1- بعضنا قد يكون دائماً محاطاً بالأهل والأصدقاء والزملاء لكنه لا ينفك يشعر بأنه وحيد وبعيد ومنعزل.. يسبق الجميع بخطوة أو يتأخر عنهم بخطوة.. لا يلتقي معهم على موجة واحدة قط.. ولا يسير معهم في سبيل واحد.. ولا ينظر معهم في اتجاه واحد أبداً.
2- الوحيد قد يكون فريداً أو شاذاً أو مشوهاً أو كبيراً أو صغيراً أو ذكياً أو غبياً أو مبدعاً أو مجنوناً أو طريداً للعدالة.. وفي كل الأحوال ينظر إليه الناس بريبة أو شفقة أو حذر.. ينأون بأنفسهم عنه لكنهم لا يكرهونه ولا يحبونه ولا يحتقرونه ولا يحترمونه.. يتعاملون معه بحياد.. لا يؤذونه لكنهم لن يساعدوه.
3- الوحيد غالباً يكون صامتاً سارحاً شارداً حالماً متخيلاً متوهماً.. قطعي الرأي مستبد الأحكام والظنون.. لا يسمع سوى صوته ولا يرى إلا نفسه.. ليس في قاموسه الجدل ولا يفهم الحوار فهو لا يتأثر بالخارج ولا يستجيب إلا لذاته وما في داخله فقط.
4- أن تكون وحيداً فمعناه أن تكون حزيناً مكتئباً منبوذاً هارباً وجلاً متوجساً مترقباً قلقاً متطلعاً منتظراً.. تسترق النظر وتتنصت على البعيد وتتسقط الأخبار وتثور في نفسك الشكوك.. وتجلد ذاتك أو تغرق في أوهام تخدع بها نفسك.. تؤول الأقوال وتفسر الأحداث وتبرر التصرفات وتحكم على الأمور بما يتفق مع مزاجك.
5- أن تكون وحيداً فهذا يعني أن تكون كئيباً في ملامحك ومُهْمِلاً في مظهرك وركيكاً في أفكارك ومهزوزاً في حضورك.. لذا يراك الآخرون ثقيلاً فلا يرحبون بك.. لأن المنطوي على نفسه المنزوي في بيته الذي يعيش وحده ولم يعتد الاختلاط بالناس إذا اختلط بهم يأتي بتصرفات غير معتادة كأن يجول ببصره في وجوه الحضور وزوايا المكان بنظرة المرتبك المفزوع.. يتكلم بانفعال فجمله قصيرة وإجاباته مقطوعة وردوده نزقة.. أو هو على النقيض صامت كأبي الهول يجول ببصره كأنه يلتقط الصور للناس والمكان.. كلامه مُقَطَّع وعبارته طويلة وجمله غير مترابطة كأنه يستدعي ردوده من الذاكرة القديمة.
6- أن تكون وحيداً قد تكون قارئاً دؤوباً وباحثاً مدققاً منتجاً.. سَخَّرت نفسك للبحث والتنقيب والتجريب والمحاولة.. وضحيت بعمرك طلباً للعلم والفكر والثقافة.. فأنت محظوظ ومجتمعك محظوظ معك.
7- أن تكون وحيداً يا صديقي فأنت أحد اثنين إما أن تكون قائداً.. أو تكون مصاباً بالوسواس القهري.