غالباً ما يسوء الوضع في الاجتماعات التي تتناول الإستراتيجية، فتتحوّل إلى صراعات مريرة حول من هو صائب، ومن هو خاطئ، متى دار الكلام عن الوجهة المستقبليّة للشركة. فكيف يمكن إعادة رسم معالم النقاش ليتأتى عنه تعاون بدلاً من خلاف؟
يكمن الأهم في تحوير السؤال الأساسي الذي نريد طرحه، من «ما الذي يُعتبَر صائباً؟» إلى «ما الذي ينبغي أن يكون صائباً؟».
ويشار إلى أن السؤال حول «ما الذي يعتبر صائباً؟» يثير شريعةً ويقلل حجم التعاون في مجال استكشاف الأفكار. ولنتصوّر مثلاً أنّه يتمّ طرح وجهة جديدة للإستراتيجية، وأن أركّز، عند سماعي للفكرة المطروحة، على ما أعتبره صائباً. وأؤكّد أنّ اعتمادي لوجهة النظر هذه، قد يجعلني غير واثق من فكرتك، ويحثّني على قول أمرٍ على غرار، «لا أعتقد أن هذا الأمر سينجح». وإن طرحتُ بعد ذلك وجهة إستراتيجية بديلة، فلا شكّ في أنّك ستغض الطرف عمّا أقوله بالطريقة ذاتها، وأنّ الأمر سيستمرّ على هذا النحو، مع ما يشتمل عليه من كرّ وفر.
لو ركّزناً بدلاً من ذلك منذ البداية على ما ينبغي أن يكون صائباً، قد يؤدي النقاش إلى اعتماد وجهة فيها قدر أكبر بكثير من التعاون. وإن لفتتك فكرة، واعتبرتَ أنها لا تثير الاختمام، قاوم الرغبة في القول إنها «غير صائبة». وبدلاً من ذلك، اسأل نفسك عما يجب أن يكون صائباً لأعتقد أحد الخيارات مميّزاً. وإن رصدت الميزات التي ينبغي أن تتوافر كي يكون قراراً صائباً، فستتمكّن عندئذِ من اكتشاف مدى صواب الفكرة المذكورة. ولا شكّ في أنّ هذا الإجراء الاستكشافي سيساعدك بدوره على تعديل أفكارك ودعمها. يقول المثل إنّ اليد الواحدة عاجزة عن التصفيق. وبالتالي، وإن رفضت مقاومة زملائك منذ البداية، من المحتمل أن يتجنّب زملاؤك بدورهم هذا السلوك.
ومن المؤكد أن ما سبق لن يؤدّي إلى ضحايا. ولكن بدلاً من قتل أفكار الآخرين، ستموت الأفكار السيئة بمفردها. وعندما يتوصل الجميع إلى اتفاق حول ما يجب أن يكون صائباً لاعتبار أحد الاحتمالات خياراً ممتازاً، من شأن المجموعة أن تحدّد الامتحانات التي يجب إجراؤها لتحديد ما إذا كانت إحدى الأفكار صائبة فعلاً. وعندما تُجري المجموعة هذه الامتحانات، فهي إمّا ستؤكد على مصداقية الفكرة، أم تكشف النقاب عن الخيار الذي قد يكون مطلوباً. وفي هذه الحالة الثانية، سيموت الخيار بسبب مواطن الفشل التي ينطوي عليها، وليس بسبب نجاح عضو من الفريق الآخر في إثبات وجهة نظره، في عمليّة منتجة تسمح بنشوء لُحمة وتعاون ضمن المجموعة - وتخوّل البقاء بمنأى عن المعارك.