رغم تقاطع المصالح الأمريكية - الإيرانية التي تتجسَّد بصورة واضحة في العراق وأفغانستان، وحتى في لبنان وسوريا إلا أن قادة الحرس الثوري الإيراني الذي يُعد الذراع الطويلة للمرشد، ولي الفقيه علي خامنئي يقدمون أمريكا على أنها عدوهم الأكبر، رغم كل ما أعطتهم وما وفرته لهم من أرضية لتوسيع نفوذهم، وبالذات في المنطقة العربية.
يقول قائد التعبئة «الباسيج» العميد محمد رضا نقدي: «إن أمريكا باتت مركز الاستقطاب لكل الإرهابيين في العالم في الوقت الحاضر»، وقال أثناء ملتقى تعبئة المعلمين «إن غالبية المجموعات الإرهابية بما فيهم المنافقون - ويقصد هنا - «مجاهدي خلق» أكبر وأقوى منظمات المعارضة الوطنية الإيرانية والتكفيريين، وهم وفق منظوره «المنظمات السلفية والفصائل الثورية التي تُواجه نظام بشار الأسد ونظام نوري المالكي»، والمجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط تنعم حالياً بالدعم الأمريكي، في حين أن أمريكا تدرج في تقريرها السنوي قول نقدي هذا والذي تضمّن معلومة واحدة صحيحة هي إدراج اسم إيران ضمن التقرير السنوي للإرهاب، إلا أن دعم الأصوليين والمنظمات الثائرة على بشار والمالكي غير صحيح، فبعض هؤلاء يتواجدون في تلك القائمة، وهو إجراء سليم للأمريكيين فوجود داعش والنصرة إلى جانب إيران كداعميْن للإرهاب عين العقل وتوصيف صادق للواقع، إلا أن الذي يُجافي الحقيقة ولا يتوافق مع الواقع والمنطق، خلو التقرير من المنظمات الإرهابية التي ترعاها وتغذيها إيران كحزب حسن نصر الله والمليشيات الإرهابية الطائفية في العراق واليمن والبحرين وسوريا، بما فيها نظاما بشار الأسد ونوري المالكي.
نقدي، وغيره من رموز القمع والإرهاب يحاولون أن يغطوا على الصفقات والتوافقات غير المعلنة بين الأمريكيين والإيرانيين التي مكّنت لنظام ملالي إيران التمدد في المنطقة العربية، فعبر الاحتلال الأمريكي للعراق سُلّم هذا البلد العربي إلى نظام الملالي الذي أحكم سيطرته بمساعدة قوات الاحتلال الأمريكي التي عملت كأداة للإيرانيين للقضاء على المعارضة الوطنية العراقية التي يقودها أهل السنّة، ومهدت الأرض لسيطرة المليشيات والأحزاب الطائفية المرتبطة بنظام ملالي إيران، وفي سورية ورغم معرفة وعِلم الأمريكيين بأن الإيرانيين والمليشيات الطائفية العراقية واللبنانية تحارب في سورية لكسر إرادة السوريين وإجهاض الثورة الوطنية السورية، إلا أن الأمريكيين تقاعسوا عن مساعدة الثوار بسلاح نوعي يُوازن القوى بين الثوار والمعتدين من خارج الحدود.
كل هذا، وقادة الحرس الثوري من الباسيج وغيره يزعمون بأن أمريكا عدوهم الأكبر، وأنه يُمثّل مركز الاستقطاب لكل من يُعادي نظامهم.
قولٌ يُجافي الحقيقة، ولا يتبعه من يملك عيناً بصيرة حيث يرى العكس من ذلك تماماً، حلفٌ سري بين الطرفين حتى وإن تناثرت التعليقات والاتهامات.. فالنتائج وما يتجسَّد على أرض الواقع يُؤكد أن الإيرانيين والأمريكيين يسيرون لتحقيق هدف واحد وهو تشتيت العرب، ولا مانع أن يكون هذا الطرف تحت نفوذ الإيرانيين أو حلفائهم الآخرين غير المعلنين من ورثة الصفويين.