اعتمد الاتحاد السعودي لكرة القدم رواتب اللاعبين المحترفين بـ(200 ألف) حدًّا أعلى، و(50 ألفاً) حَدًّا أدنى!!
لا أحد يحسد اللاعب على تلك العطايا التي ينالها، والرواتب التي يتقاضاها، ولا مكافآت الفوز ولا قيمة العقود، سواء ما كان منها معلناً أو ما كان مستتراً من تحت الطاولة، على قولهم!
يقول أحد المغردين: هذا زمن اللاعب والفنان والناقة!!! طبعاً يقصد مزايين الإبل!
وفي رسم كاريكاتيري.. حارس البنك يحرس الأموال، ويتقاضى 1500 ريال، وحارس مدرسة البنات يحرس الأعراض ويُعطَى 3000 ريال، بينما حارس الشباك يحرس عمودين وعارضة بمئات الآلاف!!
تستطيع قارئي العزيز أن تتقدم بأحر التعازي وصادق المواساة لأصحاب الشهادات الجامعية الذين قضوا ثلاثة أرباع أعمارهم في الكر والفر بين الكتب وأروقة الجامعات، وفي الأخير يحصلون على رواتب ضئيلة بحسب مواقعهم العملية!
ويمكنك أن توجِّه برقيات العزاء إلى كل عاطل يبحث عن لقمة العيش ولو ببضعة آلاف!
والجنود الذين يحفظون الأمن ويكافحون الجريمة عليهم أن يصمدوا أمام هذه الملايين التي تُرمَى على اللاعبين! وعلى المتقاعد أن يموت قاعداً وهو ينتظر دراسة تكرَّم بها مجلس الشورى؛ إذ صُرح بأنهم بصدد دراسة رفع رواتبهم! وعلى المدرسين الذين يرتفع الضغط لديهم حيناً وينخفض أحياناً بفعل فاعل أن يهدؤوا، ويمكنهم أن يحلموا بحقوقهم التي يتناقلونها في مجالسهم بينما هي ضائعة في وزارتهم!
أخبار «ملايين» اللاعبين نقول عليهم بالعافية، ويستاهلون، وفيهم ولا في غيرهم!
لكن هناك أخباراً مليونية أخرى، وهي ترفع الضغط أكثر! مثل: فلان اشترى لوحة سيارة بمبلغ وقدره، وآخر اشترى سيارة مرصعة بالذهب! وثالث اشترى ساعة أو ناقة، أو استأجر «يختاً».. وكلها بالملايين! وهي أخبار تأتيك «بالغثيان»!
عزيزي الإنسان الفقير والكادح في هذه الدنيا.. إن مما يعزيك ويغنيك عن تلك النظرة التي قد «تتشوف» بها إلى أصحاب الملايين، وما تحمله لك من إحباط، وما قد تسببه لك من حزن يتسلل إلى خاطرك، أو تنكأ أوجاعك فتشكو زمانك وتندب حظك، وقد تتخلص من حياتك إن كنت ضعيف الإيمان، أو تتورط في الديون إلى شحمة أذنيك لتعيش حياة المليونيريين.. مما يسليك أن هذه الأموال قد لا تكون عطاءً بقدر ما هي ابتلاء واختبار، ولربما من الخير لك أن تعيش حياة البسطاء.. يقول أحكم الحاكمين: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}.
لا أدعو في هذا المقال إلى حياة التقشف، أو ترك العمل والكفاح، لكني أدعو إلى أن ننظر إلى مَنْ هو دوننا؛ حتى نعرف نِعَم الله، ونرضى بقضاء الله، ولا نسخط إن ابتُلينا بضيق ذات اليدين.. ولا أن نحسد الآخرين، ولا أن نتكلف الصعاب لنتصنع حياة الأثرياء!