هناك إختلاف واضح ما بين وسائل الإعلام التقليدية (الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون) التي تفتقر غالبا إلى الأسلوب التحاوري والتشاركي من جهة، ومواقع التواصل الاجتماعي (social media sites) التي تتيح لمستخدميها التعبير عن آرائهم وأفكارهم ونشر المعلومات التي بحوزتهم وجعل المستخدمون الآخرون لهذه المواقع يشاركونهم ويتبادلون معهم المعلومات والآراء والأفكار ضمن هذه الشبكات والمجتمعات الافتراضية (Virtual communities). وتتيح مواقع التواصل الاجتماعي تبادل الصور وأفلام الفيديو والتسجيلات الصوتية. وأبرز مناحي الاختلاف ما بين نوعي الإعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي تتجلى بالمحتوى (Content)، فمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام يتصف برداءته بالقياس بمحتوى الإعلام التقليدي وبالأخص من ناحية اللغة المستخدمة، وهناك اختلافات أخرى تتلخص بحجم ونوعية كل جمهور لهذه الوسائط الإعلامية، وتكرار المتابعة ...إلخ. ولاحظ المختصون أن معظم مستخدمي شبكة الإنترنت حول العالم يفضلون مواقع التواصل الاجتماعي على غيرها من المواقع، ويمضون فترات أطول مع هذه المواقع بالقياس بالمواقع الأخرى.
ومرت خلال شهر شباط (فبراير) سنة 2014 بنا الذكرى العاشرة لانطلاق موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيس بوك (Facebook)، والذي يمثل خدمة شبكات اجتماعية من خلال الإنترنت، ومنطلق أصلا من جامعة هارفارد (Harvard University) الأمريكية، والذي يتيح لكل من تجاوز سن الثالثة عشرة أن يُسجل ويصبح من مشتركي خدماته. وبعد التسجيل يتيح هذا الموقع للمشترك الجديد إمكانية إنشاء بروفيل (ملف) المستخدم (User profile)، وإضافة أسماء مستخدمين آخرين كأصدقاء له، لتبادل المعلومات على اختلاف أنواعها. ويبلغ عدد مشتركي الفيس بوك (Facebook) حاليا قُرابة 1.28 مليار مستخدم فعال (Active Users) شهريا، حيث يشكل مستخدمو الشرق الأوسط (56) مليون مستخدم من هؤلاء، ونصف هؤلاء المستخدمين الشرق أوسطيين لابد أن يقوموا بزيارة موقع الفيس بوك يوميا، كما إن 94% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط هم من مستخدمي الفيس بوك. ويقدم هذا الموقع دعما لـ (70) لغة عالمية، ولكن استخدام اللغة العربية من قبل مواطني الدول العربية يتفاوت بشكل كبير ما بين دولة عربية وأخرى. يعتبر موقع شركة جوجل (Google) من أكثر المواقع زيارة على النطاق العالمي يتبعه موقع فيس بوك (Facebook) وفقا لموقع أليكسا (Alexa). ويتبع لشركة فيس بوك تطبيق إنستغرام ( Instagram) المجاني لتبادل الصور والأفلام الفيديوية إضافة إلى كونه يمثل شبكة للتواصل الاجتماعي. كما أقدمت شركة فيسبوك (Facebook) مؤخراً بشراء شركة الواتس آب (WhatsApp) بمبلغ 19 مليار دولار أمريكي، على الرغم من صِغر شركة الواتس آب، والتي لا يتجاوز عدد موظفيها 55 موظفا فقط بضمنهم 25 مهندسا مسؤول عن تقديم الخدمات بلغات مختلفة مثل اللغة العربية والإنكليزية والألمانية وماندراين الصينية...إلخ.
