الفتاة التي سرقت خمسة بنوك في أمريكا تحمل الجنسيتين، وأمها أمريكية، ما يعني أنها ربيت، ونشأت في أمريكا..
فلماذا ركزت الأخبار على «سعوديتها»..؟!
ثم إن كانت هناك دوافع مرضية نفسية، أو شخصية للسرقة أما كان الأولى أن ترعوي وسائل الإعلام عن تداول الخبر بالفضائحية التي نشر بها يتصدرها انتماؤها الوطني..؟
إنه هذا الخبر لا يقارن بكليته مع خبر آخر ذي أهمية بالغة، عن الطفل الذي ذهب ضحية عاملتين في منزله بالرياض في الوقت ذاته,.. ذلك لأن الحدثين يختلفان..,
إن شأن القتل من أشد الأحداث مساساً بأمن الأرواح, وأمن النفوس، وأمن المجتمعات.., ومن الضرورة الإشهار عنه..
فجناية إزهاق نفس بشرية أثمن ما خلق الله، وأخص ما أودع أمانة في الأرض، لا تقارن بخطيئة سرقة يمكن معالجتها بقانون الإعادة للمسروقات، والتعزير على ارتكابها على نحو ما تقره أنظمة القضاء حيث حدثت....,
ثم إن الإخبار العام عن جناية القتل هو توثيق علني عن إدانة لا ينبغي التستر عليها.., وفيه حجة أمام موطن العاملتين درءاً لرفض حكم القضاء فيهما.. رحم الله الطفل «عبدالله القديري» وألهم والديه, وأهله الصبر, وجعله لهما وِجاء من النار.. وأنزله الفردوس الأعلى.
مما سبق، نخلص إلى أن تعامل وسائل التواصل، والإعلام مع الأحداث ينم عن مستوى التمييز بين ما ينشر وتتخذه الوسيلة الإعلامية سبقاً ومكسباً..!!
بينما وراء نشر أي خبر أخلاق، وقيم الحياة المعاصرة.., وخلف نشره أغراض، تمثل هذه الأخلاق والقيم للإعلام المعاصر..!!
وبشكل عام، بعيداً عن الخبرين السابقين فإن تعامل الإعلام المعاصر مع الأحداث, والشخوص على نحو ما يظهره واقعه يكشف عنه كل خبر يمت للحياة العامة بأناسيها فيما تتناوله الوسيلة الإعلامية باختلافها، ونمطها، وقنواتها.. وأقنيتها..!!
ويبقى هناك خيط فاصل بين ما يليق، وما لا يليق بالنشر على نحو شمولي، وبين ما لابد أن يوثق، وما ينبغي الابتعاد عن الخوض فيه على نحو انتقائي، أو تقصدي ارتباطاً بقيم يتوخى أن تكون للمهنة، وفي المجتمع البشري..
أما وقد تلاشت الحدود, واجتُرئ على القيم، فإن المهنة الإعلامية قد فرَّطت كثيراً في أخلاقها التي ذهبت أدراج طبائع العصر حين ألقت عنها الستر.., وتبدت للعيان بغثها، وغثيثها..