يمثل الشباب في المجتمع العماد الأساس والقوة التي يستند إليها -بعد الله سبحانه وتعالى- في الذود عن حياضه وتأمين تخومه ومستقبله، لذا فإن الاهتمام بهم وتأهيلهم علمياً وعملياً يمثل حراكاً ضرورياً وحكيماً نحو الغد المشرق، لاسيما في المجتمعات التي يشكل فيها الشباب غالبية السكان.
وانطلاقًا من هذه الحقيقة الناصعة، واستشعاراً من القيادة الحكيمة، فقد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- على الشباب، فأعطاهم جل تفكيره ووفر لهم مساحة أكبر من الاهتمام ودوراً متعاظماً في تنمية البلاد، خاصة أنهم يشكلون أكثر من 60 في المائة من المجتمع السعودي. لقد خصص النصيب الأوفر من الميزانية للتعليم والابتعاث والعناية بالشباب، كما لامس احتياجاتهم في مختلف المجالات، ولإيمانه بقدرتهم على مواصلة المسيرة وتحقيق الغاية المنشودة، فقد أصدر -حفظه الله- أمراً ملكياً بتعيين الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء بتاريخ 25-6-1435هـ، الموافق 25-4-2014م؛ ليصبح بذلك محمد بن سلمان من أصغر الأمراء الذين يشغلون مرتبة وزير وهي أعلى مرتبة حكومية في المملكة.
الدعوات الطيبة وكلمات الحث والتشجيع التي قالها الملك عبدالله عقب أداء الأمير الشاب القسم «الله يوفقك لخدمة دينك ووطنك وأمتك العربية والإسلامية، وإن شاء الله إنك موفق» جسدت نظرة التفاؤل لدى المليك وثقته الكبيرة في شباب الوطن وهو يدفع بواحد منهم إلى موقع المسؤولية.
ولم يُخِب الأمير محمد نظرة خادم الحرمين وتوقعاته، فاعتبر هذا التعيين تكليفاً قبل أن يكون تشريفاً، وكم كان إحساسه بعظم الأمانة التي أنيطت به عندما جاء هذا القرار الملكي مواكباً للذكرى التاسعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين، والبلاد في عهده الميمون تواصل مسيرة التنمية والبناء، وتتسع العناية بالوطن والمواطن داخلياً وخارجياً بسياساته وقراراته المتزنة والعاقلة. سائلاً الله العظيم أن يعينه على القيام بهذه المسؤولية وأداء مهامها وواجباتها الجسيمة بما يحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين وتطلعاته، وأن يكون أهلاً لثقته به وبالشباب السعودي، للمساهمة في خدمة الدين والمليك والوطن والمواطنين. لقد عُرف عن الأمير محمد بن سلمان أنه انتظم منذ نعومة أظفاره في دروس مكثفة في التربية والثقافة الإسلامية وكان وما زال حريصاً على حضور مجلس والده العامر بالعلماء والمفكرين والأدباء، وهو ما أثر في بناء شخصيته وطبعها على حب العلم والأعمال الخيرية، وزاد من حصيلته الثقافية والفكرية، فجاء ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة في المرحلة الثانوية، وفي المركز الثاني في دراسة القانون بين خريجي جامعة الملك سعود
سيرة الأمير الشاب تشبه إلى حد كبير سيرة أبيه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي تربى بين أحضانه ونهل من منهله، ونهج منهجه في الاهتمام بأمور الدولة والشعب والتقارب مع المواطنين وبين عامة الناس، فخلال عمله أميراً لمنطقة الرياض نحو أربعين عاماً كان الأمير سلمان حاضراً بكثافة في المؤسسات الخيرية، ومسانداً للمؤسسات الاجتماعية، وعلى اتصال بإداراتها اتصالاً مباشراً، وهذه المنقبة يتحلى بها الأمير الشاب أسوة بأبيه واقتداء بأعمال البر التي يؤديها، طاعة وعملاً بنصيحة أبيه (أوصيت أبنائي بأن يبقوا في المناصب ذات النفع الخيري والاجتماعي ولا يتركوها). لهذا أحب الأمير الشاب محمد بن سلمان العمل التطوعي وأعطى المزيد من وقته وجهده للكثير من المؤسسات الخيرية.
يصف المقربون الأمير محمد بأنه إنسان نبيل، صاحب خلق رفيع، سريع البديهة، يمتلك روح الحوار وسمات الشخصية القيادية، ويلتزم بدرجة عالية من الانضباط في أداء الواجبات التي تسند إليه، والحرص البالغ على أداء العمل بكل إخلاص ودقة وجودة، والحضور المبكر للاجتماعات التي يشارك فيها. كما يصفونه بأنه يمتلك في وجدانه الإحساس بالشباب والإدراك لمعاناتهم ويسعى لكل ما يبعث الأمل في نفوسهم.
ولعل هذه الصفات يشهد له بها مساهماته وجهوده الدؤوبة في أعماله سواء أكانت الأعمال الرسمية أو غيرها من الأعمال الاجتماعية والخيرية.
رئاسة الأمير محمد لمجلس إدارة مركز الأمير سلمان للشباب، الذي أسس بمبادرة من والده أتت لتعزيز جهود المملكة في دعم الشباب وتحقيق طموحاتهم بتأسيس روح المبادرة وترسيخها والإسهام في بناء جيل مبدع من القيادات الشابة للمشاركة في دفع مسيرة الوطن وتحقيق التقدم والازدهار لأبنائه.
هذا بالإضافة إلى مبادراته الاجتماعية التي تؤصل لثقافة العمل التطوعي لدى الشباب، وهي الثقافة التي غرسها والده في نفوس أبنائه كافة، وحرص على مشاركتهم في الأعمال الإنسانية انطلاقاً من تعاليم الدين الحنيف التي تحث على التكافل والتضامن الاجتماعي. ومن خيرية (ابن باز) انطلق محمد بن سلمان وطور خبراته، فقام بإنشاء مؤسسته (مسك الخيرية) لتقديم الدعم وتطوير مشروعات الشباب وتشجيعهم على الإتقان والإبداع، إلى جانب دعمه لعدد من المؤسسات التي تخدم الصالح العام ولا تهدف إلى الربح. ختاماً نقول هذا الشبل من ذاك الأسد.. دعواتنا له بالتوفيق والسداد.