مخاوف متزايدة هزت الشارع التونسي فجر أمس منطقة حي الزهور بمحافظة القصرين ( 250 كلم جنوب غرب العاصمة تونس)، إثر مقتل 4 أعوان أمن من الشباب المكلفين بحراسة منزل أهل وزير الداخلية لطفي بن جدو، على أيدي عناصر ملثمة ومسلحة نزلت على ما يبدو من جبل السلوم القريب من الجهة على متن سيارات رباعية الدفع، وفرت إليه بعد ارتكاب المجزرة التي خلفت أيضا ثلاثة جرحى من الأمنيين المكلفين بحراسة المنزل.
لم يمهل الإرهابيون وزير الداخلية الذي توعّدهم بالعقاب طويلاً، إذ لم تمر ثلاثة أيام على تصريحه بنجاح قوات الأمن في الإيقاع بخلية إرهابية كانت تخطط لتوجيه ضربة قاصمة للاقتصاد والسياحة، حتى جاء رد «زملاء» الموقوفين ممن تمكنوا من الإفلات من الملاحقة اللصيقة التي ما فتئ الأمن والجيش يضربها على معاقلهم بجبل الشعانبي بمحافظة القصرين وبالجبال المتاخمة له، جاء الرد قاسياً جداً... ويحمل رسائل مشفرة متعددة. وحسب المعطيات الأولية فإن عددهم حوالي 15 إرهابياً انقسموا الى مجموعتين تكفلت المجموعة الأولى بالهجوم على المركز الأمني القريب من مقر سكني الوزير بن جدو والمجموعة الثانية وهي الأكثر عدداً هاجمت المنزل مستعملة سيارات رباعية الدفع من نوع «ديماكس».
وقد خلّفت المجزرة استياءً عميقاً وخوفاً شديداً لدى أهالي المنطقة التي يوجد بها منزل وزير الداخلية، حيث أكد شهود عيان بأن قوات الأمن حلّت بعد مضي نصف ساعة من انتهاء العملية الإرهابية التي لم تدم سوى 4 دقائق، وذلك بالرغم من اتصال السكان وجيران الوزير بمركز الأمن القريب جداً من المكان، إلا أن أحد الأعوان أرجع أصوات الشماريخ التي غطت على أصوات الرصاص المنبعث من الرشاشات إلى حملة أمنية ضد الكلاب السائبة. وينتظر أن تفتح وزارة الداخلية تحقيقاً في ملابسات تأخر تدخل رجال الأمن أثناء تنفيذ الخطة الإرهابية.
ففي تحدٍّ سافر لأعوان الأمن ولوزارة الداخلية وتحديداً لأعلى هرمها، وعلى بعد أمتار قليلة من مركز الأمن العمومي بإحدى ضواحي القصرين، وباستعمال السيارات رباعية الدفع التي عادة ما تخضع للتفتيش في أي مكان تمر به لارتباط نوعها بوسائل النقل التي يستعملها الإرهابيون، وبملابس عسكرية وأمنية نظامية، وبعد أن أمطروا الحي بالشماريخ للتمويه وتغطية أصوات رشاشاتهم، بالرغم من أن أمر الشماريخ انكشف منذ الصيف الماضي .... كلها سلوكيات انتهجتها العناصر المسلحة في ظرف دقائق معدودة وبتخطيط محكم لاقتحام منزل الوزير، أمكن لهم تنفيذ برنامجهم الإرهابي والفرار سالمين تاركين وراءهم أمنيين شباباً لم يتجاوز أكبرهم سناً الحادي والعشرين من عمره.
وقد تعدّدت الروايات وتنوّعت، إلا أن النتيجة واحدة، وهي أن المجموعات الإرهابية التي قيل إنها تمت السيطرة نهائياً على معاقلها ورجح وقتها أن تكون فرت إلى القطر الجزائري الشقيق، إنما اختفت في حقيقة الأمر وهدأ ضجيجها، ولكنه كان الهدوء الذي يسبق لا العاصفة بل المجزرة الرهيبة التي أدخلت الرعب في قلوب التونسيين، الذين شعروا بالخوف يعاودهم بعد نزول العناصر الخطيرة إلى القرى والمدن، وتغيير تكتيكها الحربي ضد الأمنيين والعسكريين والمدنيين على حد سواء.