سنركز في مقالنا هذا على برنامج التراسل والدردشة الذائع الصيت في مجتمعنا العربي ألا وهو برنامج واتس آب (WhatsApp)، والذي يماثل برنامج ياهو مسنجر (Yahoo Messenger) الخاص بالمراسلة الفورية، ولكنه يختص بالهواتف الذكية (Smartphones) والمرتبطة بشبكة الإنترنت والمخصص لها رقم هاتفي ضمن شركات الهواتف النقالة. ويعود سبب اهتمامنا ببرنامج الواتس آب (WhatsApp) تحديدا بسبب تهافت مستخدمي الإنترنت في هذه المنطقة من العالم على استخدامه، إذ يبلغ عدد مستخدمي الواتس آب في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا (15) مليون مستخدم، في حين لا يتجاوز مستخدمو هذا البرنامج الـ(7) ملايين مستخدم في قارة أمريكا الشمالية.ٍ ولاحظ المختصون شغف المستخدم العربي بالواتس آب، إذ يُستخدم هذا البرنامج من قبل 70% من أصحاب الهواتف الذكية هذا البرنامج في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ويواجه هذا التطبيق منافسة قوية من قبل عدد كبير من الشركات الآسيوية مثل شركة تليكرام (Telegram) وشركة لاين (LINE)، وشركة وي جات (WeChat) والتي يبلغ عدد مشتركيها 271 مليون مشترك، وشركة كاكاوتوك (KakaoTalk ).
يتيح الواتس آب لمستخدميه إمكانية تبادل الرسائل النصية (Text messages)، والتشارك في الصور (Images) والملفات الصوتية (Audio)، والملفات الفيدوية (videos). ويُمكن برنامج الواتس آب مستخدميه من تحديد مواقعهم اعتمادا على الخرائط (Maps). وبذلك يستطيع مستخدمو هذا التطبيق تبادل الأفكار والآراء والتهاني والتبريكات والتحيات، والمواساة. ويمتاز هذا التطبيق بقدرته على التعامل مع مجموعة كبيرة من أنظمة التشغيل (المنصات) الخاصة بالهواتف الذكية مثل نظام التشغيل أندرويد (Android) من إنتاج جوجل، ونظام تشغيل بلاك بيري (BlackBerry OS)، ونظام التشغيل أبل آي أو إس (Apple iOS)، ونظام التشغيل سمبييان (Symbian)، وأنظمة تشغيل من إنتاج شركة نوكيا (Nokia)، ونظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز فون (Microsoft Windows Phone) وبلاك بيري 10 (BlackBerry 10).
أما عن حجم المعلومات التي يتم تداولها من خلال هذا التطبيق فتشير آخر إحصائية منشورة بأن أعلى كم من الرسائل التي وصلت إلى الواتس آب (WhatsApp) في اليوم الواحد قد بلغ 64 مليار رسالة، وهذا الرقم القياسي لا يمثل المعدل اليومي. أما معدل الرسائل التي ترسل يوميا من خلال الواتس آب فيبلغ 19 مليار رسالة، أما عدد الرسائل التي تصل يوميا إلى الواتس آب (WhatsApp) فيبلغ 34 مليار رسالة. أما معدل عدد الرسائل الصوتية (Voice messages) المرسلة بشكل يومي فيبلغ 200 مليون رسالة صوتية، أما عن معدل عدد الرسائل الفيديوية (Video messages) المرسلة بشكل يومي فيبلغ 100 مليون رسالة فيديوية. وقد ألحق هذا التطبيق أبلغ الضرر بشركات الهاتف والتي حرمها من عوائد الرسائل القصيرة والمعروفة إختصارا بالـ (SMS) . وهذه الحالة تماثل الضرر الذي ألحقه تطبيقي إسكايب (Skype) وفايبر (Viper) التي يبلغ عدد مستخدميه 100 مليون، واللذان حرما شركات الهاتف من عوائد المكالمات الدولية.
أما معدل عدد المستخدمين الفاعلين (active users) خلال شهر نيسان من العام الحالي فقد تجاوز الـ450 مليون مستخدم فاعل (Active users)، والمقصود بالمستخدم الفاعل هنا هو المستخدم لتطبيق الواتس آب (WhatsApp) لمرة واحدة على الأقل خلال الشهر، وهذا يختلف عن عدد المستخدمين المسجلين (Registered users) والذين عادة ما يفوق عددهم عدد المستخدمين الفاعلين (active users). ويستخدم هذا التطبيق ما نسبته 70 % من مستخدمي الواتس آب بشكل يومي. وينضم لهذا التطبيق مليون مستخدم جديد يوميا.
