خمسون عاماً مرت على انطلاقة هذه المؤسسة الوطنية منذ البث التلفزيوني الأول وانطلاق إذاعة الرياض، هذه الانطلاقة التي رافقت جزءاً كبيراً من إنجازات الوطن وأرَّخت لتاريخ مشرِّف من العطاء والفداء، هي سلسلة متصلة من الجهود التي بذلت للوصول بهذه المؤسسة إلى ما هي عليه اليوم، في تصنيف هذه المؤسسة فهي القطاع الإعلامي الرسمي، ولأن الإعلام مجالها وتخصصها ففي الخمس السنوات الأخيرة فإن الإعلام نفسه تطور وأخذ منحنى آخر مختلفاً تماماً عمَّا كان عليه سابقاً، الإعلام أصبح هو مادة المواطن منذ صبيحة يومه، التنافس أصبح أقوى وأشد، قد تكون مطلعاً إعلامياً على كل شيء يدور حولك وأنت لا تتابع تلفزيوناً أو إذاعة، لأن العصر التكنولوجي الحديث قد ركز في ثورته على تطوير وسائل التواصل وبالتالي زيادة مستوى الإعلام.
الإعلام الحديث اليوم ليس كالسابق حين كان يصنف بين صانع ومذيع ومتلق للمادة الإعلامية، لأن المتلقي اليوم وضمن الثورة الاتصالاتية الحديثة قد غزا على مساحة صانع الإعلام وأخذ دور المذيع، وبالتالي فإن التعامل معه أمر خطير جداً، الفرد المتطور إعلامياً لا مجال لديه للفرص الأخرى؛ فهو إما أن ترضيه أو لا ترضيه، وحين نقيس هذه التطورات على واقع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لدينا فعلينا بداية أن نضع في عين الاعتبار ما كان الواقع عليه ماضياً وما أصبح حالياً وكيف سيكون مستقبلاً، التقييم الصحيح عادة ما يكون بالآثار المتوقعة مستقبلاً لكنه يكون أكثر فائدة حين يُقاس معه الماضي وحجم التطور الذي حدث خلال فترة زمنية محددة.
التطور واضح وهائل والقفزة نوعية متميزة، بوجود وزارة للإعلام ممثلة بمعالي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون وبوجود رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع فإن حجم التطور الذي وقع وبانت آثاره ليس إلا مقياساً يقودنا إلى حجم التطور الذي ننتظره مستقبلاً، بين خوجة والهزاع هنا تكتيك رفيع واضح للعيان أن الهدف ليس فقط بتغيّر الصورة والصوت والألوان، بل أيضاً بتغيّر الأفكار والمنهجية التخطيطية والتنفيذية.
إن الآمال معقودة على هذين الرجلين لقيادة دفة السفينة نحو بر المستقبل الواعد، وعلامات النجاح السابقة لهما تعطينا المؤشر على أن القدرة على تحقيق الآمال كبيرة ومنتظرة، اليوم التلفزيون والإذاعة انتقلا من فكر إلى فكر جديد يراعي الظروف والمعطيات، ففي مكتب الهزاع تظهر الحقيقة والخطة الموضوعة، الهدف الآن ليس إعلاماً يصنع الخبر لأنه أصبح أمراً مستحيلاً ولا يمر على عقول الناس، بل الهدف الآن أصبح أن يكون مصدراً لتأكيد الخبر من خلال احتلال مساحة الثقة في عقول المواطنين، والفرق بين الأمرين كبير، المواطن يقرأ الخبر من لحظة حدوثه لكن تبعات الخبر هنا تأتي السياسة الإعلامية الحديثة بقيادة الأحداث.
مبارك لنا الذكرى الخمسون وما تم إنجازه فخر واعتزاز، لكننا وكحالنا في المملكة بقيادتنا الرشيدة نسعى دائماً للأفضل والأفضل لا يأتي إلا مع كل يوم جديد يولد فيه عزم ورغبة وسعي لتحقيقه.