ألقى معالي الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر أمين عام مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كلمة في افتتاح المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والذي انطلقت أعماله أمس بالعاصمة البحرينية المنامة ، تحت رعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.
وأعرب معالي الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر في مستهل كلمته خلال المؤتمر والذي يقام تحت شعار «الحضارات في خدمة الإنسانية» عن تقديره لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين وولي عهده الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولسمو وزير العدل والشئون الإسلامية بمملكة البحرين الشيخ خالد بن على آل خليفة على إتاحة الفرصة لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان للمشاركة في فعاليات المؤتمر والذي يعد مناسبة مهمة للحوار حول قضايا الفكر والتعايش الإنساني. وأضاف معالي أمين مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافاتإن العالم منذ نهايات القرن الماضي وبدايات الألفية الحالية تهيأ فضاء جديد لآفاق التواصل بين البشر بصورة غير مسبوقة في التاريخ ، وهو ما يمثل أكبر دلالة على تحقق مبدأ التعارف بين البشر الذي دعا إليه القرآن الكريم في قوله تعالي : (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) مؤكداً أن مبدأ التعارف الإنساني لا يحقق أهدافه إلا حين يصبح علاقة سوية وحاكمة للتفاهم بين شعوب العالم أجمع على اختلاف معتقداتها وتنوع ثقافتها عبر الحوار. وأشار معالي الأستاذ بن معمر إلى أن الحوار كضرورة للحياة المعاصرة لا تكمن أهميته في إدارة التنوع وتبادل وجهات النظر فحسب، بل تمتد للالتقاء حول المشتركات الإنسانية كقيم المواطنة والمصالح المشروعة التي تجمع البشر ضمن قواسمها العامة، حيث إن الحوار ليس مجرد أداة لإدارة الاختلاف بل وإنما أيضاً التجانس حتى أبناء الديانة الواحدة، بما يمنح المجتمعات رؤيتها الواضحة والقدرة على إدارة علاقاتها الدينية باحترام في ظل التنوع الكبير الذي يشهده عالم اليوم عبر ثورة المعلوماتية والاتصال.
ولفت معالي الأستاذ بن معمر إلى الاختلاف الذي يعاني منه أمن العالم منذ بداية الألفية الثالثة على نحو غير مسبوق نتيجة للأحداث الإرهابية وما صاحبها من عنف وعنف مضاد وما أدت إليه من حروب وتغيرات أمنية إستراتيجية لمواجهة آثاره، مؤكداً أن ذلك أمر ينطوي على خطورة تجعل من التحكم في مسار أمن العالم مهمة شبه مستحيلة خاصة مع بروز جماعات سياسية ودينية متطرفة ترى في صدام الحضارات واقعاً لا مفر منه، تارة باسم الدين وتارة الايدولوجيات المتطرفة وتارة باسم المدينة العالمية. واستطرد معالي الأستاذ بن معمر إن اختلال الأمن في العالم اليوم ليس نتيجة لصراع محاور دولية، كما كان خلال الحربين العالميتين، وإنما نتيجة لصراع مع أعداء تخفوا تحت ستار الدين أو سياسات متطرفة من أجل قتل الأبرياء ، مؤكداً أن فشل الحلول العسكرية والسياسية في علاج هذا الاختلال الأمني العالمي كان من أهم أسباب التفكير لفهم ما يجري من قتل وعنف بناء على تأويلات متطرفة ومحاولة إيقاظ الضمائر الحية بين أتباع الأديان والثقافات وتغليب الحكمة في معالجة القضايا العالمية وهو ما تجلى في مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ، وما حظيت به من تأييد دولي كبير في لقاءات ومؤتمرات عالمية عقدت في مكة المكرمة وروما ومدريد وجنيف ونيويورك وصولاً إلى فيينا ومهدت الطريق لتأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار من أجل التأكيد على وحدة الأصل البشري والكرامة الإنسانية والمساواة وإعلاء قيم التعارف والتسامح وقبول الآخر المختلف والاحتفاء بالتنوع ونبذ التطرف ومكافحة الإرهاب ليصبح المركز حاضنة مشاركة وداعمة لكل المبادرات العالمية التي تطرح من قبل المؤسسات والهيئات المعنية بالحوار في العالم، مؤكداً على تميز المركز كمنظمة دولية فريدة من نوعها ، حيث تم تأسيسه من دول لها مكانتها العالمية مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة اسبانيا وعضوية الفاتيكان كمراقب ، فضلاً عن أن مجلس إدارته يضم نخبة من القيادات الدينية بما يعزز من قدرة المركز على تحقيق أهدافه في إيجاد حوار دائم ومثمر بين صانعي القرارات والسياسات والقيادات الدينية والتعليمية والإعلامية. واستطرد الأستاذ بن معمر مشيراً إلى أنه بعد مضي عام ونصف على تدشينه مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافافي فيينا، انضمت إلى جانبه العديد من المؤسسات الدولية والعربية الرصينة عبر شراكات إستراتيجية مثل منظمة اليونسكو ومنظمة الآسيسكو والمنظمة العالمية للكشافة والإتحاد الأفريقي وعدد كبير من الجامعات الأوربية والأمريكية سعياً لإيجاد حلول فعالة لإرساء قيم التعايش والتسامح والعدل وتطبيقها على أرض الواقع ، مؤكداً حرص المركز على عدم إعادة أو تكرار ما تقوم به المراكز والمؤسسات الأخرى المعنية بالحوار مع الآخر ، وتبني مبادرات وأنشطة مبتكرة تجمع قيادات تربوية وإعلامية ودينية محلية وعالمية مع صانعي القرارات لتجنب أي سوء فهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بأتباع الأديان والثقافات وترسيخ ثقافة الحوار والتعايش.