ويأمل الرئيس التنفيذي لشركة الفيسبوك مارك زوكربيرج (Mark Zuckerberg) أن يبلغ عدد المستخدمين الفاعلين (active users) في وقت قريب مليار مستخدم. وبالمناسبة فإن عدد مستخدمي الواتس آب (WhatsApp) يفوق عدد مستخدمي تويتر (Twitter) والذين من المتوقع أن يبلغ عددهم 241 مليون مستخدم نهاية سنة 2014.
ويبين الجدول (1) الإحصائيات الخاصة بالأوقات وعدد الرسائل المكتوبة والمقروءة من قبل مستخدمي الواتس آب (WhatsApp)
معدل الوقت الذي يمضيه مستخدمو الواتس آب (WhatsApp) أسبوعيا 195 دقيقة /أسبوع
معدل الرسائل التي يرسلها كل مستخدم من مستخدمي الواتس آب شهريا 1200 رسالة / شهريا
معدل الرسائل التي يقرأها كل مستخدم من مستخدمي الواتس آب شهريا 2200 رسالة / شهريا
معدل عدد الصور التي يتم تبادلها ما بين مستخدمي الواتس آب 700 مليون صورة/يوم
ولابد أن نتطرق إلى موضوع الأمنية (Security) والخصوصية (Privacy) والتي يوفرها تطبيق الواتس آب (WhatsApp) لمستخدميه، ففي مقابلة مع الرئيس التنفيذي (CEO) للشركة جان كوم ( Jan Koum) أوضح بأن شركته تحرص منذ إنشائها على عدم انتهاك خصوصية المستخدمين. وأكد أن شركته لا تجمع أية معلومات تخص مستخدميها، لذا فهم لا يعرفون جنس (Gender) المستخدم، ولايعرفون اسمه، ولا أين يسكن، ولا يعرفون عنوانه، والمعلومة الوحيدة التي تملكها الشركة هي رقم الهاتف الذكي والمستخدمين الذين يتراسلون مع بعضهم البعض. ولكن كل هذه المعلومات التي ذكرها جان كوم ( Jan Koum) يمكن الحصول عليها من محتوى الرسائل، ولا توجد أية حاجة أن تطلب الشركة من مستخدميها تزويدها بهذه المعلومات. وقد قال بأن شركته لا تحتفظ بالرسائل وبمجرد وصول الرسالة إلى الشخص أو الأشخاص يتم التخلص منها. وأكد على إن شركته تعتمد على خاصية التشفير لتضمن عدم إختراق وحصول طرف ثالث على الرسائل المتداولة ما بين المستخدمين. وهناك من يفند هذا الإدعاء، ويدعي بأن الخصوصية منتهكة ضمن هذا التطبيق.
وأوضح أيضا بأن التعامل مع نظام التشغيل أندرويد (Android) والذي يتصف بمرونته أسهل، وقد مكنهم ذلك من إضافة خصائص (Features) جديدة لتطبيق الواتس آب من خلال نظام التشغيل أندرويد (Android)، كما أن تطبيق الواتس آب يعمل يسهولة وسرعة حينما يتعامل مع نظام التشغيل أندرويد (Android) قياسا بنظام التشغيل أبل آي أو إس (Apple iOS). ويفوق عدد مستخدمي تطبيق الواتس آب الذين يستخدمون نظام التشغيل أندرويد (Android) مستخدمي تطبيق الواتس آب الذين يستخدمون نظام التشغيل أبل آي أو إس (Apple iOS).
وأخيرا وليس آخرا يلخص الجدول رقم 2 مزايا وعيوب هذا التطبيق الشائع الاستخدام في عالمنا العربي، ووصل الحال ببعضهم إلى عشقه والإدمان على استخدامه.
جدول 2: مزايا وعيوب تطبيق الواتس آب