أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب وزير الخارجية أن حركة عدم الانحياز، منذ إنشائها تعمل جاهدة رغم كل المعوقات والعراقيل التي تواجهها، على تحقيق أهدافها، التي من أهمها العمل على خدمة السلام وتحقيق الرفاهية تجسيداً لمصالح دولها، جاء ذلك خلال كلمة المملكة التي ألقاها سموه أمس الأربعاء في المؤتمر الوزاري الـ17 لحركة عدم الانحياز بعنوان «تعزيز التضامن من أجل السلم والرفاهية «حيث أعرب الأميرعبدالعزيز بن عبدالله أن حكومة المملكة العربية السعودية من هذا المنطلق تؤكد مجدداً تمسكها بمبادئ هذه الحركة مما يُعزز دورها في عالم تتسارع فيه الأوضاع الدولية والإقليمية اضطرابا، وتُنتهك فيه مبادئ القانون الدولي، ويتم تشويه مبدأ حق الدفاع عن النفس وتُستغل مبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير للإساءة للأديان ورموزها لأغراض سياسية أصبحت واضحة المعالم.
وتابع قائلا: « إن المملكة إذ تنبه إلى أن تصاعد هذه الانتهاكات الخطيرة والجسيمة التي تهدد السلم العالمي، لتدعو إلى القيام بتقييم ومراجعة دور وفاعلية الحركة في حماية وتعزيز الأمن والاستقرار في العالم، ويجب أن يمثل هذا الدور أولوية ملحة للحركة في المرحلة المقبلة «.
وأردف سموه :» ينعقد اجتماعنا بعنوان « تعزيز التضامن من أجل السلم والرفاهية « ونحن على أرض « المليون شهيد « الذين قضوا من أجل حريتهم وحقوقهم واستقلالهم، فلست مُلاماً حين أذُكركم بالمأساة التي تعيش في وجداننا العربي والإسلامي ألا وهي قضية فلسطين المحتلة، التي ما زال شعبها يرزح تحت الاحتلال وتنتهك مقدساته وتسلب حقوقه وتعمل سلطات الاحتلال على طمس وتمزيق وحدته واستلاب أراضيه في مشاريع استيطانية ضاربة عرض الحائط بكل القرارات والمواثيق الدولية».
وأعرب سمو نائب وزير الخارجية عن تطلعه انطلاقا من مبادئ الحركة إلى دور أكثر فاعلية وإيجابية لمساندة الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية للحصول على حقوقه المشروعة ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مؤكداً أن المملكة تدين بشدة كل الأعمال التي تقوم بها سلطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس وما يتعلق بمحاولاتها تغيير الهوية التاريخية والدينية والوضع القانوني للأماكن المقدسة ، وقال سموه: « هذا الجرح القديم في جسدنا العربي زادته الأوضاع المأساوية للشعب السوري الشقيق نزيفاً دامياً، فآلة القتل تحصد يوميا أرواح الشعب السوري وتدمر مقدراته وتهجر أبناءه إلى نازحين عن ديارهم أو لاجئين في الشتات، إن عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لهذه المأساة قد زادها سوءاً وهذا ما أكدته التقارير الدولية».
كما جدد سمو نائب وزير الخارجية التأكيد على أن المملكة العربية السعودية عضوفي معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وملتزمة بأحكامها، مؤكدة بذلك حرصها على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، لافتاً الانتباه إلى أن المعالجة الفعالة لمشكلة انتشار أسلحة الدمار الشامل تتطلب التخلي عن ازدواجية المعايير.
وأوضح الأمير عبدالعزيز بن عبدالله أن التنمية في المجتمعات والإرهاب ضدان لا يلتقيان، فالمملكة ترفض الإرهاب بجميع أشكاله، وتدين مظاهره، فيما تتعاون مع المجتمع الدولي للقضاء على هذا الشر العالمي، حيث أكدت دعمها التام لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واتَخذت الخطوات اللازمة لسد أي ثغرة قد تُستغل لغير الأعمال المشروعة، مشيراً إلى أنها نجحت في القبض على الكثير من الإرهابيين وأفشلت مخططاتهم، وانضمت إلى العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ضد الأعمال الإرهابية وأسهمت في إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، وسنت عددًا من التشريعات الوطنية التي تجرمها. وأضاف سموه أن المملكة انطلاقاً من إيمانها في أن الحوار هو القناة الأمثل لأي اختلاف مع الآخر فإنها بذلك تدعم جميع المبادرات الإنسانية الداعية له وتشارك بالجهود المبذولة في دعم السلام والأمن والاستقرار في العالم وفي الشرق الأوسط بشكل خاص، واستنادًا إلى المبادرات العديدة التي أطلقتها حكومة المملكة من أجل نشر ثقافة العيش المشترك والاحترام المتبادل والتسامح القائم على التفاهم والتعارف بين الأفراد والثقافات والأديان والحضارات ونشر قيم العدل والسلام وسيادة القانون ومرجعية المواثيق الدولية، فقد توجت تلك الجهود بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والحضارات في فينا نوفمبر 2012م، من أجل تعاون حضاري يحقق العيش المشترك بين البشر على تنوعهم وتعدد ثقافاتهم وخياراتهم الفكرية والدينية والروحية.
واختتم سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله كلمته بتجديد الشكر لمعالي وزير خارجية الجزائر رئيس المؤتمر تنظيم الاجتماع، متمنياً للجميع التوفيق والنجاح لما فيه خير الشعوب.