الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
يواجه المعوقون مشكلات عديدة وصعوبات كثيرة عند ارتيادهم للمساجد خاصة ممن يأتون بعربات خاصة حيث الطريق المؤدي إلى الدخول للمسجد أغلقته سيارة، وعند المدخل الرئيسي تراكمت الأحذية يمنة ويسرة مما لايستطيع معها «المعاق» الدخول للمسجد حتى تزال تلك الأحذية!!
وناشد عدد من الخطباء والأكاديميين والدعاة المصلين بضرورة إزالة العوائق أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، ومساعدتهم لأداء الصلوات بكل يسر وسهولة.
«الجزيرة» رصدت تلك المطالبات المعينة على تقديم التسهيلات للمعاقين وذلك وفق الرصد التالي.
ممرات خاصة
بداية يؤكّد د. سعود بن ملوح العنزي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية والآداب بجامعة الحدود الشمالية أن ذوي الاحتياجات الخاصة جزء من المجتمع، ومراعاة ظروفهم واجب إنساني ووطني ضرورة احترام وتفعيل القوانين والتنظيمات الخاصة بهم، وهو دليل على وعي المجتمع قضاء حوائجهم مقدم على حوائج الأصحاء من حقوقهم: مراعاة ما يعينهم على أداء الصلوات وحضور مجالس العلم وذلك من خلال الاهتمام بالمداخل ومناطق الخدمات ومواقف السيارات عند تصميم المساجد والجوامع، الحذر من اختطاف المواقف الخاصة بهم عند المساجد، الحذر من نظرات التي تشعر بالشفقة عند دخولهم المساجد، تخصيص بعض خطب الجمعة لبيان أجرهم وما يجب تجاههم، إنشاء ممرات خاصة بدراجاتهم في مدخل المسجد.
حقوق المعاقين
ويشير الدكتور أحمد بن نافع المورعي الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى أن الحديث عن حقوق المعوقين في الإسلام هو امتداد وجزء من الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام، هذا الإنسان الذي لم يجد مكانه ومكانته إلا في ظل شريعة الإسلام، قال تعالى {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ}التوبة 91.
إن الإسلام يمنحهم كافة حقوقهم الإنسانية والنفسية والأدبية كحق الحياة وحق الكرامة وحقهم في الحضانة والرعاية والتربية، إضافة إلى حقهم في الرضاع والعلاج والعمل، وحقهم في مراعاة الناس لهم وتقديمهم على أنفسهم في كل المجالات ومن ذلك عدم الاعتداء على المواقف المخصصة لهم وعدم وقوف السيارات في الأماكن المخصصة لهم ومساعدتهم واحترامهم وتقديرهم.
ولقد عنى الخلفاء وحكام المسلمين بالمرضى والمعوقين ويبدو ذلك واضحاً في اهتمام عمر بن الخطاب، وعبدالملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من الخلفاء المسلمين وحكامهم بتوفير الرعاية الاجتماعية للمعوقين، وقد بلغ من اهتمام عمر بن عبد العزيز بهذا المجال أنه حثّ على عمل احصاء للمعوقين وخصص مرافق لكل كفيف، وخادماً لكل مقعد لا يقوى على القيام وقوفاً لأداء الصلاة.
ولذا يجب على الجميع الرأفة بهم ورحمتهم ولنتذكر أن الراحمين يرحمهم الرحمن ومن لا يرحم لا يرحم.
ومن الرحمة لهؤلاء حفظ كافة حقوقهم واعانتهم على أمر معيشتهم ورفع الحرج عنهم.
وقد وجد في الاسلام مبدعون من هؤلاء عمرو بن الجموح، وابن عباس، وابن أم مكتوم، والأحنف بن قيس، ومحمد بن سيرين، وموسى بن نصير وغيرهم.
ولما ولى الوليد إسحاق بن قبيصة الخزاعي ديوان الزمنى بدمشق قال: لأدعن الزّمِن أحب إلى أهله من الصحيح.
أبان ابن عثمان، كان لديه ضعف في السمع ومع هذا كان عالماً فقيهاً. ومحمد بن سيرين، كان ذا صعوبة سمع شديدة ومع هذا كان راوياً للحديث.
وفي هذا الزمان نجد أمثلة كثيرة ومنهم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - مع أنه كان فاقداً للبصر إلا أنه كان إماماً زاهداً ورعاً ناصراً للدين.
والخلاصة أن لهم حقوقاً علينا منها:
1- مراعاة الحقوق الأدبية والنفسية للمعاقين في المعاملة والعدل والابتعاد عن كل صور الاهانة أو التحقير.
2- دمجهم في الحياة العامة والعمل على تأهيلهم وإيجاد فرص العمل بما يتناسب وقدراتهم الجسمية العقلية.
3- العمل على تقديم الخدمات التعليمية والتدريبية لهم من خلال التنسيق مع الجهات المختصة الحكومية أو غيرها.
4- تقديم الرعاية الطبية والعلاجية والكشف الصحي اللازم.
5- تقديم الحماية اللازمة والكافية لهم من خلال سن القوانين والحفاظ على المكتسبات والمطالبة بالحقوق والأخذ على أيدي المسيئين لهم أو المعتدين عليهم.
6- الطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية ضرورة التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لحث الخطباء على ايلاء موضوع المعوقين جُلّ اهتمامهم من خلال خطب الجمعة والدروس اليومية وتذكير المواطنين بتجنب أسباب الإعاقة الأصلية والطارئة.
