أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل رئيس الهيئة العليا لتطوير المنطقة أن منطقة حائل على أتم الاستعداد لاستقبال المبادرة الوطنيَّة «الله يعطيك خيرها» التي تتبناها جمعية الأطفال المعوقين بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور، نظرًا لما تحمله من أهداف إنسانيَّة نبيلة تخدم كافة شرائح المجتمع، لافتًا إلى أن مشاركة الحملة في رالي حائل الدولي 2014م، تركت أثرًا إيجابيًّا كبيرًا، وعكست أهمية مثل هذه الحملات التوعوية للحدِّ من النزف الاجتماعي والاقتصادي في المملكة جراء الحوادث المرورية.
وأشاد سموه خلال حوار خص به صحيفة «الجزيرة» بالمبادرة الوطنيَّة «الله يعطيك خيرها» والتي تهدف للحدِّ من الحوادث المرورية وتسلّط الضوء على أهمية السلامة المرورية ودورها في الحدّ من الإعاقة لدى استخدامهم هذه الوسائل، مبينًا تبني الرالي للمبادرات الاجتماعيَّة يعزِّز من الدور المجتمعي الذي يقوم به ويسهم في اطِّلاع المجتمع على المعاناة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة التي يعانيها ذوو المعوقين جراء الحوادث المرورية، بالإضافة إلى تعريف زوار المنطقة بالخسائر التي يتكبَّدها الوطن جراء هذه الخسائر، وفيما يلي نص الحوار بالكامل.
هموم مجتمع
* سمو الأمير.. كيف تقيِّمون أداء مبادرة «الله يعطيك خيرها»؟ وما دور الرالي في مثل هذه المبادرات؟
- أكثر من رائع، حيث لامست هموم المجتمع بشكل مباشر، والأصداء التي لاقتها الحملة منذ انطلاقها تعكس حجم العمل الذي تبذله جمعية الأطفال المعوقين بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور، وأودُّ أن أتوجه بالشكر لأخي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الجمعية واللجان العاملة في الحملة على الجهود التي يبذلونها في سبيل خدمة قضية الإعاقة، مع التأكيد أن الإعاقة هي قضية «وطن» وليست جهة بحدِّ ذاتها فقط، فهي مسئوليتنا جميعًا.
وفيما يتعلّق بدور الرالي في دعم المبادرات والأنشطة المجتمعية، فالرالي منشط سياحي واقتصادي واجتماعي أيْضًا، بالإضافة لكونه مناسبة رياضيَّة ويحدث حراكًا غير مسبوق من خلال تبنيه للعديد من الأنشطة، ويسهم في احتضان الأسر المنتجة، والنساء الحرفيات ويسهم في تنشيط الحركة الاقتصاديَّة في المنطقة ومنافذ البيع ومحطات الوقود ودور الإيواء والفنادق، لذلك فالفكرة الأساسيَّة لتنظيم الرالي في منطقة حائل هي إحداث حراك شامل وتنشيط كافة الجوانب، وتحفيز الحراك التجاري وتطوير خدمات القطاع الخاص، ومع التركيز على الجانب الاجتماعي، ويسرّنا هذا العام احتضان الرالي لحملة يعطيك خيرها.
خسائر بشرية واقتصاديَّة
* سمو الأمير .. بعد اطلاعكم على النسب والأرقام ومنها 35 معوقًا يوميًّا جراء الحوادث المرورية، ما تعليقكم على هذا الرقم؟
- إن كانت هذه المعلومات دقيقة وموثقة فهذا محزن جدًا، عندما يكون لدينا في المملكة 35 معوقًا يوميًا، والأمر لا يقف عند هذا الحد، وما أشارت إليه إحدى الدراسات أنه في كلِّ دقيقتين يقع حادث مروري وكل 15 دقيقة تحدث وفاة أو إصابة، والتقديرات تشير إلى أن عدد المصابين سنويًا بحسب الإحصاءات الرسمية 40 ألف إصابة، 30 في المئة منها إعاقات دائمة، أيّ ما يعادل 35 معوقًا يوميًا، و1000 معوق شهريًا. وما نفقده سنويًّا بسبب الحوادث المرورية يتجاوز ما تفقده الدول في كثير من الحروب، فكل 26 دقيقة نفقد شخصًا أو إصابة آخر، وللأسف الأرقام تتصاعد عامًا بعد عام ففي 2001 كان عدد الوفيات 4100 شخص والآن تجاوزنا الـ7000 وفاة، ومتوقع أن تقفز الأرقام خلال الخمس سنوات المقبلة إلى حوالي 9600 شخص أيّ سنفقد شخصًا كل 53 دقيقة فقط، ناهيك عن الخسائر الاقتصاديَّة للمملكة التي وصلت إلى الـ»21» مليار ريال.
