الجزيرة - عبدالله العثمان:
في البداية رحب رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك برئيس الوفد وطلاب وطالبات معهد الاستشراق بجامعة فيينا، مثمناً لهم اختيارهم لصحيفة (الجزيرة) وزيارتها والالتقاء بأسرة تحريرها وكتّابها وكاتباتها؛ ومتمنياً لهم التوفيق في رحلتهم بالمملكة العربية السعودية، وقال الأستاذ خالد المالك: إن الاستشراق يحظى بأهمية كبيرة لدى الباحثين والأكاديمين في المملكة.. مشيراً إلى أن حركة الاستشراق في المنطقة العربية كانت نشطة في فترات متعاقبة، واستمرت لسنوات طويلة حتى أصبح هذا الاهتمام بالمنطقة العربية مصدر إلهام لكثير من الباحثين والدارسين في مختلف القضايا والموضوعات التي درست من المستشرقين سواء في مجال علم الآثار والفنون والآداب أو في مجالي التاريخ والجغرافيا والديانات وكل ما له صلة بالحياة في المنطقة العربية.
وأثنى المالك على كثير من المستشرقين النزيهين والمنصفين الذين أنصفوا سيد الخلق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والدين الإسلامي، لافتاً إلى أن الاستشراق في الآونة الأخيرة حظي باهتمام كبير من قبل الجامعات في أوروبا إضافة إلى مدارس خاصة به ومهتمين به، مضيفاً بأن الاستشراق بالنسبة للعرب له جانب سلبي من خلال عمليات التبشير والتنصير في بعض البلدان العربية، إلا أنه قدم معلومات قيمة وأظهر للعالم الثقافة الحقيقية للعرب وأصبحت مصدراً من مصادر التوثيق لكثير من القصص والأعمال التي يقوم بها العرب والمسلمون بشكل عام.
المملكة مهد اللغة العربية
فيما أوضح رئيس الرابطة الدولية لدراسة اللهجات العربية ورئيس قسم اللغة العربية وآدابها الدكتور ستيفان بروكازكا بأن من يهتم باللغة العربية وآدابها يجب عليه التوجه إلى المملكة العربية السعودية التي تعتبر مهد اللغة العربية، مشيراً إلى أن زيارة المملكة بالنسبة لهم حلم وتحقق بفضل الملحقية السعودية بفيينا وبالتعاون مع وزارة التعليم العالي لترتيب هذه الزيارة التي يسعون من خلالها الحصول على مزيد من المعلومات عن تاريخ المملكة العربية السعودية وثقافتها والتعرف أكثر على طبيعة المجتمع السعودي وعاداته وزيارة العديد من المواقع التاريخية والأثرية في المملكة.. وأضاف: نرغب التعرف على السعوديين والسعوديات للتعرف أكثر على حياتهم العملية والفكرية، مؤكداً في الوقت نفسه بأنهم وفي رحلتهم الحالية سوف يقوم كل طالب بإلقاء موضوع تاريخي أو ثقافي أو لغوي عن تاريخ المملكة والمغزى من ذلك نشر نتائج هذه البحوث بعد العودة إلى النمسا.
من جهة أخرى أوضح بروكازكا بأن الاستشراق بالنسبة للنمسا فقط هو الاهتمام باللغة العربية، مضيفاً بأن هذا الاهتمام بدأ منذ القرن الخامس عشر ميلادية، مشيراً إلى أن المستشرقين في النمسا مختلفون جداً عن غيرهم في فرنسا وإنجلترا، وذلك لأن النمسا لم تكن دولة استعمارية، بل كان الاستشراق في النمسا يهتم بالأدب والتاريخ والبحوث.
العبداللطيف: الاستشراق مصطلح قديم في ظل العولمة
فيما أضاف الدكتور محمد العبداللطيف بأن في تاريخ المملكة الحديث كان هناك شخصية نمساوية مهمة لوبلت فويس والذي تمت تسميته بعد إسلامه محمد أسد وكان مقرباً للملك عبدالعزيز -رحمه الله- ثم أصبح ممثلاً في الأمم المتحدة لباكستان.. وأضاف العبداللطيف بأن النمسا لم تكن بلداً استعمارياً ولكن النظرة الشاملة والنظرة الغربية للشرق في ذلك الوقت تختلف عن الآن، متسائلاً في الوقت نفسه بأنه لازلنا نستخدم أوصافاً ومصطلحات قديمة، وهل من الملائم استخدامها في الوقت الحاضر ككلمة الاستشراق في مفهومها القديم وفي ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة وما يعرف الآن بالعولمة.. مشيراً في الوقت نفسه إلى كوننا في السعودية مقصرين جداً في تقديم صورتنا إلى جميع العالم لتغيير الصورة النمطية، إضافة إلى وجود أحداث أسهمت في تشويه هذه الصورة، وأن الوضع الحالي في العالم أتاح للجميع دراسة الثقافات بدون مقارنات مؤكداً بأن أي دراسة لأي ثقافة سيجد الباحث فيها نفس مستوى التعقيد وأن جميع لغات العالم على نفس مستو الذكاء وأيضاً جميع لغات العالم على نفس مستوى التعقيد.
