التدوير الوظيفي أحد الأساليب الإدارية الحديثة لتطوير الإدارة واستثمار العنصر البشري بأقصى إمكاناته الفنية والإدارية، إنه تحفيز للعاملين وتنوّع لخبرتهم ودفعهم للابتكار والإبداع، وهو بلا شك ضرورة لتهيئة قيادات إدارية فاعلة، نهجت عليه كثير من المؤسسات والمنظمات الحكومية والخاصة كأسلوب إداري حديث ناجع بمردود ثر على المنظمة والعاملين.
والحق أنه ليس أسلوباً إدارياً محبذاً وحسب، بل هو قيمة إدارية إيجابية وضرورة لتجديد دم المنظمة وإنعاش الإنجاز فيها برؤى جديدة وعطاء مختلف، كما أنه عامل قد يكون مجدياً للحد من الفساد الإداري والمالي والقضاء على المحسوبية والرشوة والقيم الإدارية السلبية التي تعمل كثير من الدول على الحد منها والقضاء عليها.
وقد بدأ هذه التجربة بالمملكة معهد الإدارة العامة في أواخر الثمانينات الميلادية، حيث أدخل هذا الأسلوب للمعهد مدير عام معهد الإدارة العامة آنذاك الدكتور محمد عبدالرحمن الطويل. الرجل الذي ارتبط المعهد باسمه إلى اليوم لما قام به من إنجازات وذيوع صيت للمعهد بكثير من المنظمات العالمية في الشرق والغرب.
ومن المؤكّد أن المؤسسات التعليمية والأجهزة الصحية والخدمية ذات العلاقة المباشرة بالجمهور من أكثر المنظمات حاجة لهذا الأسلوب لزيادة الإنتاجية ورضا العملاء وذلك بإثراء الإنجاز وتفعليه والقضاء على تعثر المشاريع وتحسين مستوى الخدمة وتقديمها بكفاءة وفاعلية.
من هنا ولهذه الأهمية قد يلفت هذا المقال انتباه الأجهزة المركزية إلى ضرورة التدوير بمنطقة الجوف في الأجهزة التي تعاني من تعثر في أدائها وخدماتها واستياء المستفيد مما تقدّمه من خدمات وإنجاز وصل معه التذمر إلى ذهاب بعض الأهالي إلى الرياض للمطالبة بتنمية المنطقة وتفعيل أداء الخدمات فيها إلى جهة غير ذات شأن أو قرار فيما يرومون ويطلبون، وهي حالة لا تستغرب عندما تضيع الحيلة ويتيه المسافر في قفر يركض فيه وراء سراب يحسبه مع ظمئه ماء عذباً سلسبيلا.
إنها دعوة للتدوير علّ فيه قبساً من أمل ونحن في هذه المنطقة ننحدر يوماً بعد يوم إلى ما هو أسوأ من تقديم الخدمة وتعثر إنجاز المشاريع والصيانة. ننحدر إلى جعجة رحى بلا طحين. إلى آذان لا تسمع وعيون لا ترى. إلى عدم المبالاة بما يكتب ويقال. تسيب وإهمال وتخلف نحسد عليه لأننا نضرب بالصبر عليه مثلاً نادراً هو «صبرنا على ما لا يُطاق «.
وهنا بعد عشرات المقالات التي كتبتها أقول لصاحب القرار: إنك بحاجة إلى أن تصغي لمن ينتقدون بحدة لا إلى أولئك الذين يكثرون الثناء والرضا على ما ينجز ويضعونه فوق حد المنجزات التاريخية التي يحفظها التاريخ للأجيال الآتية وهي منجزات أقل بكثير من أن نقول عنها إنها متواضعة.
مع يقيني أن صاحب القرار يحمل مسؤولية بثقل ما نحمل من هموم هذه المنطقة التي كتبت عنها ذات يوم ووصفتها «بالحسناء الشاحبة».