يعتبر المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) المؤسسة الدولية الوحيدة التي تمثل المتاحف والعمل المهني المتحفي على مستوى العالم. ففي عام 1977، أسس المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف اليوم العالمي للمتاحف، والذي يصادف الثامن عشر من شهر مايو. منذ ذلك التاريخ بدأ الاحتفال بهذه المناسبة بهدف تعزيز العلاقة بين المتحف والمجتمع، باعتبار أن المتحف لم يعد فقط مجرد مكان لحفظ القطع الأثرية والتراثية، بل أصبح مركزاً علمياً مهماً يسهم في نشر وإبراز المعرفة والعلوم والتعريف بالتراث الإنساني في جميع المجالات.
وقد أطلق المجلس الدولي للمتاحف شعار هذا العام (روابط تخلقها المجموعات المتحفية)، ونوه المجلس بأنّ هذا الشعار بمثابة تذكير بأهمية المتاحف كوسائط تستثمر من أجل تقوية الروابط الإنسانية، وهي مؤسسات حية تساعد على زيادة التواصل والربط بين الزوار والأجيال والثقافات حول العالم، فالمجموعات والقطع المتحفية تحكي قصصاً وتاريخاً وبعداً حضارياً.
ومن الملاحظ أنّ العالم أصبح يتحول من الارتباط المتحفي التقليدي إلى الارتباط الحديث بطرق متعددة, منها نقل المجموعات خارج حدود المتاحف كالمتاحف والمعارض المتنقلة, بهدف جذب المجتمعات ووصول الجمهور إلى المقتنيات أو المجموعات الأثرية، وجعل هذه المجموعات تعمل على ربط الثقافات وتوضيح البعد الحضاري لها, وعلى سبيل المثال تجربة المملكة العربية السعودية، حين صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على انتقال معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، إلى عدد من العواصم الأوروبية والمدن الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية, فهي تعمل على ربط الثقافات وتؤكد البعد الحضاري للمملكة من خلال هذا المعرض, وقد اختيرت مجموعاته من متاحف وجهات متعددة من المملكة تغطي الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر الدولة السعودية. هذه المجموعات عكست المشاركة الفاعلة لإنسان هذه الأرض عبر العصور في صنع التاريخ الإنساني وإسهامه في تعريف العالم بالبعد الحضاري للمملكة.
ومن هنا يتضح أن المملكة تسعى بخطى ثابتة لمواكبة العالم في مجال الآثار والمتاحف، مرجعها في ذلك التقدم العلمي في علوم المتاحف والاستفادة من التجارب العالمية.
وقد كان لاهتمام المملكة بالآثار والمتاحف أثر كبير في إنشاء العديد من المتاحف وأداء دورها وتحقيق أهدافها وتطويرها, من حيث أسلوب العرض المتحفي للقطع والمواد الأثرية والوثائق والمخطوطات لوحات العرض والخرائط والرسومات والمجسمات. وقد أدت هذه المتاحف دورها في تعريف المهتمين وعامة الناس بجوانب مهمة من آثار المملكة وحضارتها، كما يعد بعض هذه المتاحف مراكز بحثية لكونها أسست بالقرب من المعالم التاريخية والأثرية المنتشرة في المملكة.
وتزامناً مع مناسبة اليوم العالمي للمتاحف تسعى هذه المتاحف كل عام من خلال الأنشطة والبرامج الثقافية إلى التعريف بمجموعاتها وتشجيع الزوار من جميع فئات المجتمع على ارتيادها, حيث تعتبر هذه الأنشطة وما يصاحبها من معارض وبرامج تثقيفية متحفية عامل جذب لأكبر شريحة ممكنة من عامة الناس في المملكة ليستكشفوا ويتعلموا المزيد عن هذه المتاحف, وتتاح الفرصة لهم لاكتشاف حضارتهم وخلق روابط متينة تربطهم بتراثهم وتقاليدهم ووطنهم، والتأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه كل شخص في بناء حضارة الوطن ونقلها عبر الأجيال المتعاقبة.
ويعد هذا اليوم مناسبة هامة للمؤسسات المتحفية في كافة أرجاء العالم للمشاركة وتبني قضية من القضايا التي تهم القطاع الأثري ومؤسساته المتحفية، والتي تشكل وسيلة مهمة من وسائل التبادل الثقافي بين الشعوب.