واستعرض العبداللطيف كتاب لويدل فويس رحلة في وسط الصحراء وما تعرض له فيها من مخاطر وعن طريقة بحثه لثقافات أخرى بعد ما اصطدم بتحول الثقافة في أوروبا والنتائج التي حدثت من تطورها بسبب الثورة الصناعية فيها والتي يعتقد الكاتب بأنها تسببت في الحرب العالمية الأولى والثانية.
ومن جانبه طرح الكاتب والباحث العلمي الدكتور عبدالرحمن الحبيب عدد من التساؤلات على الوفد النمساوي فيما يخص مصطلح الاستشراق وما يحتويه من بعد جغرافي والسياسي والاستعماري وما بعد الاستعمار والحرب العالمية ومابعد كتاب إدوارد سعيد المؤثر بدرجة كبيرة جداً، لافتاً إلى أن مصطلح الاستشراق تم تغييره في بعض الدول مثل بريطانيا إلى الدراسات الآسيوية لتجنب المعنى السياسي والاستعماري للمصطلح، وهل يوجد في النمسا مثل هذا التوجه.
أجاب ستيفانا بروكازكا بأن هذا الأمر مطروح لديهم في النمسا والمناقشات ماتزال مستمرة وأخذت منهم وقتاً طويلاً لتغيير مصطلح الاستشراق وقد تم طرح عدد من الاقتراحات كمسمى دراسات الشرق الأوسط أو الدراسات العربية وأن الاسم الحالي لمعهدهم هو معهد الاستشراق فيما توصلوا لاحقاً إلى عدم تغيير المسمى وذلك بسبب أن المعهد لدية تاريخ طويل ومعروف بهذا الاسم ومن الصعوبة تقبل تغييره في الوقت الحاضر.. مبيناً بأن هذا المصطلح مثار للنقاش في العالم كله ولديهم علم بذلك.
معهد الاستشراق في فيينا ونشاطاته
الكاتبة سمر المقرن تتساؤل عن عمل معهد الاستشراق في النمسا وماهو التخصص الذي يقوم عليه هل هو فقط تعلم اللغة العربية أم يشمل دراسة طبائع المجتمع العربي وما الذي يجعل طلاب هذا المعهد يلتحقون فيه، فيما أجابت طالبة الماجستير إيناس بأن أغلب الملتحقين في المعهد ليسوا ذوي أصول عربية وأغلبهم معجبون بالعالم العربي، حيث إن الدراسة في المعهد وتعلم اللغة العربية تمكن لهم التعرف والتعلم والتواصل مع ما يحتويه العالم العربي.. وأضافت: في المعهد ندرس اللغة العربية الفصحى إضافة إلى العادات والتقاليد المتنوعة في الدول العربية إضافة إلى تعلم ومعرفة اللهجات المختلفة في الدول العربية، حيث إن اللغة العربية الفصحى هي معروف عنها أنها اللغة الأصلية والمرجع لجميع اللهجات ولكنها ليست اللغة التي تستخدم في جميع الدول العربية، حيث إن اللهجات واللغة العامية هي السائدة في تلك البلدان إضافة إلى تميز كل دولة عن الأخرى في لهجتها، مشيرة إلى أنها ليست دراسة شاملة ولكن نجدها فرصها إلى التعرف أكثر والقرب أيضاً إلى هذه المجتمعات الإسلامية.
وانتقل الحديث إلى الدكتورة فوزية البكر التي تبحث عن إجابة لتساؤلها حول الأنشطة الموجودة في المعهد لتوضيح معنى الاستشراق والذي تعتبره في نفس الوقت مصطلح يسبب قلق لدى البعض كونه غير واضح الرؤيا إضافة إلى نوع البحوث التي يعملون عليها لفهم ومعرفة على الأقل اهتماماتهم مشيدة في الوقت نفسه بتمكن الطلاب الحاضرين للندوة من التحدث باللغة العربية بطلاقة وذلك لصعوبة اللغة العربية وتعلمها لغير العرب.