قضية مجتمع
ويقول الشيخ محسن بن سيف الحارثي مدير مركز الدعوة والإرشاد بمنطقة نجران: إن ذوي الاحتياجات الخاصة لهم منزلة في قلوبنا ومحبة وتقدير، فقضيتهم هي قضية مجتمع بأكمله وتحتاج إلى الاهتمام وهذا من حقوقهم علينا والحرص على تلبية احتياجاتهم ومساعدتهم في كل ما يحتاجونه من تسهيلات وينبغي علينا نشر الوعي بين الناس لفهم قضاياهم ودراسة كل ما يتعلق بالظروف الاجتماعية لهم سواء كانت ظروفًا بيئية أو أسرية أو مهنية وذلك باستخدام الأساليب المهنية لمساعدتهم على التغلب على المشاكل التي تواجهه وذلك بإزالة العوائق التي يتعرضون لها ومساعدتهم في ذلك من خلال مراعاة إيجاد مواقف خاصة لهم لها مواصفات خاصة، وكذلك إيجاد ممرات خاصة لهم على أبواب الجوامع والمساجد وهذه الشريحة يحظون باهتمام ورعاية من ولاة الأمر، ولوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدور البارز في الاهتمام بهذه الشريحة وذلك بتوجيهات من معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ على جميع فروع الوزارة بجميع مناطق المملكة بمراعاة خاصة لهذه الشريحة وذلك بتخصيص مواقف خاصة لهم وإنشاء دورات مياه لهم مجهزة ومداخل خاصة تسهل لهم الدخول إلى الجوامع والمساجد بكل يسر وسهولة فجزاه الله خير الجزاء وجعل ذلك في موازين حسناته ونسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على بلادنا.
النعم العظيمة
ويبين د. محمد بن عبدالله زربان الغامدي إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة: إن الله تبارك وتعالى أنعم علينا بنعمة الإسلام وهي أعظم النعم، وبعث فينا أفضل أنبيائه ورسله وأرحم خلقه محمداً - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (128) سورة التوبة، ما ترك من خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه.
وإن مما حث عليه وأكد، مراعاة الضعفاء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة، فأوصى بمراعاتهم حتى في أعظم فريضة بعد الشهادتين وهي الصلاة فقال: (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء).
وإن مما يجب ملاحظته ومراعاته لهؤلاء المحتاجين، ما ييسر لهم حضور المساجد بتهيئة المداخل الخاصة بهم وملاحظة سهولة الدخول إليها، وكذلك الحرص على البعد عن إعاقتها بأي عائق كالوقوف أمامها بالسيارات أو التساهل بوضع الأحذية في هذه الطرق وغير ذلك مما يعيق وصولهم إلى أداء هذه العبادة، فذلك من حقهم علينا وهذه من سمات مجتمع الإسلام وخلقه، ولنا الأجر والمثوبة والعاقبة الحسنة عند الله تعالى.
إعداد وتهيئة
ويوضح الشيخ يوسف بن سليمان الهاجري إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح العناية بالمعاقين بمختلف أنواعهم من مبادئ شريعتنا الإسلامية التي اعتنت بكل أفراد المجتمع, فكان لابد أن ينعكس ذلك على تعاملنا معهم وتوفير كل ما يساهم في اندماجهم بالمجتمع, وتعد مسألة إعداد وتهيئة المساجد والجوامع (كموقع ومبنى) من أهم الخدمات التي تقدم للمعاقين نظراً لما للمسجد من دور أساسي في حياة المسلم، الأمر الذي يحتم توفير الخدمات الفنية والتجهيزات التي تعينهم على تأدية هذه الفريضة العظيمة.
وقدم الهاجري بعض الأمور المهمة للمعاقين التي يجب التنبه لها وتوفيرها وفق الآتي:
1 - اختيار الموقع المناسب من حيث سهولة الوصول إليه وألا تكون الطرق المؤدية للمساجد غير مناسبة لهم من حيث الوضوح أو الصعود والنزول والمرتفعات.
2 - توفير مواقف سيارات خاصة بالمعاقين أقرب ما يكون من المدخل الرئيسي للمسجد وتحظى بعناية واهتمام من القائمين على المسجد وتوضع لها لوحات واضحة.
3 - عمل المنحدرات اللازمة في الأماكن المطلوبة حسب الاشتراطات الخاصة, حيث لوحظ وجود بعض المنحدرات لكنها بشكل غير مناسب وليست مطابقة للشروط ولا تخدم المعاقين.
4 - مراعاة حركة فتح الأبواب بحيث تكون للخارج وباتساع مناسب ودراسة أماكنها ووضعها مع إمكانية استخدامها عند حدوث أي طارئ, وهنا يأتي التخطيط الأولي للمسجد أو الجامع بشكل صحيح.
5 - توفير دورات مياه للمعاقين بالميضأة حسب الاشتراطات الخاصة بهم, ويفضل أن يكون لها اتصال مباشر بالمسجد لتيسير حركة المعاق.
6 - دراسة نظام الإضاءة والصوت داخل وخارج المسجد, وربما يتساهل البعض بهذا لكنّ له دوراً كبيراً جداً في الاهتمام بهم.
7 - توفير مصاعد خاصة للمعاقين خاصة للمساجد التي لها عدة أدوار وربما لا يجد المعاق مكاناً في الدور الأول والأقرب نظراً لتأخره فيضطر للدور الثاني.
8 - توفير كل ما يتعلق بسلامتهم من احتياطات.
موقف: مرّ بي قبل 6 سنوات حيث استقبلني معاق بكرسيه عند باب الخطيب ولما خرجت قال لي: والله لا أسامحك فلم استطع دخول الجامع. وكان بسبب عدم وجود أي خدمة لهم من حيث المنحدرات والأبواب وغيرها.