توعية الشباب
* سمو الأمير.. إلى ماذا تعزون ارتفاع النسب والأرقام؟ وما الأسباب؟
- أولاً وقبل الحديث عن النسب والأرقام علينا الاستفادة من تجارب العديد من الدول التي خفضت بشكل كبير من نسب الحوادث، وعن ارتفاع النسب والأرقام أرى أنها نتيجة لمواصلة وزيادة الإهمال في أدوات السلامة المرورية، وعدم التقيد بالأنظمة والقوانين، وأرى أن حملة «الله يعطيك خيرها» مع شركائها، وضعوا يدهم على الجرح، الذي نأمل مداواته، من خلال تعاون كافة الجهات ذات العلاقة، لتعزيز مقوِّمات السلامة المرورية، وحثّ الجميع على اتباع القوانين وتعريف المجتمع بشكل أكبر بما تسببه الحوادث المرورية من خسائر بشرية واقتصاديَّة، وتوعية الشباب بأهم مسببات الحوادث.
حملة إنسانية
* سمو الأمير.. هل لدى سموكم الكريم الرغبة بأن تستضيف منطقة حائل حملة «الله يعطيك خيرها» حيث إن ذلك يُعدُّ دعمًا من سموكم لتعميم الحملة؟
- بكلِّ سعادة وسرور، يسعدني أن أرى مثل هذه المبادرات، فهي تخدم الوطن، وإخواني، وأبناء مجتمعي، وكل مقيم على هذه الأرض الطيبة، ومن هنا أؤكد سبق دعمنا لإطلاق الحملة في منطقة حائل، كونها حملة إنسانيَّة نبيلة تحمل الكثير من القيم المجتمعية لوقف النزيف الاقتصادي والاجتماعي في المملكة جراء الحوادث المرورية، ونحن نرى أن وجود القائمين على الحملة في فعاليات رالي حائل لتعريف الشباب بالرسائل والأساليب السليمة لممارسة رياضة السيَّارات لمن يجدون لديهم الموهبة، في الأماكن الصحيحة ووفق أعلى معايير السلامة والأمان، وبعيدًا عن الأماكن العامة، وإبعادهم من أماكن الخطر.
نقلة نوعية
* سمو الأمير.. كيف ترون مستوى الخدمات المقدم للمعوقين في المنطقة؟ وهل هو على المستوى المأمول؟
- نعم ولله الحمد، ونحن بالتعاون مع الجهات المعنية وبالتعاون أيْضًا مع فرع جمعية الأطفال المعوقين وباقي الجمعيات ذات العلاقة في المنطقة، نسعى لتوفير مختلف أوجه العناية بذوي الإعاقة وملتزمون بتهيئة أفضل بيئة داعمة لهم كونهم جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، ونعمل جاهدين على أن نتيح لهم الفرصة كاملة لإطلاق طاقاتهم وإثبات قدراتهم على العطاء، ودورنا أن نوجد البدائل والحلول التي تمكّنهم من ممارسة حياتهم بصورة طبيعيَّة وأن نيسر حصولهم على كلّ الخدمات بأسلوب سهل ويسير، والواجب يحتم علينا أن نهيئ الفرصة كاملة لذوي الإعاقة كي يوظفوا المواهب والقدرات التي اختصهم الله بها فيما يفيدهم ويعود بالنَّفع على مجتمعهم. إن تمكين عموم فئات المجتمع هو هدف نضعه في مقدمة اهتماماتنا حتَّى يتحوَّل الجميع إلى قوة إيجابيَّة منتجة، فشرف الإسهام والمشاركة في بناء الوطن لا تستثني فئة ولا تحرم أحدًا من هذه الفرصة.
كفاءات وطنيَّة
* بالعودة إلى الرالي، كيف تقيِّمون سموكم مستوى التنظيم والحضور الجماهيري لهذا العام؟
- الواقع هو من يجيب، فبفضل من الله، وبفضل جهود كافة العاملين في الرالي، وأبناء المنطقة تتزايد أعداد الزوار وعدد المشاركين في كلِّ عام، وما وصل إليه الرالي من تطوّر يؤكِّد تميّز الكفاءات الوطنيَّة من خبرات تنظيمية تُضاهي الخبرات العالميَّة، وكل ما تحقق لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله ودعم ولاة الأمر يحفظهم الله جميعًا، ولا يقف الأمر عند الرالي فقط، بل ما نشاهده اليوم من تطوّر في منطقة حائل أسوة بكافة مناطق المملكة هو نتيجة لدعمهم وتوجيهاتهم حفظهم الله جميعًا، الذي كان له الدور الأكبر في جعل منطقة حائل إحدى أهم الوجهات السياحيَّة لأبناء المملكة والخليج.