فيما أجاب على تساؤلها طالب الماجستير والعلوم الإسلامية إسكندر قائلاً: إن اهتمامه ينصب حول رغبته في التخصص بالعلاقات بين الغرب والشرق وخاصة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.. وأضاف زميله سالم جفشر والذي يعمل في الملحقية السعودية بالنمسا والباحث في مرحلة الدكتوراه بأن زملائه في المعهد هم بالأساس متخصصين في دراسة اللهجات العربية وأن أنشطة المعهد بعيدة كلياً لمفهوم الاستشراق السائد والمعروف مشيراً إلى وجود أساتذة بالمعهد كل منهم متخصص في لهجة عربية كاللهجة السورية واللهجة التونسية وغيرها، ويقومون بعمل البحوث فيها إضافة إلى العادات والتقاليد والثقافات، وأضاف بأن ما يراه في المعهد من اهتمام وبحوث أكثر بكثير من اهتمام الجامعات العربية.
علاقة الاستشراق بالمرأة العربية والمسلمة
مركز الملك عبدالله لحوار أتباع الأديان في فيينا
نائب رئيس التحرير الأستاذ فهد العجلان تسائل حول مدى استفادة مركز الاستشراق وما هي مجالات الاستفادة المتاحة من مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والذي يعتبر أول مركز عالمي بعيد عن مظلة الحكومات لأنه تحت مظلة أممية إضافة إلى أن المركز يقيم الكثير من ورش العمل حول الحوار.. وقد أجاب بروكازكا بأن لديهم في المعهد زميل يعتبر هو المسؤول عن العلاقات بين معهدهم مع مركز الملك عبدالله للحوار بين اتباع الإديان، مبيناً أن مركز الملك عبدالله معروف لديهم في فيينا ولديه نشاطات كثيرة وهم يستفيدون من تلك النشاطات.
كما أبدى نائب رئيس التحرير الأستاذ فهد العجلان سعادته لرؤية شباب من النمسا يدرسون اللغة العربية، وأضاف بأنه وبقدر التباس مصطلح الاستشراق إلا أن المستشرقين المنهجيين والمنصفين أفادوا كثيراً الثقافة العربية والإسلامية معللاً ذلك بأنهم أدخلوا مناهج جديدة في البحث. وتساءل العجلان عن أثر العولمة وتعميق التواصل بين المجتمعات وتطور وسائل الاتصال في تغيير نظرة المستشرقين لواقع المرأة العربية والمسلمة.. مشيراً إلى أن صورة المرأة العربية والمسلمة في السابق هي صورة نمطية بحكم المساحة المتاحة للباحثين في التواصل مع المرأة؛ و قراءة واقعها، لافتاً إلى أن الوقت الحاضر مع الانفتاح الإعلامي والعولمة التي اجتاحت العالم ومع قدرة وصول الباحثين حتى الذين ليس لهم باع طويل في البحث والعلم إلى التواصل ومعرفة الواقع كما هو، مستشهداً بأنهم يجلسون الآن في صرح ثقافي ويتحدثون إلى مثقفين ومثقفات حول كثير من القضايا وجزء من قضايا المرأة.
وعن تساؤل الأستاذ فهد العجلان تداخلت طالبة الدكتوراه ليا مولر قائلة: إنهم في أوروبا لا يعرفون أي معلومات عن المرأة السعودية إلا عن طريق الإعلام.. وأضافت بأن هذه الرحلة هي فرصة حقيقية للتعرف على المجتمع السعودي عن قرب وعلى أرض الواقع والالتقاء بفتيات ونساء سعوديات وذلك لأخذ صورة حقيقية وليست نمطية عن واقعها ويساعد أيضاً ذلك في إعداد بحوث عن هذا الموضوع ونقله للمهتمين كما أنه يهم أيضاً المجتمع السعودي عندما نقوم بقل هذه التجربة إلى أوروبا.
