تستوجب إدارة شركة تُعتبر فعلاً مبتكرة تحسيناً مستمراً لثقافة وإجراءات الابتكار التي تعتمدها، إلا أنّ إدارة ناجحة لبيئة من الابتكار تتطلّب أكثر من ذلك، علماً بأن بيئات الابتكار الناجحة تسمح بزيادة مستويات الذكاء، والثراء، والابتكار لدى الأشخاص القادمين من خارج الشركة.
ومن وجهة نظر بيولوجية، بإمكاننا أن نقول: إنّ بيئات الابتكار تحبّذ الاستثمار في التعايش، وليس في التطفل.
لا شك في أن جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لموقع «أمازون»، يعرف ذلك تماماً، والأمر سيّان بالنسبة إلى لاري بيج، رئيس «غوغل»، وإلى ومارك زوكربيرغ، رئيس «فيسبوك»، لكونهم قادة رائدين، التزموا علناً باستحداث بيئات عمل أفضل، بدلاً من الاكتفاء بتحسين منتجاتهم.
وفي حين أن المبتكرين الناجحين يحقّقون أرباحاً إضافيّة جرّاء تقديمهم منتجات وخدمات جديدة، تنجح بيئات العمل الابتكاريّة الناجحة في تحقيق الربحيّة عبر تشجيعها غيرها على استحداث عروض جديدة قيّمة.
ويرتهن مستقبلها المالي بمدى الابتكار الذي تزرعه في أوساط عملائها، وزبائنها، وشركائها، علماً بأنّ بيئات العمل الفعالة تنجح في تحويل أشخاص خارجيين إلى متعاونين فعليين، ويصبح تمكين الابتكار الخارجي بأهمية الابتكار في داخل الشركة، ويثير مبتكرو بيئات العمل أمثال بيزوس وبيج باستمرار أسئلة على غرار: «من سيغتني بفضلنا؟ من سيصبح أكثر ابتكاراً بمساعدتنا؟ من سيجمع بين الأمرين؟» تكشف الأجوبة عن هذه الأسئلة شتّى الأمور عن المستقبل الذي يحاولون إنشاءه. إنّ هذا ما تقوم عليه الشركات المبتكرة فعلاً.
ويكفي النظر إلى «أمازون ويب سرفيسز»، وإلى استثمارات «يوتيوب» في المورّدين، وإلى متجر «آبل» للتطبيقات.
ولا يقتصر العنصر الجامع لكل هذه الشراكات على تبادل القيمة، بل يشمل أيضاً عرضاً لفرص تعاون جديدة، علماً بأن النجاح يأتي جرّاء استكشاف كيفية تحويل شركائنا إلى مبتكرين أكثر قيمةً.
كيف تستقطب مؤسستك الشراكات المبتكرة؟ هل بوسعك رصد هؤلاء الشركاء ومكافأتهم؟ وبالطريقة ذاتها، كيف تسمح بيئة الابتكار في شركتك بجعل الابتكار التشاركيّ ممكناً؟.
قد يروق للمشرفين على بيئات الابتكار أن يتنافسوا ضد العملاء، والقنوات، والموردين، متى تجسّدت مساحات جديدة حافلة بالربحية والنمو.
ويشار إلى أنّ التحدّي الاستراتيجي بات اليوم على صلة بمقاومة الرغبة الجامحة في استغلال هذه الفرصة المتوفّرة، وبالعمل بدلاً من ذلك على رصد الشراكات التي قد توسّع نطاق هذه الفرص.
وصحيح في هذا السياق أن بيئات الأعمال الابتكاريّة تسود في الشركات التي تلجأ إلى الابتكار في المواقع التي يمكن فيها استحداث قيمة تزيد على التكاليف.
وهذا هو أهمّ سبب حثّ «غوغل» على تملّك «نيست لابز» في وقت سابق من السنة الجارية، وجعل بيئة أعمال «غوغل» أوسع نطاقاً وأعمق من بيئة «مايكروسوفت» و»ياهو». هل تعرب مؤسستك عن اهتمامها وتحتب من اغتنى بفضلها وأصبح أكثر ابتكاراً؟ إن لم تفعل، فقد تصبح بيئة الابتكار هذه بعيدة عن متناولك بعد وقت قصير.