كشف الكاتب العام المساعد والمكلف بالإعلام بالنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي رياض الرزقي أنّ الإرهابيين الثمانية الذين أُلقي عليهم القبض مُؤخراً يحملون الجنسية التونسية والليبية، مُضيفاً أنّ المعطيات الأولية تُشير إلى أنّهم كانوا يعتزمون بصفة خاصة تصفية قيادات أمنية. ويُشار إلى أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت في ساعة متأخرة من يوم الخميس القبض على 8 إرهابيين دخلوا من القطر الليبي إلى تونس بغاية ارتكاب أعمال نوعية إرهابية من شأنها إرباك المشهد العام بالبلاد. وكانت مصادر جزائرية أكدت وجود زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» التونسي أبو عياض في الجنوب الغربي من صحراء ليبيا، أين تعسكر جماعات من القاعدة في بلاد «المغرب الإسلامي» وعدد من التنظيمات الأخرى المرتبطة بـ»تنظيم القاعدة» الأم. وافادت مصادر إعلامية تونسية حسنة الاطلاع أن الاستطلاعات الجوية للقوات الجزائرية المرابطة على الحدود مع ليبيا قد قد توفقت في الحصول على معلومات حول تحرّك مليشيات مسلحة بشكل لافت بالقرب من الجزائر وجنوب تونس، الأمر الذي دفع بالسلطات العسكرية الجزائرية والتونسية إلى استنفار قواتها الخاصة «الكوموندوس» للتدخّل الاستباقي في حال وجود تهديد إرهابي. وكانت قوات الأمن والجيش المرابطة على مستوى المثلث الحدودي بين تونس وليبيا والجزائر، نجحت في إلقاء القبض على مهربين كشفوا أثناء التحقيق معهم عن معلومات جد خطيرة مفادها أن عناصر التنظيمات الإرهابية المنتشرة بالقرب من الحدود مع الجزائر وجنوب تونس، قد باشرت حملة تصفية ضدّ العائلات القاطنة بالمنطقة والتي لها صلة قرابة عائلية مع جزائريين وتونسيين، ويجدر التذكير هنا بأن مساحة المراقبة الجوية الجزائرية توسعت إلى غاية الحدود التونسية - الليبية، وذلك بالتنسيق مع القيادة العسكرية التونسية في إطار الدعم والمساندة اللذين وفّرتهما الجزائر لتونس قصد منع تسلل إرهابيين وصدّ أي عملية إرهابية تستهدف التراب التونسي.
ويبدو وفق المعطيات المتوفرة، أن الجماعات المسلحة عادت للعمل بعد استفاقة الخلايا الإرهابية النائمة من سباتها الاضطراري، حيث عثرت قوّات الأمن في ساعة متأخرة من ليلة الخميس على عون سجون مقيّد من يديه وقدميه وقد كتب على جبينه عبارة «طاغوت»، فيما حمل جسده آثار اعتداء بالعنف، وكان في حالة صحية حرجة جراء الاعتداء السافر عليه من قبل مجهولين يرجح أن يكونوا من تنظيم أنصار الشريعة المحظور، وذلك استناداً إلى كلمة «الطاغوت» التي كتبها الجناة على جبين عون الأمن. سياسياً، قالت مصادر مقربة من زعيم نداء تونس الباجي قائد السبسي بأنّ قرار عقد المؤتمر التأسيسي للحركة يوم 15 يونيو القادم لا يزال محلّ أخذ وردّ رغم أنّ السبسي مساند للفكرة باعتبارها تنطوي على آلية ديمقراطية يمكن من خلالها حلحلة الإشكالات والخلافات المستعرة بين الروافد المكوّنة للحزب وذلك بأخفّ الأضرار وبعيداً عن نظرية المؤامرة التي يحاول البعض التسويق لها بشكل مبالغ فيه.
ويشير المحللون السياسيون إلى أن أزمة نداء تونس عميقة وأن الخلاف بين القياديين شديد، وإلى أنه بالرغم من الكاريزما الهامة لزعيم الحركة إلا أن مساعيه للمّ شمل أبرز كوادر النداء باءت بالفشل إلى حد اليوم. ويدور حديث صلب هياكل الحركة عن وجود خيارين أمام رئيس الحركة، فإما المضي قدما في اتجاه عقد المؤتمر باعتباره طوق نجاة النداء من التصدع والتلاشي، وبالتالي التوفق في لملمة المسألة الخلافية، وإما إبعاد رؤوس التوتر عن الحركة حتى وإن كانوا من مؤسسيها حفاظاً على وحدتها.
ويعتقد المراقبون أنّ الباجي قائد السبسي قد خيّر طوال ردهات الأزمة الوقوف على مسافة واحدة من كلّ الأطراف المتخالفة، بما فيها ابنه حافظ قائد السبسي الذي نصّبه على رأس الهياكل، والتي غلّبت مصالحها الشخصية على حساب استحقاقات الحزب الذي سيبقى خيمة تجمع كلّ المؤمنين بالمشروع الإصلاحي الوطني المستمدّ من الإرث البورقيبي على وجه الخصوص، واستبعدوا فكرة تحالف نداء تونس مع حركة النهضة لعدم تطابق المرجعيات الفكرية، فيما تتضاءل آمال الجبهة الشعبية اليسارية في إمكانية عقد ائتلاف انتخابي مع النداء بالنظر إلى رؤية الجبهة الراديكالية للقضايا الراهنة والمستقبلية.