اللهجات والفنون الشعبية
من جانب آخر تحدث الأستاذ منصور عثمان مدير التحرير للشئون المحلية قائلاً: إن اللهجات بدأت تتداخل مع بعضها وأصبحت تعتبر لغة بيضاء في الوطن العربي، وأضاف: رسمت النمسا في أذهاننا بأنها تمتلك إرثاً إنسانياً عظيماً في الموسيقى والفنون والرسم.. متسائلاً هل هذا الإرث أثر بشكل كبير على بحوثكم ودراساتكم وجعلكم تبحثون عن الفنون الشعبية في المملكة خاصة؟.. وقد أجاب بروكازكا بأنه يوجد معهد متخصص للعلوم الموسيقية ويوجد أستاذ متخصص في الفنون الشعبية، إضافة إلى وجود بعض البحوث المتعلقة بالفنون الشعبية الخاصة بالسعودية وخاصة بمنطقة عسير.
400 ألف مسلم في النمسا
الأستاذ محمد الفيصل مستشار رئيس التحرير يسأل عن الدافع خلف تعلم الثقافة العربية والاستشراق إذا ما علم أن الدوافع في السابق هي دافع سياسي وديني خاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حيث إن من الملاحظ وبعد خبوت هاذين الدافعين لم يعد يوجد أسباب تتعلق بهما مباشرة فماهو الدافع الجديد الذي جعل اللغة والثقافة العربية محط اهتمام، وقد أجاب الطالب بجامعة فيينا بروكازكا بأنه يرى اهتمام متزايد ومستمر بالثقافة العربية واللغة العربية وله دوافع عديدة أبرزها الاهتمام بالوضع السياسي بالشرق الأوسط والبلدان العربية إضافة إلى الاهتمام بالأدب والروايات العربية غير المترجمة، مضيفاً: بأن الدافع الأكبر هو الاهتمام بالدين الإسلامي.. مبيناً أن النمسا لديها أكثر من 400 ألف مسلم وأن اللغة العربية هي لغة القرآن.
النمسا بوابة العلوم الطبعية والتطبيقية
ومن جهته قال الدكتور عبدالعزيز الجارالله والمتخصص في الاستيطان عن وجود تمازج بين دولة النمسا كونها بوابة لأوروبا مع المسلمين في الدولة العثمانية في القرن الخامس عشر عندما التقت الثقافتين، وأضاف تعتبر النمسا هي المحتوى الأول للعلوم الطبيعية والعلوم التطبيقية، حيث كانت النواة الأولى في تقديم هذه العلوم، كما أن علماء النمسا هم من قاموا بتمهيد هذه العلوم الحديثة في مجالات الكيميا والفيزياء والأحياء وانتقلت هذه العلوم إلى الدول المجاورة لها، وتساءل الجارالله عن سبب توقف العلماء النمساويين عن هذه الأنشطة والعلوم الطبيعية والتطبيقية.
وتداخل ستيفانا مؤكداً بأن البحوث في العلوم التطبيقية لم تتوقف، أما بالنسبة للعلوم الطبيعية فإن المسؤولين بالنمسا يعلمون عن وجود أزمة في البحوث ولذا تم تأسيس جامعة جديدة قبل 3 سنوات لإحياء هذه العلوم في النمسا ويأملون من هذه الجامعة أن تخرج باحثين يستطيعون القيام ببحوث تؤهلهم للحصول على جائزة نوبل.. أما من جهة دور النمسا للحوار بين الأديان وبفضل مبادرة ملك المملكة العربية السعودية الملك عبدالله أنشئ مركز لحوار الأديان في النمسا في الفترة الماضية تمخض عنه حراك كبير ومبادرات جيدة لإحياء الحوار بين الأديان وخاصة بين الإسلام والمسيحية.. وأضاف بأن تعلم اللغة العربية الفصحى في معهد الاستشراق يفتح أبواب الأدب والثقافة والحضارة العربية والإسلامية بشكل عام. أما بالنسبة لتعلم اللهجات العربية فهي بالنسبة لهم يفتح قلوب الناس ولأن العرب في حياتهم اليومية وواقعهم لايتحدثون اللغة العربية الفصحى، مشيراً إلى أن أغلب الطلاب والطالبات في معهدهم ليس هدفهم الوحيد عمل البحوث والدراسات، بل يريدون الوصول للعامة والتحدث معهم وذلك عن طريق تعلم لهجات العرب، مبيناً أنهم من خلال البحوث يهتمون باللهجات لمعرفة التطور الذي حدث للغة العربية وخاصة اللهجات المهمة والقديمة وتأثير الإعلام عليها، وأضافت طالبة الدكتوراه في المعهد آنا تيلتش بأنها تهتم باللهجة السورية وذلك لاهتمامها بالثقافة الشعبية الحديثة، مشيرة إلى أنها تستسقي هذه اللهجة عن طريق المسلسلات والأفلام والأغاني التي تتحدث باللهجة السورية.
