قرر مكتب المجلس التأسيسي تأجيل الجلسة العامة التي كانت مقررة ليوم 27 مايو الجاري والمخصصة لمساءلة كل من رئيس الحكومة المهدي جمعة ووزير النقل شهاب بن أحمد بسبب تزامن موعدها مع تاريخ زيارة العاهل المغربي إلى تونس وانعقاد جلسة ممتازة بالمجلس بهذه المناسبة، مما قد يعطي «فسحة» أخرى لجمعة لتحقيق بعض المطالب التي كان عبّر عنها نواب المجلس التأسيسي أو حصد ثمار بعض الإجراءات التي اتخذها استجابة لبنود خارطة الطريق وطال وقت قطافها.
وفي سياق غير متصل، قالت بعض المصادر المطلعة بأن جلسات الحوار الوطني المعطلة، وسوف لن تستأنف إلا خلال شهر يونيو المقبل بسبب انهماك الرباعي الراعي للحوار وبخاصة اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، في الإعداد للحوار الاقتصادي الذي من المنتظر أن ينعقد خلال الأيام القليلة القادمة، بعد أن وافقت جل الأحزاب على المشاركة فيه وإثرائه.
ويأتي تأخير استئناف جلسات الحوار الوطني ليمنح فرصة إضافية للأحزاب السياسية الفاعلة لمزيد من التنسيق فيما بينها حول أهم النقاط الخلافية التي لا تزال تشكّل عقبة في طريق تحديد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لموعد نهائي لإجراء الاستحقاقات الانتخابية قبل موفى العام الجاري.
ويأمل التونسيون أن تنجح الأطراف والنخب السياسية في التوافق فيما بينها من خلال البحث عن آليات للحسم في ما تبقى من قضايا خلافية وهي خاصة تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية أو الفصل بينها.
وفي هذا الإطار طالبت الأحزاب السياسية والخبراء في القانون بالتسريع بالحسم في هذه المسألة حتى يتم احترام الدستور وتنظيم انتخابات في موعدها وفقاً للدستور الجديد.
وبالرغم من تأكيد كبريات الأحزاب أنها تضع مصلحة تونس العليا فوق كل اعتبار، إلا أن قياداتها تظل متمسكة بموقفها من المسائل الخلافية مما يعمق الفجوة فيما بينها وقد يعصف بمحاولات الرباعي الراعي للحوار لرأب الصدع بينها.
وفي جانب آخر، عزز الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الثانية بعد الثورة وزعيم حركة «نداء تونس» مخاوف قاعدته العريضة من تداعيات الأزمة العميقة التي تهدد وحدة الحزب، بتصريحاته ليلة أول أمس، والتي قال فيها بأن الخلافات بين قياديي الحركة لن تؤثر على صلابتها .. إلا أنه وجه سهام نقده لأبرز الكفاءات التي تعارضه صلب النداء وتحداها، كعادته، ملقياً اللوم على مساعي الشق المخالف له، ومنددداً بمحاولات البعض إرباك مسيرة الحركة في هذا الظرف العصيب الذي تستعد فيه للمشاركة الفاعلة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
فبعد أن قرر المكتب التنفيذي بأغلب عناصره تنظيم مؤتمر الحركة يوم 15 يونيو المقبل، في مسعى لامتصاص غضب الرافضين لقرارات «الزعيم السبسي»، لم يكن هذا القرار كافياً لإيقاف نزيف التجاذبات والخلافات داخل نداء تونس .. فقد تواصل الانشقاق داخل الحزب بين رافض ومؤيد لهذا القرار، بل إن البعض هدد بالانسحاب من الحركة.
وتباينت المواقف بين قائل بأنه قرار صائب وجاء في وقته لإنقاذ الحزب من حمى الخلافات التي عصفت به في الفترة الأخيرة، وبين من اعتبر أن القرار متسرع ولا يستقيم.
سياسياً، لم يستطع رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ملازمة الصمت حيال الأزمة في ليبيا، ولم يستجب لدعوات مستشاريه بانتهاج سياسة الحياد، حيث أعلن في اتصال هاتفي أجراه مع النوري أبوسهمين رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي استعداد تونس للوقوف إلى جانب الشرعية في ليبيا، مؤكداً معارضته لكل التهديدات الموجهة ضد المؤسسات الليبية الشرعية، وهو موقف اعتبره المراقبون هنا، أنه خطأ إستراتيجي آخر يضاف إلى سلسلة «الزلات الكلامية» الكثيرة التي ما فتئ يقع فيها الرئيس المرزوقي منذ توليه السلطة والتي كانت لها تداعيات سلبية على علاقة تونس بعدد من الدول الشقيقة والصديقة.
وكانت مصادر دبلوماسية جزائرية أعلنت عن تفاصيل اتفاق سري وقّعته تونس ومصر والجزائر مؤخراً بالقاهرة يقضي باتخاذ حزمة من الإجراءات لمنع تزايد نفوذ أنصار الجماعات المسلحة في ليبيا، وفرض المزيد من الإجراءات الرقابية على الممرات الحدودية لمنع وصول أسلحة إلى ليبيا عبر البحر ومنع وصول مساعدات مالية للتيار الجهادي في ليبيا.
وجاء هذا الاتفاق السري، بناءً على تقارير أمنية حذّرت من سيطرة وشيكة لمقاتلي التيار الجهادي على شرق ليبيا مع احتمال سيطرتهم على كامل الأراضي الليبية وانتقال الفوضى إلى تونس ومصر والجزائر.