كم يحس الإنسان بالفرحة والسرور عندما يرى بأم عينيه ذلك الاستعراض العسكري المهيب؛ الذي نفذه جنود عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله وسدده - بإشراف مباشر من سمو ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، إنه استعراض عسكري هزَّ المشاعر، وأفرح القلوب، وانتشى أبناء الوطن المخلصين فرحاً بتلك القوة المهيبة؛ التي يتمتع بها جيشنا المغوار، وهذا الاستعراض الرائع، وذلك في ختام المناورات العسكرية التي دامت أياماً عدة في ثلاث مناطق عسكرية في الوطن الغالي، وكان التحكم الإستراتيجي لتلك العمليات في قلب العاصمة الرياض.
وقد اشترك في هذا التمرين الكبير (سيف عبدالله) أكثر من 130 ألف عسكري من مختلف القطاعات العسكرية: الجوية والبحرية والبرية والدفاع الجوي، بالإضافة إلى وزارتي الداخلية والحرس الوطني، فكان عملاً جباراً، وتمريناً مشتركاً بث الحمية في القلوب، والعزة في النفوس، والمهابة في قلوب أعداء الوطن في كل مكان، وقد كان لحضور بعض المسؤولين من أصدقاء الوطن من دول الخليج وبعض الدول العربية الأثر الكبير في اطلاعهم عن كثب على تلك القوة الضاربة في هذه المنطقة الحساسة من العالم مما يعطيهم الإحساس الكامل بالانتماء لمنظومة التلاقي والارتباط الأزلي مع دولة الأمن والسلام.
إن ذلك الاستعراض الذي حضره ولي العهد ووزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، -وكان قد أشرف شخصياً على الإعداد لهذا التمرين الكبير- ليعطي دلالة صدق أن هذه الدولة المباركة ماضية بعزم لا يلين، وبجد لا يفتر على إعداد جيش سعودي متسلح بعقيدته الإسلامية الصافية أولاً، ثم بأخلاق الجند الشرفاء: لا يغدرون بذمة، ولا يخفرون ميثاقاً أخذوه، ولا يؤذون صديقاً أو شقيقاً، شعارهم السلام لكل البشر إلا أن يمس ثرى هذه الأرض الطيبة المباركة، فهنا قوات ردع - بعد توفيق الله ونصره - تردع كل معتد يريد النيل من وطننا الغالي الكبير.
تحية إكبار وإجلال لكل شباب الوطن من ضباط وأفراد، الذين نفذوا ذلك التمرين وذلك الاستعراض أمام سمو ولي العهد وضيوفه الأعزاء؛ الذي يعد أكبر تمرين قدمته القوات المسلحة السعودية الباسلة، فقد كان استعراضهم مهيباً، وعملهم رائعاً، واصطفافهم جميلاً، وقبل ذلك وبعده إيمانهم بالله عز وجل ثم ولاؤهم المطلق لهذه الوطن العزيز، ولقادته الكرام، ولشعبهم الوفي، وروعة استعراضهم بتلك الآليات العسكرية الخاصة بمختلف القطاعات العسكرية مما يبعث الطمأنينة والراحة في قلوب أبناء هذا الوطن الأعزاء، والمقيمين فيها، والزائرين؛ لأداء مناسك الحج والعمرة والزيارة، أو للعمل وطلب الرزق الكريم.