طلاب المعهد يسألون
بعد ذلك بدأ طلاب جامعة فيينا بطرح الأسئلة على الزملاء من أسرة تحرير الجزيرة وكتابها وكاتباتها حيث استهل طالب الدكتوراه جورج إدوارد بسؤال يتعلق عن فتح المجال السياحي وخاصة للآثار والتراث في المملكة؛ حيث أجاب الدكتور محمد العبداللطيف بأن المملكة تولي أهمية للتراث والآثار وذلك من خلال الحفاظ على الآثار القديمة والعناية بها إضافة إلى إقامة المهرجانات الثراثية التي تهتم بالعادات والتقاليد والفلوكلورات الشعبية وما يصاحبها من رقصات.
فيما تداخل الدكتور عبدالعزيز الجارالله مضيفاً بأن المملكة عملت مسوحات بمشاركة أساتذة من النمسا وأساتذة من أمريكا وأوروبا سنوياً لعمل هذه المسوحات في كافة مناطق المملكة، وأضاف يوجد في المملكة مواقع أثرية كما هو موجود في منطقة تبوك والعمل قائم بها الآن بالتنقيب عن الآثار إضافة إلى منطقة الشويحطية ومنطقة الدوادمي، مشيراً إلى أنه سنوياً تحضر بعثات من الجامعات النمساوية والجامعات الأخرى لعمل البحوث ويقدمونها للمملكة، لافتاً إلى أن هذه البعاث قامت بعمل العديد من المؤلفات التي تتحدث عن ماقبل الإسلام وأيضاً في العهد الإسلامي وأيضاً في الفترة الهلينستية والتي يقصد بها المزج بين البيزنطية والإسلامية إضافة إلى بحوث في العهد الكلاسيكي وهو زمن الممالك العربية ومازالت هذه البعثات، إضافة إلى وجود هيئة خاصة بالمساحة الجولوجية وهيئة تعني بالسياحة في المملكة.
انتشار اللغة العربية بسبب القرآن
وطرح طالب العلوم الإسلاميه والسياسية كريستوف سؤالاً عن ماذا قدمت المملكة العربية السعودية لنشر اللغة العربية الفصحى في دول المغرب العربي، حيث أجاب الدكتور العبداللطيف بأن القرآن الكريم والإسلام هو من ساهم بشكل كبير في نشر اللغة العربية ليس في دول المغرب العربي فقط بل حتى في الصين إضافة إلى الدولة العثمانية إلى عهد قريب كانت تستخدم الحروف العربية في لغتها، وأن القرآن هو من حافظ على اللغة العربية.
المملكة ونضوب النفط
وتساءلت كارولينا عن خطط المملكة المستقبلية بعد انتهاء النفط وهل السعوديون يدفعون الضرائب، فيما أجاب على تساؤلها الأستاذ فهد العجلان قائلاً: إن المملكة هي أكبر مصدر للنفط وليست منتجاً للنفط، وأضاف: إن المشكلة التي تواجهها المملكة هي تزايد الاستهلاك الداخلي وقد بدأت المملكة منذ فترة في تطبيق برامج متنوعة حول الترشيد وكفاءة الطاقة، مشيراً إلى أن ما يتداول عن اكتشاف النفط الصخري وأنه سيؤثر على المملكة هذا في الحقيقة سيقدم خدمة كبيرة ليس للمملكة فقط بل لجميع منتجي النفط من خلال عدم زيادة الإنتاج مما يساهم في تأخر ما يسمى نضوب النفط والذي قال العجلان بأنه مصطلح سياسي أكثر منه علمي يستند إلى معطيات واقعية، لافتاً إلى أنه لا يمكن تحديد زمن معين لنضوب النفط ولا يستطيع أحد أن يتكهن بذلك مرجعاً، مبينا أن النفط في المملكة ساهم كثيراً في أن يكون رمانة التوازن كسلعة إستراتيجية في العالم، وأضاف العجلان بأنه قام بزيارة للدنمارك واطلع على تقنيات الطاقة المتجددة وحينها قابل رئيس مركز الطاقة المتجددة والذي قال له بأن لدى السعودية طاقة أهم من النفط وهي الطاقة.. وأوضح العجلان إن المملكة غنية أيضاً بالغاز وبالمعادن كالفوسفات وغيرها والتي لم تحن بعد الحاجة الاقتصادية لاستثمارها.
