تأسست المملكة إداريا وفق منهجية قوية جدا وراعت النظم والأطر المعمول بها حينذاك بل واهتمت في التحديث والتجديد والإصلاح ولذا فالغربب جدا أن يعقب ذلك العنفوان جمودا وتصلبا فكريا يجعل من بعض الوثائق نصوصا مقدسة.
لا يختلف اثنان على أن سياسة التعليم فيها من المواضع الإيجابية الشيء الكثير ولكن مواضع القصور أيضا كثيرة.
في دراسة مهمة جدا للدكتورة سارة المنقاش عن سياسة التعليم ومدى مطابقتها للمعايير الدولية. جمعت فيها ولخصت وصنفت أهم المعايير الدولية والتوجهات العامة للسياسات التعليمية التي يفترض أن تتضمنها وتسعى إليها أي سياسة تعليمية ومن ثم قارنتها ببنود وثيقة سياسة التعليم في المملكة لمعرفة مدى تضمينها، كما قامت بمراجعة أدبيات الدراسة المتعلقة بصياغة وتنفيذ السياسة التعليمية لمعرفة مدى دقة صياغتها وتنفيذ بنودها. وتوصلت لنتائج هامة:
أولاً- أن وثيقة سياسة التعليم في المملكة تتطلب تغييرا وتطويرا يتسق مع المستجدات لمضي عشرات السنين على وضعها.
ثانياً - هناك بعض المشاكل في بنية النص لبعض البنود والتي تحتاج لإعادة صياغة حتى يسهل فهمها وتطبيقها.
ثالثاً- من ناحية المضمون، لم تتوافق سياسة التعليم السعودية تماماً مع المعايير الدولية والتوجهات العامة للسياسات التعليمية فهناك ما يلزم إضافته والتأكيد عليه.
رابعاً- من ناحية تطبيق هذه السياسة، لم يتم تطبيق بعض البنود وبعضها كانت درجة تطبيقه أقل من المطلوب والبعض الآخر تم تطبيقه».
ضعف الاهتمام في البحث العلمي في وثيقة سياسة التعليم أدى إلى غياب التفكير الناقد ومن ثم ضعف الاهتمام بالبحوث والمسوح الميدانية الواقعية التي تبنى عليها الاستراتيجيات وأدى ذلك أيضا إلى عدم الاحتفاء والاهتمام بالنتائج التي تنتهي إليها البحوث والدراسات في الجامعات.
ولذلك فإن المجهودات التي تبدل في الإصلاح بحاجة إلى أن تكون مبنية على سياسة تعليمية داعمة وليست متناقضة.
ففي دراسة أخرى أعدها الدكتور عبدالعزيز الشهوان على83 مشرفا تربويا في عام 1426 حول تقييمهم لمحاور وثيقة سياسة التعليم خرج بنتيجة أن سياسة التعليم تميل للضعف من وجهة نظر المشرفين التربويين وأن سياسة التعليم للمملكة العربية السعودية بحاجة للتغيير والتعديل في كثير من محاورها كوثيقة تعليمية.
ويرى الدكتور أحمد العيسى في كتابه الذي يتحدث عن إصلاح التعليم أن «هناك تجاهلا لوثيقة التعليم الوحيدة وهي التي ترسم سياسة التعليم بالمملكة الصادرة عام 1390 كمرجعية لمشاريع الإصلاح والتطوير، مع أن لها حضورا في السجال الفكري.»
كثير من الدراسات والبحوث خرجت إلى نتيجة واحدة هي أهمية تغيير وثيقة التعليم كخطوة أولى لإصلاح التعليم.