نظم النادي الأدبي بالرياض مساء الاثنين الماضي بمقره بحي الملز ليلة وفاء عن الناقد الدكتور محمد بن سعد بن حسين -رحمه الله- الذي وافته المنية الشهر الماضي بعد مشوار حافل بالعطاء: مدرساً بالمعهد العلمي بالرياض، ثم أستاذاً بكلية اللغة العربية بالرياض (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) مدة أربعين سنة متواصلة تولى خلالها رئاسة قسم الأدب، وأشرف وناقش عدداً من رسائل الماجستير والدكتوراه.
وقد شارك في الندوة كل من: الدكتور محمد الربيِّع، والدكتور محمد العوين، والدكتور محمد القسومي، وأدارها الأستاذ منصور العمرو، مستهلاً الحديث بشكر المسؤولين في النادي على هذه المبادرة، ثم ألقى رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري كلمة نيابة عن أعضاء مجلس الإدارة رحب فيها بالحضور، وشكر المحاضرين، وتحدث عن شيء من ذكرياته مع أستاذه، وأشار إلى أن كلية اللغة العربية بالرياض تعتزم تنفيذ فعالية تخص الدكتور ابن حسين رحمه الله، وأن مجلة الأدب الإسلامي تنوي تخصيص ملف عنه، ودعا الجميع للمشاركة في المجلة.
بعد ذلك ألقى الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيِّع (وكيل جامعة الإمام سابقاً) ورقته، وعنوانها «ابن حسين وذكريات تزيد على نصف قرن»، بادئاً بالشكر للنادي على هذه المحاضرة وذكر بأنه بصدد إعداد بحث مفصّل عن الراحل قريباً، وذكر الربيع بأن أول لقاء له مع الراحل كان في عام 1379هـ بمعهد الرياض العلمي، وقال الربيّع: درّسنا ابن حسين مادة الأدب في خمسة أعوام، ومن خلاله حببنا في دراسة الأدب وتذوق النصوص. وأضاف: لم يقتصر نشاط ابن حسين على التدريب بل امتد على الإشراف على النشاط الثقافي على النادي الأدبي بالمعهد، ويكفي بأنه حرص من البداية على الاهتمام بالأدب المحلي، وذكر بأنه زامله في التدريس عام 1389هـ في معهد الرياض العلمي، وكان نعم الموجه والناصح -رحمه الله-، وكان يمتلك أسلوباً هادئاً مشعاً، وأشار إلى رحلة ابن حسين مع الدراسات العليا في مصر، وأنه كوّن علاقات واسعة مع كبار الأدباء بالقاهرة فكان طالباً للدكتوراه وسفيراً للأدب السعودي في مصر.
بعدها تحدث الدكتور محمد بن عبدالله العوين (عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بالرياض، والكاتب المعروف)، وجاءت ورقته تحت عنوان «تجربتي في التتلمذ على ابن حسين: منهجه ورؤيته ومواقف طريفة»، واستهل حديثه قائلاً: لا أستطيع أن أختصر أربعين سنة في كلمات أو أوجز أياماً وليالي وجلسات ولقاءات ومناقشات في وقفات، وأضاف: كان أستاذنا ابن حسين يقسّم وقته أسداساً وأخماساً بين طلابه ومحاضراته ولقاءاته وتأليفه وكتابة برامجه وزياراته التي لابد منها إما صلة رحم أو تقديراً لكبير مقام أو أداء لواجب لا مندوحة عنه، وكان يلتقي بباحثين في اليوم: هذا فجرا،ً وذاك عصراً، إن لم يزد عليهما ثالثاً للضرورة بعد المغرب؛ ويملي حلقات برنامجه «من المكتبة السعودية» الذي استمر أربعة وعشرين عاماً: بدأ في 1-1-1399هـ، وتوقف منتصف عام 1424هـ، وهو أيضاً يكتب مقالته الأسبوعية في الصفحة الأدبية التي انتظمت سنين في جريدة الجزيرة ومقالات شهرية متفرقة لعدد من المجلات، وهو أول سعودي يرأس قسم الأدب في كلية اللغة العربية عام 1403هـ.
بعدها تحدث الدكتور محمد بن سليمان القسومي (عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بالرياض، ورئيس تحرير مجلة قوافل)، وجاءت ورقته تحت عنوان «الحنين إلى الماضي في شعر ابن حسين»، ومما قال: الحديث عن أستاذ الجيل الدكتور محمد بن حسين لا يمكن أن تستوعبه قراءة عابرة كهذه، وأشار إلى أن ابن حسين عالم ذو صبر وجلد ومرب يحنو على تلاميذه ويفتح أمامهم آفاقا من العلم والمعرفة وشاعر له روح الفنان يتسم بالشفافية التي تقوده إلى التفاعل مع مجتمعه وحياته والإفضاء بمشاعر رقيقة تنم عن نبله ووفائه وهو من أسرة ذات علم وجاه.
بعدها فتح المجال للمداخلات، وقد حضر الندوة جمع غفير من الأدباء والمثقفين والإعلاميين.