّقاً
وَثَائِقَ أَرْشِيْفيَّةً لا تُمَرَّرُ
فَحَدَّدْتَ لِي يَومَ اللِّقَاءِ وَحَيْنَمَا
تَعَذَّرَ قَدْ هَاتَفْتَنِي تَتَعَذَّرُ
فَأَرْجَأتَه إِذْ فَاجَأتْكَ مَهَمَّةٌ
تُمَثِّلُ فِيْهَا مَوطِنِي فَهْيَ أَكْبَرُ
تَوَاضُعُكُمْ حِيْنَ اتِّصَالِكَ هَزَّنِي
فَخَفَّفَ ضِيْقاً فِيْه أَشْقَى وَأَشْعُرُ
فَقَابَلْتَنِي مِنْ بَعْدِهَا بِتَوَاضُعٍ
مَعَالِيْكَ فِيْه أَنْتَ أَسْمَى وَأَقْدَرُ
وَعَاتَبْتَنِي إِذْ جِئـْتَكُمْ بِوثَائِقِي
فَذَلِكَ مَحْذُورٌ نِظَاماً وَيُحْظَرُ
فَوَافَقْتَنِي فِيْمَا دَفَعْتُ عُقُوبَةً
عَلَيْهَا بِمَا بَرَّرْتُه وَيُفَسَّرُ
فَعَاقِبْ عَلَى هَذَا المُفَرِّطَ إِنَّه
بِإهْمَالِه أَولَى يُدَانُ وَيُخْطَرُ
فَرَشَّحْتَنِي لَمَّا تَبَيَّنْتَ دَافِعِي
مُوجِّهَ تَعْلِيْمٍ رَزَاه المُقَصِّرُ
سَأَبْقَى حَيَاتِي مَا حَيِيْتُ بِذِكْرِكِمْ
أُسَامِرُ فِيْه كُلَّ طَيْفٍ وَأُخْبِرُ
وَأَحْسَبُ مَا أَنْجَزْتُه خَيْرُ شَاهِدٍ
بِأَنِّي جَدِيْرٌ بَلْ وَأَنِّي لأَجْدَرُ
خِطَابَاتُ تَقْدِيْرٍ تَجَاوَزَ عَدُّهَا
عَلَى مِئَةٍ فِيْهَا لِذَلِكَ أُشْكَرُ
لِهَذَا وَفِي مَعْنَاه جَاءَتْ قَصِيْدَتِي (*)
بِتَودِيْعِكُمْ بَعْدَ المَعَارِف تَذْكُرُ
قَد اخْتَارَهَا مِنْ بَيْنِ عَشْرِ قَصَائِدٍ
فَرشَّحَهَا للحَفْلِ مَنْ كَانَ يَنْظُرُ
فَفِيْهَا أَبُو تُركي الثُّنَيَّانُ مَازَنِي
وَكَانَ مِن الإِطْرَاءِ شِعْراً يُحَذِّرُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّه بِاخْتِبَاره
مِن الشُّعَرَاءِ الأَمْسِ قَدْ يَتَخَيَّرُ
فَمَا أنَا فِي مَدْحِيْكَ كُنْتُ مُبَالِغاً
لأنَّكَ لا تَرْضَاه مِنِّي وَتُنْكِرُ
لَقْدْ قِيْلَ أَنْتُمْ ثَرْوَةٌ وَطَنِيَّةٌ
وَقَائِلُ هَذَا فَيْصَلٌ فَهْوَ أَبْصَرُ
وَمَا قَالَهَا مَدْحاً يُجَامِلُكُمْ بِه
وَلَكِنَّه فِيْكُمْ بَصِيْرٌ وَأَخْبَرُ
لِيَرْحَمَكَ الرَّحْمَنُ أَنْتَ كَوصْفِه
وَأَيُّ تَفَاصِيْلٍ لَهَذَا سَتَقْصُرُ
وَلَكِنَّ مَا أَرْوِيْه بَعْدَ قِرَاءَةٍ
تُحَفِّزُنِي فِيْه المآثِرُ تُنْشَرُ
تَآلِيْفُكُمْ أَبْدَعْتَ فِيْهَا مُؤَرِّخاً
وَفي أَدَبٍ إِبْدَاعِكُمْ يَتَمَحْوَرُ
فَأَلَّفْتَ لِلأجْيَالِ مِنْ ذِكْرَيَاتِكُمْ
تُرَبِّي بِهَا نَشْئاً صَغِيْراً سَيَكْبُرُ
فَكُنْتَ بِهِمْ بَعْد المَعَارفِ حِيْنَمَا
تَخَلَّيْتَ عَنْهَا فِي هُدَاهُمْ تُفَكِّرُ
لِيَرْحَمَكَ الرَّحْمَنُ يَا مَنْ تَركْتَهُمْ
إِلَى اللهِ يَا عَبْدَالعَزِيْزِ الخُويْطِرُ
فَمِثْلُكَ مَنْ يَرْوِي الزَّمانُ جُهُودَه
وَتَعْبَقُ فِيْها الأرْضُ ذِكْرىً وَتُزْهِرُ
وَتَبْقَى وَإِنْ وَدَّعْتَ أَهْلاً وَدَولَةً
فَأَنْتَ زَرَعْتَ المَجْدَ فَالزَّرْعُ يُثْمِرُ
** ** **
(*) قصيدة بعنوان «عَبَقٌ مِنْ مَسِيْرَة» شاركتُ بها في احتفاليَّة وزارة المعارف لتوديع معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، واستقبال معالي الأستاذ الدكتور محمَّد بن أحمد الرشيد رحمهما الله في 4-6 - 1416 ه وهي منشورة في مجموعتي الشعريَّة الثانية «حديث الغضا».