الذي مَرَّ في فَضَاءِ حَيَاتي
هو ما قَرَّ في عريق صفاتي..
لا أُبَالي إذا تَوَتَّرَ عهدي
بسياقٍ لا يحتفي بسَماتي..
أُشْعلُ الصمتَ في كريم حروفي
ويُشيحُ الإعراضُ في كلماتي
مُذْتجلّي لمبدأ النبل شعري
ما تشظيت بين ذاتي وذاتي..
قد أَفَاضَ الإلهامُ ثم تَمَاهى..
فتنبأتُ بانْزِياح شكاتي..
قدري مِدْلجٌ بمَتْن وجودي
هذه قسمتي وذي قسماتي
هذه فكرتي تَسَامَتْ دليلاً
هذه وجهتي تنيرُ جهاتي..
ليس للكون أَنْ يصادر صوتي
ومجيئي مُعَلّقٌ برفائي..
لا أَنَا بالقريض صُغْتُ قِنَاعاً
والدواوينُ ما احتَفَتْ بافْتِئَاتي..
والنّوادي إذْ فارقتني النوادي..
لم تُعِدْ للوُجُودِ بعضَ هِبَاتي..
عَرْض (2):
يَلْجأ الفَدْمُ للخِطَابِ القريبِ..
فإذا لُمْتَ قالَ: (هذا نصيبي)!!
أَرْضُنَا لم تكنْ سَديماً عقيماً..
إنّما العُقْمُ في العُقُوقِ المُريبِ
هي دَفّانةٌ ونحن الضّحايا..
نَتَوَالى صوبَ انْثيال الكثيبِ..
ما أجبتُ الذين باءُوا بمَقْتٍ
غير أني قَدَحْتُ نار المُجيببِ
ما سألتُ الذين ضَجّوا ينقدٍ
كيف مالت شُمُوسهم للمغيبِ؟!
ثم لما تَزَايَلَ النّقّدُ عنّي..
واصْطَفَاني التجريبُ للمكتوبِ
ما تحصّنتُ في ضُرُوبِ نشيدي
أو تكسّرتُ في ثنايا النّحيبِ
قَدَرٌ أنْ تكون عَرّابَ عَهْدٍ
ثم يَسْطُو الأَسَى بعَهْدِ غريبِ
والأديبُ الذي تَوَلاّهُ قبضٌ
من قَضَاياه لم يَعُدْ بالأَديبِ
حكمةُ الرُّوح ما تَوَارتْ فَنَاءً
نَفْحَةُ العقل ما مَضَتْ للنّضوبِ
وذُكاءُ الذَّكَاءِ ما حانَ منها
مِنْ زَوَالٍ أو أَوْجَفَتْ للوُجُوبِ
غير أَنَّ الهباءَ يَسْطُو سَرِيعاً
فإذَا الأرضُ صَفْصَفٌ مِنْ هروبِ
قد تَسَامَيْتُ عن قريضٍ مقفّى
لغناءٍ عَلَى مَقَامٍ عجيببِ..
وتنكبتُ جَرْهداً من بُحُورٍ
شُلَّ فيها عَرُوضُها بالرتيبِ
هَا أَنَا أُسْرِجُ المَعَاني بكَشْفٍ
لِتُبيدَ الأشكالُ شكلَ الرقيبِ
تجربة (3):
امْتحاني مُوكَّلٌ بامتحاني..
وزَماني مُقَيّدٌ بمكاني..
أُسْكِنُ الفَجْرَ في مزيد انْشِراحي
فَيَرين الظّلامُ قَيْدَ افْتتاني
ها هو النبضُ في لذيذ ابتهاجي
قابَ قوسين من شديد احتقاني..
قِسْمَةُ الرّوح أَنْ تَبوُءَ بِغَمٍّ..
قَدَرُ العقل أَنْ يَضِيقَ يشاني..
أَقْبَل الكشفُ في تَفَاصِيلِ وَجْدٍ
فَتَخَطّى مَـَجَرّتي وعَنَاني..
وتَدَاعَيْتُ من جليل وُقُوفي
مَشْهَدُ النور مُغْرِقٌ في التفاني
وثباتي مُوَزّعٌ في الزّوايا
وامتثالي على خيوط دخانِ..
أَسْكُبُ الوَعْيَ في ثَنَايا جُنوحي..
من ثَنِيَّاتِ غبطتي وامْتِنَاني..
فيُنَادي السّياقُ حدَّ احتياجي
فإذا بي أَشْقى كمَنْ لا يُعَاني
مُسْتَجيبٌ كفِقْرة الضَّعْفِ منّي..
مُسْتَصيب كالرفض إمّا غزاني
شنآن الجنوح يمتح مني
إذْ تَمَثّلْتُ في الرِّضَا شنآني..
كِفّتي بين عُقْدتي وانعتاقي
عُلّقت في السُّدَى بلا ميزانِ
كيفَ أَعْدُو على الأَنَامَ بِمَقْتٍ
وأنا قيدَ أزْمتي وامتحاني..؟!
خلاصة (4):
لاحتدامي أَنْ يَسْتَبِيح زِمَامي
مثل فعلي وليس مثلَ كلامِي!
لا أُثَنّي على وجودي بحكمٍ..
لا.. ولا أَشْهِرُ المَصِيرَ أَمَامي..
الرُّكامُ الذي تَحَدّى طريقي..
هو بعضٌ من سيرتي وركامي!!
والأَسَاليبُ صارَعَتْ من قديمٍ
ما تَمادَى بذمّتي وذِمَامي..
منذُ حينٍ ونحن نَشْكُو وتُنْحي..
باستياءٍ.. وحَسْرةٍ.. ومَلاَمِ..
غير أَنّا لا نَسْتَقِلُّ بِمكْرٍ..
يُوقِظُ العقلَ مِنْ سَقِيم المَنَامِ..
إننا لاَ نُقَاوِمُ الخوفَ فينا..
أو دَنَا الذّلُّ.. إنّنا لا نُداني..
في ثَوَاني الرُّهابِ خارتْ قُوَانها
وسِوَانَا أَوْدَى بِهِ في ثَوَاني
السّكُونيُّ موئلٌ للشَّظَايَا
والنَّوَايا.. لاذَتْ بحُضْنِ السَّلاَمِ..
أيَّ كونٍ نَرْجُوهُ إذْ نَتَردَّى
في مُنَاخٍ مُلَوَّثٍ واتّهامِ..
بين عيبٍ وحُزْمةٍ من خُطوطٍ..
وحَلاَلٍ.. مكبّلٍ.. بالحرام..!!
هل نُنَاغي المَكْتُوبَ يَنْهَضُ عنّا
ونُعزّي وُجُودَنَا بالتَّسَامي؟!
ما هَرَبْنا عن شَهْقَةٍ في المَرَايَا
لم نكذّبْ حقيقةً في الأَسَامي!
غير أَنّا نروغُ مثلَ الثَّعَالي..
ونُريحُ الرُّؤُوسَ مثلَ النَّعَامِ..!!
عُقَدُ الوهم تَسْتَديرُ علينا
إذْ شُغِلْنا عن فَكِّ نِير الحزامِ
ما الّذي سوف يُجْتَبَى من هديري
إنْ تَرَصّدْتُ بالرُّغاءِ احتدَامي؟
لن يَنَالَ الإفصاحُ منّي سوى أَنْ
يُذْهِلَ السامعينَ حُسْنُ اخْتِتَامِي