جميعنا نتساءل بين أنفسنا لماذا نرى قائد مركبة يلقي قاذوراته بالشارع غير مبالٍ بأي شيء؟.. لماذا نرى آخر يقف بأماكن غير مخصصة للوقوف بل أحياناً فوق الأرصفة وقرب أبواب المحلات؟.. إنها ليست مبالغة بل حقيقة. جميعنا نتساءل لماذا نرى حدائقنا يتم «تشويهها» وتخريبها عمداً من قبل بعض الناس؟.. ولماذا لا يتم احترام «الطابور» عند كاونترات المطار وحتى المقهى المجاور لمنزلك؟.
ألم نتساءل جميعاً لماذا يتم اقتحام مراكز بريد مكة لأجل تذاكر مجانية والصعود على الكاونترات؟.. ولماذا تم تكسير بوابة الدخول الخاصة بملعب الملك عبدالله الجديد المسمى بالجوهرة، وتكسير الكراسي حسب الصور المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي؟.. وقس على ذلك الكثير من المنشآت الحضارية التي يتم تشويهها وتخريبها عند افتتاحها، وأيضاً قس على التصرفات غير الحضارية لبعض الأفراد كالتفحيط وغيرها.
نعم نحن نعاني من مشكلة اجتماعية خطيرة تحتاج إلى تكاتف بين جهات عدة لأجل وطننا ولأجل التنمية ولأجل التقدم.
لأكون صريحاً.. إن هذه المشكلة ليس لها من حل وحيد، بل عدة حلول مجتمعة. سأركز في هذا المقال فقط على الجانب المهم حسب رأيي الشخصي، وهو الجانب النفسي والتأهيلي.
لست خبيراً في طب النفس، ولا حاجة لأكون كذلك لأجل الاعتراف بأن إنشاء مراكز متخصصة في التأهيل الحضاري هي من أحد الحلول المهمة والعاجلة لهذه المشكلة الاجتماعية .. إن العقوبات كالسجن والغرامات وأخذ التعهدات لا تحل المشكلة من جذورها. المقترح الذي أتمنى رؤيته هو مراكز تأهيلية للحياة الحضارية، يشرف عليه أطباء نفسيون وخبراء اجتماعيون وأكاديميون لأجل تأسيس أرضية حضارية لمعالجة وضع من هذه لتصرفاتهم .. آلية العمل والمدة العلاجية والإشراف وغيرها لابد أن تدرس جيداً من مختصين أكفاء لأجل الخروج بمراكز عالمية تليق بالإنسان وتطوره وتنميته.
جميعنا يعلم بأن المملكة متوجهة إلى الاقتصاد المعرفي وتنمية الإنسان أولاً قبل كل شيء، وهذا أمر لا ريب فيه، ولن يتم ذلك إلا بمعالجة هذه التصرفات، فهي توازي التعليم الأكاديمي في الأهمية، فلا فائدة من فرد يملك شهادة من أرقى الجامعات بينما يمارس سلوكاً غير متحضر.