إن شعور الانتماء لدى جنودنا البواسل لهذا الوطن الغالي لأمر يدعو للفخر والاعتزاز، كيف لا وهم يحرسون - بعد الله تعالى - وطنهم العزيز الذي اختاره الله أن يكون قبلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، واختاره الله أن يكون حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء، واختاره الله منطلقاً للرسالة الإسلامية الخالدة، واختاره الله أرضاً لرسالة سيد البشر صلى الله عليه وسلم وصحابته الأطهار؛ التي جاءت بالخير والسلام لكل الأمم، واختار الله أرضه الطاهرة أن تكون منطلقاً لتجديد العقيدة الإسلامية الصافية عندما التقى الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله - وتعاهدا على نشر العقيدة السليمة والدفاع عنها، وبذلها لكل الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، واختار أرضه المباركة أرضاً للعزة والفخار، والمجد والسؤدد، والصدق والانتماء، عندما وحد الملك عبدالعزيز أجزاءه تحت راية التوحيد الخالدة، في مملكة فيحاء طيبة، تنشد الخير للعالم أجمع، وتنبذ العنف أو التعصب في حل القضايا والمشكلات، وترحب بود وحب بكل المحبين والأشقاء ومريدي السلام والأمن والخير، وفي الوقت نفسه ترفض الاعتداء من كائن من كان، ومن أجل ذلك أعد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وأبناؤه الملوك البررة من بعده جيشاً هذا منهجه وهذا سبيله، في عقيدة عسكرية لا تتغير، ومسلك سعودي نبيل لن يتغير بإذن الله تعالى.
هذه هي منطلقات الجندي السعودي، وهذا منهجه، وهذا سبيله، فكل التمارين التي نفذت، وكل الاستعراضات التي قدمت في القديم والحديث، وآخرها تمرين (سيف عبدالله) إنما هي لحماية أرض الوطن العزيز، والذود عن حياضه مهما كلف ذلك من مال ونفس ونفيس.
وقد شاء المولى أن يتزامن هذا التمرين الكبير الفريد مع مرور تسع سنوات على مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله - فكان تزامناً أعطاه بعداً خاصاً ومكانة مهمة - أقصد التمرين - في قلوب جنود الوطن الميامين الذين قدموا ذلك الاستعراض الكبير، فالوطن الكبير في إنجازاته على الصعيد العسكري أو المدني بمختلف الشؤون والتخصصات في قلب رائد النهضة الحديثة، الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - فالهم واحد في رقيها وتطورها وازدهارها وعلو مكانتها بحيث تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة. إن ذلك التمرين الرائع الذي سمته القيادة باسم (سيف عبدالله) ليعطي دلالة واضحة أننا وطن كما أنه يحب السلام ويدعو إليه ويرجو الخير لجميع شعوب الأرض، إلا أنه يرفض الاعتداء ويمقته، ومن أجل ذلك عمل على إيجاد قوة ضاربة تضرب كل يد تمتد للنيل من أمن هذا الوطن واستقراره من خلال تلك القوى التي قدمت ذلك الاستعراض المهيب، وذلك التمرين الموفق الذي أثار الحمية في القلوب، والراحة في النفوس، والخوف والهلع في قلوب المتربصين؛ الذين يتربصون بهذا الوطن الدوائر عليهم دائرة السوء؛ لأنهم عرفوا من خلال ذلك الاستعراض عظمة تلك القوى البشرية المنفذة لذلك الاستعراض: إخلاصاً وحماسة وحمية وإتقاناً، ثم رأوا بأم أعينهم روعة الآليات العسكرية المعروضة: بقوتها ونوعها وتعاملها مع الأعداء مهما كانوا. إن (سيف عبدالله) كما أنه قاطع وضارب لكل من يريد وطننا بشر إلا أنه سيف يحمي البلاد والعباد بعد توفيق الله ونصره، وينصر كل محبي السلام من الأشقاء والأصدقاء، حتى يعم الأمن والخير هذا الوطن العزيز، وكل بلدان العالم أجمع. شكراً لقيادتنا العسكرية ممثلة بسمو ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ الذي لا يألو جهداً في دعم جيشنا المظفر بالرجال والعتاد والتمرين، ولسمو نائبه الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، والشكر موصول للقادة الميدانيين لذلك التمرين وذلك الاستعراض العسكري، ولكل منفذيه بمختلف الرتب العسكرية. وقى الله وطننا الغالي من كل شر، ودمت يا (سيف عبدالله) سيفاً شهيراً على الأعداء، وحمى للأشقاء والأصدقاء، وشكراً جيشنا المظفر.