خطط المملكة في المحافظة على البيئة
وطرحت كريستوف تساؤلاً عن خطط المملكة في المحافظة على البيئة وعن الزراعة حيث أجاب عبدالرحمن الحبيب بأن المملكة لديها وزارة للزراعة تستهلك 90 بالمئة من المياه الجوفية والسكان يستهلكون فقط 5 بالمئة ونفس النسبة تستهلكها الصناعة، وأضاف بأنه يوجد محاولات لخفض استهلاك الماء عن طريق منع تصدير القمح وإيقاف إنتاجه كما يوجد محاولات لترشيد استهلاك الماء للري الزراعي، لافتاً إلى أن المملكة تعتبر من الدول الأكثر استهلاك الماء للفرد متجاوزة في ذلك بعض الدول الأوروبية كألمانيا مثلاً.
السعوديون وأوقات الفراغ
وأجابت الدكتورة فوزية عن تساؤل إحدى الطالبات عن كيفية قضاء السعوديين لأوقات الفراغ، حيث قالت: إن السعوديين وخاصة في المدن الكبرى يقضون فترات الفراغ بالزيارات العائلية أو التنزه في الأسواق أو الاندية الرياضية هذا بالنسبة للنساء أما بالنسبة للرجال فهم يحبون الذهاب للصحراء والمبيت فيها وخاصة في فصل الشتاء، أو الذهاب إلى الاستراحات والتي تنتشر بشكل كبير في أطراف المدن، والبعض الآخر يحب الذهاب إلى المزارع.
صورة المملكة
وتساءلت الطالبة يوليا بأنهم في هذه الرحلة لم يشاهدوا سوى الجانب الفاخر من المملكة وماذا عن المجتمع السعودي وتنوعاته؟.. وقد أجاب الدكتور العبداللطيف قائلاً: إن شعب المملكة لا يختلف أبدا عن شعوب العالم، تجد فيه التنوع من حيث المستويات الاقتصادية والثقافية، وأضاف: يوجد الغني والفقير وتوجد أيضاً الطبقة الوسطى وهي الغالبة بالنسبة لعدد السكان إضافة إلى أن المدن الكبرى هي من أخذت النصيب الأكبر من التطور المدني أكثر منها في بعض المدن الصغيرة لأسباب عديدة منها توفر الوظائف وتوفر مسببات الحياة المدنية التي أخذت صبغتها تطغى على المجتمع السعودي، مضيفاً بأن التعليم في المملكة تطور بشكل كبير وساهم في رفع مستوى تفكير المجتمع السعودي نتج عنه الكثير من المواهب والكوادر القيادية والإدارية في جميع التخصصات، مشيراً إلى أن المرأة السعودية حظيت أيضاً باهتمام بالغ في التعليم حتى انخفضت الأمية بين أواسط النساء بشكل كبير ولا نبالغ إذا ما قلنا إنها اختفت.
الرياضة السعودية والنساء
أجاب رئيس التحرير على تساؤل إحدى الطالبات عن الرياضة في المملكة، حيث قال: إن المملكة شعب يحب الرياضة وشغوف بها وخاصة كرة القدم، وأضاف بأن المنتخب السعودي شارك في أربع بطولات كأس العالم وحقق ثلاث بطولات كأس آسيا ولدينا أندية على مستوى عالي من المنافسة، مشيراً إلى أن الشعب السعودي متابع لكرة القدم إضافة إلى الفتيات بدأن في الآونة الأخيرة بمتابعة وتشجيع كرة القدم ولكن ليست بالمشاهدة الفعلية، مبينا أن الوقت الحالي توجد مطالبات بالسماح للرياضة النسائية على الأقل في المدارس وهي تحت الدراسة وأنه يوجد فعليا أندية رياضية نسائية في الأحياء.
الرحلة الحلم
وعلق نائب رئيس التحرير عبدالوهاب القحطاني على أن هذه الرحلة تعتبر حلم على حد تعبير رئيس الوفد، متمنياً في الوقت نفسه بأن يكون برنامج الزيارة يساهم في أن يشاهدوا أكبر قدر ممكن من النواحي العلمية والاجتماعية والتراثية في المملكة، والتي فيها مزيج كبير من الثقافات المتنوعه والمختلفة ولكنها تجتمع تحت مظلة واحدة وهي مظلة الثقافة العربية والإسلامية، وحتى يعودوا إلى وطنهم ولديهم انطباع كامل وجيد عن الصورة النمطية لمجتمع المملكة والذي هم يرغبون في معرفته.