صرّح وزير داخليتنا -وفقه الله- قبل أيام بأن 90 في المائة ممن تراجعوا عن أفكارهم المخالفة، بسبب جهود رجال المناصحة.. ولي مع هذا التصريح عدّة وقفات.. آمل أن تعيها أذن واعية:
أولاً: جزى الله وزير الداخلية خيراً، أنه عزا الفضل لأهله، وهذا نبل الأخلاق، ومروءة الرجال.. أحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً.
ثانياًً: إذا كان 90 في المائة ممن تراجعوا عن أفكارهم بسبب لجان المناصحة، فهذا يعني أن هذه اللجان لها فضل على جميع مواطنينا الأعزاء، لأن اختلال الأمن مصيبة يضحك منها الجهال، ويبكي من عواقبها اللبيب.. ولا شك أن أصحاب القدح المعلى، والجهد الأقوى هم المشايخ وطلبة العلم.
فإذا كان هذا هو مقدار فضلهم، فإني أهيب بجميع المسؤولين، والإعلاميين، والخطباء، وكل من يتسنّم منبرا إعلاميا أن يعزو الفضل لأهله، ويشيّدوا بجهودهم، ويشكروا صنيعهم، تشجيعاً وتحفيزاً لهم، وليقتدي بهم غيرهم.. فلا يشكر الله من لا يشكر الناس.
وإذا كان ذلك كذلك فأهيب كذلك بوسائل الإعلام أن يغطوا هذه الجهود التغطية اللائقة بها... فطلبة العلم هم المصدات العلمية لكبح جماح هذه الأفكار المنحرفة، كما أن على من يتسنّمون دفة الإعلام (مسموعة ومقروءة ومرئية) أن يكفّوا بعض الألسنة الحداد، الأشحّة على الخير، التي تتقاطر السمّ الناقع ذماً وطعناً وتثليباً وسخريةً من طلبة العلم.
رابعاًً: يقول العلماء والعقلاء (أن الفكر لا يحارب إلا بالفكر) وها هم علماؤنا قد شدّوا مآزرهم وآتت جهودهم ثمارها يانعة بنص تصريح وزير الداخلية وفقه الله.. والنصيحة واجبة من الجميع وللجميع كما في الحديث (لأئمة المسلمين وعامتهم) والأئمة هم الأمراء والعلماء.. وما دونهم فمن باب أولى.
خامساً: النصيحة في أصل اللغة مأخوذة من النَصح وهو خلاصة الشهد من العسل.. فكأن الناصح منح المنصوح خلاصة الخلاصة من العسل، وقيل النصيحة مأخوذة من النَصح وهو خياطة الثوب فكأن الناصح رأى في المنصوح شقاً في ثوبه، فخاطه له لكي يواري عورته.